أحد حقول النفط

 أكد عدد من المختصين الكويتيين اليوم ضرورة تكييف الاقتصاد الوطني وتحصينه امام تقلبات اسعار النفط التي تشهدها الاسواق حاليا او مستقبلا مشيرين الى اهمية التعايش مع الواقع الجديد للأسعار وللصناعة النفطية.

وقال هؤلاء في الندوة التي اقامها مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت بعنوان (النفط..إعادة التكيف) ان البلاد امام "فرصة" لترشيد الانفاق العام غير المبرر واعادة النظر في الدعم المقدم على بعض السلع والخدمات وتغيير ثقافة المجتمع الاستهلاكية.

واضافوا ان الفرصة مهيأة ايضا للاستثمار الامثل لتطوير الصناعة النفطية وايجاد قاعدة انتاجية متنوعة للاقتصاد الوطني يكون قوامها القطاع الخاص الكويتي.

من جانبه استعرض الخبير في شؤون النفط وممثل دولة الكويت لدى منتدى الطاقة الدولي محمد الشطي محاور عدة خلال الندوة تعلقت بأسباب هبوط اسعار النفط واتجاهاتها المستقبلية وبداية مرحلة التعافي ومعنى انخفاض الاسعار بالنسبة للميزانية العامة للدولة.

وقال الشطي ان قرار منظمة (اوبك) في اجتماعها الاخير في العاصمة النمساوية فيينا بالابقاء على معدلات الانتاج النفطي بالنسبة للدول الاعضاء "قرار جاء بالاجماع باعتبار ان أي قرار يصدر من المنظمة لا يتم الا بالتوافق الجماعي".

واضاف ان الدول النفطية الاعضاء في المنظمة على علم بأن الفائض في المعروض النفطي بالاسواق والذي ادى الى تراجع الاسعار والتأثير على ايرادات تلك الدول من النفط "آت من خارج منظمة (اوبك)" الا ان بعضا من الدول كانت تأمل بان تقوم السعودية وهي اكبر دولة مصدرة للنفط في المنظمة بخفض انتاجها.

وذكر ان بقاء اسعار النفط مستقرة عند مستوى 100 دولار للبرميل منذ عام 2010 الى مطلع عام 2014 تقريبا ادى الى وجود فائض من النفط في الاسواق نتيجة الدعم غير المباشر الذي ساهمت به مستويات الاسعار في انتاج النفط الصخري او الرملي الذي تبلغ كلفة انتاجه نحو 60 دولارا للبرميل لا سيما من الولايات المتحدة وكندا.

وافاد بأن الواقع الجديد الذي يحكم سوق النفط حاليا وسط المتغيرات الحالية هو زيادة انتاج النفط من خارج (اوبك) بمعدل مليون برميل من الولايات المتحدة الامريكية وبمعدل 200 الى 300 الف برميل من النفط الصخري من كندا وعدم تأثير العوامل الجيوسياسية كما في السابق على الاسعار ناهيك عن عدم وضوح الرؤية بالنسبة للمراقبين واصحاب القرار ازاء توجه الاسعار.

ورأى الشطي انه من الضروري ان تقوم دول منظمة (اوبك) بخفض انتاجها من النفط الخام بنحو مليون برميل يوميا العام المقبل سعيا نحو معادلة التوازن في السوق النفطية في وقت ستواجه بعض الدول الاعضاء والتي لها نفس نوعية النفط تحديات تنافسية تتمثل بمدى قدرتها على تسويق نفطها وبيعه للعملاء.

وتوقع ان تنخفض اسعار النفط الى مستويات تقارب 60 دولارا للبرميل في الفترة المقبلة الامر الذي سيحفز الطلب على النفط كما توقع ان يكون معدل سعر النفط للسنوات الخمس المقبلة سيتراوح بين 80 و85 دولارا للبرميل.

ودعا الشطي الى اهمية التعايش مع الواقع الجديد لاسعار النفط عبر انشاء بيئة عمل وثقافة محفزة لترشيد النفقات والمصروفات ومراجعة سياسات الدعم تدريجيا وتبني سياسة الاستهلاك بحسب نظام الشرائح والاسراع في تنفيذ المشاريع النفطية وغيرها من المشاريع التنموية والرأسمالية.

واكد اهمية تنويع مصادر الاقتصاد واستهداف ارقام واضحة عبر الاستراتيجيات الموضوعة والاستثمار بصورة جدية لرفع انتاجية العنصر البشري الوطني وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد والتوسع في استخدام تطبيقات الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء وصناعة البتروكيماويات وتطوير انتاج الغاز الطبيعي وتشريع القوانين لجذب الاستثمار الاجنبي.

من جهته قال رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية السابق عامر التميمي ان هنالك محددات سياسية واجتماعية يجب اخذها بعين الاعتبار عند تكييف الاوضاع الاقتصادية في الكويت مع اسعار النفط الحالية.

واضاف انه تم تكريس ثقافة الاقتصاد الريعي في العمل الاقتصادي بعيدا عن اتباع النماذج الناجحة والمثالية للدول النفطية مثل النرويج في وقت تعد الكويت من الدول النفطية المهمة في العالم نظرا لامتلاكها احتياطيا نفطيا يقدر بنحو 100 مليار برميل وتبلغ حصتها الانتاجية نحو 8ر2 مليون برميل يوميا.

وذكر ان تركيبة قوى سوق العمل تعاني من خلل واضح وذلك باعتماد الدولة على 82 في المئة من اجمالي قوى العمل على العمالة الوافدة في حين تشكل النسبة المتبقية قوى العمل الوطنية والتي يتكدس معظمها في القطاع العام بمساهمة انتاجية محدودة.

واكد اهمية الايعاز للقطاع الخاص بتبني توظيف المواطنين لديها حسب احتياجات العمل وذلك عبر "التخصيص واعادة النظر في هيكل الاقتصاد".

وبين التميمي ان التكيف مع اسعار النفط الحالية بحاجة الى "ارادة سياسية وتوافق مجتمعي" مشيرا الى ان سياسة الترشيد في الانفاق التي تدعو اليها الحكومة في الفترة الاخيرة تتطلب قبولا اجتماعيا وذلك لن يتم الا عبر الحوار المجتمعي للوصول الى قناعات حول استراتيجية العمل المستقبلية.