رام الله - فلسطين اليوم
أثار قرار إغلاق مؤسسة فلسطين الغد والتحفظ على حساباتها عدد من القيادات الفلسطينية والمراقبين والنشطاء والمواطنين , لما قدمته هذه المؤسسة الحديثة على مدار عام ونصف من العطاء يفوق بأضعاف ما قدمته مؤسسات مر على تأسيسها عشرات السنوات لعدد من الخدمات في كافة المجالات وخصوصا المشاريع الحيوية والتنموية وإستهدافها للمناطق المهمشة والمستهدفة من قبل الإحتلال الاسرائيلي في الأغوار والقدس وإقامة المشاريع التنموية ليتمكنوا من العيش ,ومساعدة عدد كبير من العائلات الغزية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة وتوفير بدل ايجار وسكن لها.
أسس ويرأس مجلس إدارة مؤسسة فلسطين الغد رئيس الوزراء الأسبق د.سلام فياض "والذي عرف بنزاهته في تولي مالية السلطة الوطنية الفلسطينية وعمله على تقليص المصروفات والحد منها، الأمر الذي أغضب قيادات في السلطة الفلسطينية, وكانت بداية الخلاف معه والتي امتدت لمحاربته"، هذا ما أكده أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح د عبد الستار قاسم ( أحد أبرز الذين انتقدوا وهاجموا سلام فياض فترة حكمه بكل قسوة وخشونة ) لافتا الى "أن السلطة الفلسطينية تلاحق شخص د.سلام فياض منذ أن كان على رأس عمله كوزير للمالية ومن ثم رئيسا للوزراء"، مشيرا الى أن جزءا من قيادات حركة فتح حاولوا اخراجه من السلطة مبكرا، قائلا: "د. فياض حاول ضبط عملية الإنفاق الأمر الذي لم يرض عددا كبيرا منهم".
وأضاف: منذ أن كان على رأس عمله والتهم توجه إليه وآخرها كانت تهمة "التحالف مع دحلان" ضد السلطة.
بينما رأى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب إلى أن المشكلة سياسية أكثر منها قانونية، مشيرا الى أنها مرتبطة في إطار النزاع الداخلي الفلسطيني والتحالفات الموجودة لدي السياسيين الفلسطينيين.
واستهجن القيادي البارز في حركة حماس وعضو المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح د. يحيى موسى العبادسة قيام السلطة الفلسطينية بهذا الإجراء، متهما مؤسساتها بالفساد ,وأنه لا يجوز لمؤسسة متهمة بالفساد أن تحارب الفساد مستندا على قاعدة ان السلطة غير مؤهلة للحكم على الفساد بسبب فساد مؤسساتها على حد قوله.
وإعتبر أن مؤسسات القضاء التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية مسيسة ولا يجوز لها الفصل أو اتهام مؤسسة بالفساد ,متهما قيادات داخل السلطة يعملون على تفكيك وحدة الشعب الفلسطيني.
بدوره، إنتقد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة د هاني البسوس ما قامت به السلطة الفلسطينية من إغلاق وتحفظ على أموال مؤسسة فلسطين المستقبل ,لافتا إلى أنها تتنافى مع القوانين، وأشار إلى أن أي إغلاق لأي مؤسسة يجب أن يكون بحكم محكمة وبشكل قانوني.
بينما اعتبر الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب قرار السلطة الفلسطينية بالتحفظ على أموال مؤسسة فلسطين الغد بأنه يحتاج إلى قرار قضائي والتحقق من صحة التهمة من عدمه أولا ,خصوصا أن القائم على المؤسسة عضو مجلس تشريعي فلسطيني د.سلام فياض.
وكان مصدر أمني قال موضحا " قرار التحفظ على حسابات شركة فلسطين الغد هو نتاج معلومات تم تقديمها للنيابة العامة حول إدارة مال سياسي في هذه الشركة"، مضيفا "الموضوع الآن في النيابة نتيجة شبهات ومعلومات حول إدارة المال لأهداف سياسية".
