حاجز شارع الشهداء

 

لم تعد تقوى عكاز الحاج أبو شعبان فنون على حمله وحاجيات منزله بعد اليوم، فالحاجز العسكري المغلق المقام على مدخل شارع الشهداء في قلب مدينة الخليل يفصله عن منزله ما مقداره ساعات من الانتظار وقوفاً، بانتظار أمر عسكري من جندي إسرائيلي يسمح له بالعبور بعد أن حمل معه القليل من الخبز وما يسد به رمقه وزوجته الحاجة أم شعبان.

فنون الذي يعاني من مشكلة صحية، إضافة إلى تقدم العمر، يجد صعوبة في الحركة والتنقل، ويقف عند مدخل شارع الشهداء مشاركاً بالاعتصام الذي تنظمه اللجنة الشعبية لأهالي شارع الشهداء، وتل رميدة من أجل تأكيد حقه بحرية الحركة والتنقل.

وقال: 'أنا مريض لا أستطيع سلوك الطرق الفرعية التي يمر منها أهالي الحي، لا أقوى على تسلق الجدران أو الالتفاف من منطقة جبل الرحمة. زوجتي أيضاً مريضة ولم تستطيع الذهاب إلى الطبيب'.

على امتداد بصرك لحظة وصولك إلى منطقة باب الزاوية، قلب مدينة الخليل وشريانها النابض، متأهباً الدخول إلى المنطقة الأمنية الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، تشاهد كاميرات المراقبة تترصدك، بالإضافة إلى فوهات البنادق للجنود المتمركزين على الحاجز العسكري الواقع عند مدخل شارع الشهداء المغلق منذ عام 1994 على إثر مجزرة الحرم الإبراهيمي، التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين بحق المصلين أثناء ركوعهم في صلاة الفجر.

الهيئة التدريسية في مدرسة قرطبة الأساسية المختلطة، تعاني من محاولة مستمرة لترهيبها عن طريق منع المدرسات من الوصول إلى المدرسة، أو تعطيل دخولهن المتكرر صباحاً بغية السيطرة عليها من قبل المستوطنين في البؤرة الاستيطانية التي تقابلها والمعروفة باسم 'بيت هداسا'.

إسلام صلاح، وخلود الطيطي، مدرّستان في مدرسة قرطبة تقفان منذ أكثر من ساعة تجادلان الجندي الذي يراقبهما من برجه المحصن، رامياً بقرار السماح للمدرسات وطلاب المدارس والحالات المرضية المتفق عليه من الارتباط العسكري والإدارة المدنية، عرض الحائط، مدعياً وصول قرار جديد بالمنع الكامل للجميع من العبور إلى المنطقة دون إبداء الأسباب.

إسلام التي تعمل في مدرسة قرطبة منذ أحد عشر عاماً، تقول: 'الطلاب يعانون دائماً من قلة التركيز، سواء أثناء الدروس أو خارج أسوار المدرسة. الخوف من أي حركة في محيط الصفوف الدراسية شكّل عند الطلاب عقبة تعليمة، وكمدرّسات نضطر في حالات كثيرة لقطع الحصة الدراسية والبدء في التفريغ النفسي للطلاب من أجل حملهم على التركيز، بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع التي توفرها التربية والتعليم لطلاب المنطقة لمساعدتهم على تجاوز الانتهاكات التي يتعرضون لها أثناء توجههم إلى مقاعد الدراسة يومياً.

سكان منطقة شارع الشهداء وتل الرميدة المحاصرون بمستوطنتي 'بيت هداسا' و'بيت يشاي' المقامتين في منازل المواطنين الفلسطينيين، الذين تم طردهم وتهجيرهم باستخدام كافة وسائل القمع والترهيب، من أجل تهويد المنطقة وتطهيرها عرقياً من سكانها الأصليين، ما زالوا يصارعون من أجل البقاء في منازلهم وتوفير الحد الأدنى لهم من سبل العيش الكريم.

محاولات الارتباط العسكري اليومية من أجل تسهيل عبور سكان المنطقة منذ لحظة إحراق الحاجر الإلكتروني بزجاجة حارقة في 21/11/2014 حسب ادعاءات الاحتلال، لم تلق رضا عند معظم سكان الحي. نقطة الربط الوحيدة بين المنطقتين الفلسطينية والإسرائيلية باتت مغلقة في وجه 250 عائلة فلسطينية، ورغم القرار القاضي بالسماح لطلبة المدارس والمدرسين بالعبور، إلا أن تذمر طلبة الجامعات والموظفين والتجار القاطنين في المنطقة واعتصامهم اليومي في ساعات الصباح الباكر، بالإضافة إلى ساعات العودة بعد الظهر، لم يشكل أي ضغط عند الجانب الإسرائيلي.

أهالي شارعي الشهداء وتل الرميدة وبمبادرة منهم نظموا اعتصاماً على مدخل شارع الشهداء، طالبوا فيه بإعادة فتح الشارع.

منسق تجمع شباب ضد الاستيطان عيسى عمرو، ورئيس هيئة شؤون الجدار والاستيطان زياد أبو عين، ومجموعة من المتضامنين الأجانب، وأهالي الحي وقفوا مقابل جنود الاحتلال يهتفون شعارات تطالب بإعادة فتح الشارع المغلق، رافضين قرار المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2006 القاضي باستمرار إغلاق الشارع، ومنددين بازدواجية المعايير المتبعة في النظام القضائي الإسرائيلي، وخضوع المحكمة للحجج الأمنية الواهية، بدلاً من الدفوع القانونية الواضحة، رغم إعلان المستشار القضائي لجيش الاحتلال عام 2006 وبعد تدخل 'جمعية حقوق المواطن' إنكاره إغلاق الشارع واعتبار هذا القرار خاطئا.

نقلًا عن "وفا"