مدريد - كونا
بحث المشاركون في المنتدى الاقتصادي الأ ولللصيرفة المالية الإسلامية عددا من القضايا الصيرفية الأساسية أهمها سبل وتحديات الصيرفة المالية الإسلامية في اوروبا ومزاياها ونقاط اختلاف عملها عن البنوك التقليدية.
ودعا المشاركون في المنتدي في يومه الاول امس الى اهمية دعم وتسويق الانتشار المتنامي للصيرفة المالية الاسلامية في عدة دول أوروبية على رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وسويسرا ولوكسمبورغ.
وقال المدير العام لشركة خدمات التمويل الإسلامي وخدمات الضمان (أي أف أيه أيه إس) محمد فروخ رازا ان الصيرفة الإسلامية تتمتع بخصائص تختلف عن المخاطر في البنوك التقليدية بالاضافة الى عدم تأثرها بالأصول السلبية أو بالأزمات الاقتصادية كالتي عصفت بعدد كبير من الدول في 2008.
وذكر رازا ان الهدف ليس استبدال تلك البنوك التقليدية بالصيرفة الاسلامية وإنما استكمالها بنظام يتمتع برؤى مختلفة تدفع بالتنمية الاقتصادية خاصة مع تنامي ثراء الدول التي تعتمد ذلك المنهج وعدم تأثرها بالأصول السلبية فضلا عن التغيرات في العلاقات بين المستثمرين والمستهلكين سواء من المسلمين أم من غيرهم. وعن التحديات التي يواجهها تبني أنظمة مالية وفق الشريعة الإسلامية في الدول الأوروبية قال "ان المفاهيم السلبية حول الدين الإسلامي وكل ما هو مرتبط بالإسلام والمسلمين تعد عائقا في وجه تقبل الافراد تلك الانظمة المالية" مشيرا الى ان تصحيح ذلك يتطلب جهدا كبيرا واستراتيجيات مدروسة.
واعتبر ان الافتقار للرغبة السياسية والرؤى المستقبلية الواضحة لدى بعض الدول احد اهم التحديات مشيرا في هذا السياق الى "اخفاق فرنسا في توسيع قاعدة سوق الصيرفة المالية الإسلامية لافتقارها إلى استراتيجية واضحة وواقعية على النقيض تماما من بريطانيا التي اعتبر انها مثال نجاح في هذا المجال".
واشار كذلك على ضعف إلمام من قبل أصحاب المصالح والمواطنين من المسلمين وغيرهم بمزايا الصيرفة المالية الإسلامية وأهميتها وقدرتها على مجابهة التغييرات الاقتصادية العالمية في الوقت الراهن فضلا عن ضرورة إعادة تكييف تشريعات الدول وقوانينها لتتلاءم مع احتياجات المصارف الإسلامية ومتطلباتها. ولفت في هذا السياق إلى مسألة ضآلة رأس المال البشري من المتخصصين والخبراء بنظام الصيرفة المالية الإسلامية والمشكلات اللغوية التي تتمثل بضرورة تكييف المصطلحات العربية وترجمتها المناسبة الى اللغات الأخرى.
وعن الحلول شدد رازا في كلمات اتفق عليها عدد من المشاركين على ضرورة تبني النظام المصرفي الإسلامي كخيار مكمل اختياري يتمتع بدعم قانوني إلى جانب تحديد خطط عملية لاستقطاب الاستثمارات الإسلامية وتبنى رؤى مستقبلية مشتركة.
واكد ضرورة تطوير رأس المال البشري وتعزيز الاستثمار في التطوير والأبحاث وتبني استراتيجيات لتعزيز التواصل بين الحكومات والافراد.
واعتبر المشاركون من رؤساء تنفيذيين لشركات وهيئات دولية وبنوك محلية وأساتذة أكاديميين ان الاسواق المالية لا شأن لها بالمفاهيم السلبية حول الدين الإسلامي مشددين على ان الأسواق المالية لا تنظر إلى الدين الإسلامي كما قد ينظر إليه من قبل بعض شرائح المجتمع بل ترى في الشريعة الإسلامية نظاما أثبت نجاحه وجدارته على مر السنين.
وقالوا ان الدول الأوروبية تتمتع اليوم بفرصة للاستفادة من المزايا التي تقدمها الصيرفة الإسلامية لاسيما اجتذاب الاستثمارات والمستثمرين الجدد وتحسين العلاقات مع الدول الأخرى مشددين في الوقت نفسه على ان تلك المشاريع يجب أن تتمتع بقاعدة مدروسة وقابلة للتطبيق لا تهدف إلى استقطاب الاستثمارات فحسب.
من جانبه استعرض رئيس التمويل الإسلامي العالمي لدى وكالة (ستاندرد آند بورز) للتقييم الائتماني محمد داماك آلية عمل الصكوك الإسلامية والاختلافات الشرعية والقانونية مقارنة بالسندات السيادية للدول من خلال المزايا والمخاطر التي يتمتع كل منهما بها وتأثيرهما على اقتصادات الدول.
فيما سلط الاستاذ في جامعة (اوتونوما) المدريدية لاموث فيرنانديز الضوء على المسؤوليات الاجتماعية للبنوك في اسبانيا والتبعات الكارثية لبعض الممارسات وسوء استخدام المعلومات على المجتمع وعلى الافراد معتبرا ان كثيرا من تلك الممارسات تعد جرائم مصرفية تفتقر إلى عنصر الالتزام الأخلاقي والديني الذي تتميز به المصارف الإسلامية.
ودعا فيرنانديز إلى ضرورة مراقبة المصارف والبنوك التقليدية ومعاقبتها بشكل صارم فضلا عن تغيير التشريعات لردعها عن ارتكاب مزيد من الجرائم وحث المسؤولين والخبراء في مجال الصيرفة المالية الاسلامية على المساعدة بتقديم الحلول لتلك المشكلات.
ومن جانبهما ركز مدير التمويل والعلاقات المؤسسة في شركة (استثمر في اسبانيا) أدريان بلانكو ومدير شركة (كوفيدس) الاسبانية للتمويل للتنمية فيرناندو أثينيا على العلاقات الاستثمارية بين اسبانيا والدول الإسلامية ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص مشيدين بتطور التعاون خلال السنوات الماضي.
وشدد الطرفان على ان اسبانيا تتمتع بالبنى التحتية اللازمة لتبني نموذج الصيرفة المالية الإسلامية وهي التي تحتضن أكثر من مليون مسلم معتبرين ان اسبانيا قد تكون جسرا لنقل ذلك النموذج إلى أمريكا اللاتينية والتي تعد ثاني أكبر مستثمر في تلك المنطقة.
واتفق المشاركون في المنتدى على ان اسبانيا مازالت تتخذ الخطوات الأولى نحو تطبيق نظام المصارف الإسلامية وخدماتها حيث انها تفتقد بشكل كامل للعنصر البشري والخبراء الناطقين باللغة الاسبانية في ذلك المجال علما بان اسبانيا ليس فيها أي مصرف إسلامي أو بنك تقليدي يقدم خدمات مصرفية إسلامية.
يذكر ان المنتدى الذي أطلق أعماله أمس في مدريد تشارك فيه دولة الكويت ممثلة ب (بيت التمويل الكويتي) والبحرين والسعودية وقطر الى جانب ممثلين من ماليزيا والبنك الاسباني المركزي وسوق الأموال الاسباني فضلا عن عدد كبير من الخبراء الدوليين والباحثين الأكاديميين