وتعقيبا على قرار السلطة قال د. هاني البسوس يجب على السلطة الفلسطينية أن تتخذ الخطوات القانونية والاستناد على الوثائق والأدلة قبل اتخاذ قرارات الاغلاق والتحفظ على الأموال.
وأوضح البسوس أن هناك العديد من المؤسسات لا تستطيع أن تتعامل بشكل مباشر مع السلطات الحاكمة حتى في بلدانها نظرا لأن أهدافها إنسانية بحتة، مؤكدا على ترك المؤسسات تعمل وفق آلية رقابة متفق عليها.
وفي ذات السياق، أكد جهاد حرب على أن الإجراءات التي تتخذ يجب أن تكون مدعومة بأدلة ومستندات ولا تستند على معلومات.
وأشار الى أن هذه المؤسسات تقوم بدورها في اطار مشاريع لا تستطيع السلطة الفلسطينية القيام بها نظرا لالتزامها باتفاقية اوسلو ,منوها على أن هذه المؤسسات هي من تقوم بتغطية هذا الجانب.
من جهته اوضح الناشط الشبابي أسعد العوينات أن المعلومات ليست كافية لكي تكون دليلا ضد مؤسسة ,لافتا إلى أن الأمر يحتاج إلى أدلة وإثباتات ووثائق من أجل توجيه التهم.
ونوه العوينات إلى أن مؤسسة "فلسطين الغد" تعتبر من المؤسسات الوطنية بالدرجة الأولى ,لافتا إلى أنها تحارب الفقر وتتصدى لمصادرة الأراضي وتعمل على إقامة المشاريع التنموية في المناطق الحدودية والمهمشة.
وعن تهمة إدارة المال لأهداف سياسية أكدت الناشطة الشبابية أمل زهيرات على أن مؤسسة فلسطين الغد لم يمر عامين على تأسيسها، ونشاطها فاق المعتاد لأنها مؤسسة نزيهة بالدرجة الأولى وتهتم بالفقراء واقامة المشاريع التي تخدمهم وهذا ما تم فعليا في الأغوار والمناطق المستهدفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأيضا الأراضي المهددة بالمصادرة ,مما أصبح يؤثر بشكل أساسي على عدد كبير من المؤسسات التابعة لبعض القيادات المتنفذة بالسلطة الفلسطينية، مشيرة الى أن إسقاط المؤسسة أصبح قاب قوسين بالنسبة لهم، خصوصا في ظل تدني شعبية حركة فتح وصعود أسهم الحركات الشعبية المقاومة.
وبالإشارة الى تبعيات وآثار إغلاق المؤسسات التنموية النشطة أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح د عبدالستار قاسم على أنها خسارة بالدرجة الأولى للشعب الفلسطيني ومؤسساته ,لافتا إلى أن إيقافها سيعمل على توقف الأعمال الخيرية.
بينما إعتبر د. هاني البسوس إغلاق المؤسسات يؤثر بالدرجة الأولى على الجانب الإقتصادي وحجم المساعدات التي تقدم للمواطنين ,مشيرا الى أن السلطة الفلسطينية ومؤسساتها ووزارة الشؤون الاجتماعية لا يستطيعون بالايفاء بكامل الاحتياجات ,وأن تلك المؤسسات تقوم بنوع من تكملة الأدوار للنهوض بالمجتمع الفلسطيني.
من ناحيته أشار الكاتب جهاد حرب الى أن الخوف بات أكبر من أن تصبح مؤسسات المجتمع المدني عرضة للتوظيف وخصوصا المؤسسات التي تعمل في المجالات الحقوقية، لافتا الى ان العديد من مؤسسات المجتمع المدني باتت تتخوف من العمل في هذه المجالات.
يشار إلى أن مؤسسة فلسطين الغد نفذت أكثر من مئة مشروع بكلفة 6.2 مليون دولار خصصتها للمشاريع التنموية في المناطق الأكثر استهدافا من قبل الاحتلال الاسرائيلي في القدس والأغوار وغزة من أجل تمكين المواطنين وتعزيز صمودهم على الأرض.