قطاع الفنادق

تصاعد نمو البحرين بنسبة 17 في المائة خلال العام الماضي بمجموع إيرادات بلغت 228 مليون دينار، وذلك نظراً للجهود البحرينية المتواصلة لجعل المملكة نقطة جذب رئيسية للسياحة في المنطقة، والذي تصاعد نموه بنسبة 17 في المائة ، وهي جهود تتكامل مع توجيهات الحكومة البحرينية من ناحية تنويع مصادر الدخل الوطني ووضع وتجسيد رؤية البحرين الاقتصادية المستقبلية 2030 على الأرض.

وسجل الناتج الاجمالي المحلي خلال الربع الأخير للعام 2014 نمواً بنحو 4 في المائة بالأسعار الثابتة مقارنة بالفصل السابق من عام 2013، وذلك حسب تصريحات أخيرة لرئيس الجهاز المركزي للمعلومات، الذي اعتبر أن الآفاق الاقتصادية لمملكة البحرين وعلى المدى القريب تظل إيجابية، سيما على صعيد نمو القطاعات غير النفطية، التي سجلت زيادة تناهز بين 6.7 و9.4 في المائة بالأسعار الثابتة وبنسبة 29.5 في المائة بالأسعار الجارية، وذلك في إشارة إلى نجاح الإجراءات المتخذة على صعيد تنمية وتنويع الأصول والموارد الوطنية، ومنها قطاع السياحة والخدمات، حيث لوحظ ارتفاع في نشاط البناء والتشييد بواقع 12.5 في المائة، وكذلك النقل والاتصالات بزيادة تساوي 9.4 في المائة ، وفي الصناعة التحويلية بنسبة 7.6 في المائة .

كما زاد نمو إجمالي عدد العمالة في البحرين خلال عام 2014 بنسبة 3.1 في المائة، أي ما يقدر بـ156.3 ألف بنهاية الربع الرابع من العام الماضي مقارنة بنحو 155 ألف في نفس الفترة من العام الماضي، ما يؤكد نمو السوق المحلية أيضاً، ودخول استثمارات جديدة أدت إلى زيادة الطلب على العمالة، وذلك حسب تصريحات أخيرة لوزير العمل، الذي أكد قدرة اقتصاد البحرين على خلق فرص عمل للمواطنين، ونجاح مشروع توطين بعض المهن ومنها مهن الفندقة والضيافة، ونجاح الجهود المبذولة لتوظيف العاطلين عن العمل، سيما في القطاع السياحي باعتباره قطاعا ناشئا جاذبا للوافدين لسوق العمل.
وكان لقطاع السياحة والفنادق نصيب لا بأس به من التطورات التي شهدتها القطاعات الاقتصادية غير النفطية في المملكة خلال العام 2014، وتأكد ذلك بعد انتقال شؤون السياحة من وزارة الثقافة وإلحاقها بوزارة الصناعة والتجارة، باعتبارها موردا اقتصاديا رئيسيا يستوجب ضمه للنشاطات الاقتصادية المنتجة وللقطاعات المدرة للدخل، وذلك بجانب الصناعات والمؤسسات التجارية الأخرى.

وقد عبر ذلك عن اهتمام الحكومة البحرينية بكل ما من شأنه تعزيز قدرة هذا القطاع ليس فقط على قيادة قاطرة النمو في المرحلة المقبلة من مراحل العمل الوطني، وإنما أيضا على خلق فرص عمل واسعة للمواطنين تسهم في زيادة أعداد البحرينيين العاملين بالقطاع بشكل أكبر، واجتذاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل بجانب القطاعات الخدمية الأخرى، التي باتت البحرين تتمتع بميزة تنافسية فيها.
وواقع الأمر، أن جملة هذه التطورات الأخيرة أكدت على عدد من الأهداف التي تسعى البحرين إلى تحقيقها من وراء الاهتمام بمقومات وموارد القطاع السياحي والفندقي .

أولها: ضمان تركيز الجهد الحكومي بحيث ينصب في مسارات محددة بعيدا عن التشتت أو الإنتشار، ولعل الربط هنا بين وزارة التجارة والصناعة وبين القطاع السياحي، دليل على ذلك، خاصة أن الوزارة هي المسؤولة عن تنمية الاقتصاد وتعزيز النشاط الصناعي والتجاري والخدمي وتشجيع وترويج واستقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية في الأنشطة الإنتاجية كافة وتوفير البيئة المناسبة لها للانطلاق وإيجاد قطاع خاص تنافسي ومتنوع يسعى للاستمرارية، كما يندرج تحت مظلتها هيئة البحرين للمعارض والمؤتمرات، التي تعتبر أحد أهم محركات القطاع السياحي، والذي ينمو بوتيرة متصاعدة بلغت نسبتها 19 في المائة خلال الفترة من 2008 وحتى 2013، كما يشكل حوالي 3 إلى 4 في المائة بين القطاعات الأخرى في الاقتصاد البحريني.

ثانيها: تأهيل القطاع وتزويده بالاحتياجات اللازمة وتعزيز قدراته بما يتوافق مع المعايير والاشتراطات الدولية المتبعة في هذا الشأن، ولعل من أبرز البراهين الأخيرة التي اتخذت في هذا الشأن افتتاح المنشآت والمرافق السياحية والفندقية الكبيرة، الربط بين الفعاليات والمهرجانات التي تستضيفها المملكة بفكرة اقتصادية، سيما منها ذات الطابع التجاري والصناعي، مع روح الثقافة والهوية البحرينية. وكذلك تنوع المقومات السياحية التي تتميز بها المملكة من متنزهات ومطاعم ومجمعات تسوق ومحال تجارية وغير ذلك، وتوافر المرافق الجاذبة لكافة الفئات والشرائح السياحية والجنسيات العربية منها والأجنبية، من أسعار وخدمات متنوعة وعديدة، والعروض الترويجية الكبيرة والضخمة التي تقدمها، وهي الخدمات التي لها قيمة مضافة عالية على الاقتصاد الوطني.

علاوة على ما اُتخذ من إجراءات مؤخرا من قبيل وضع التصنيف الجديد للفنادق عوضاً عن القيام بعملية التصنيف حسب المعايير التي كان يسير عليها كل فندق منفردا، والذي وضع بالتعاون مع خبراء من منظمة السياحة العالمية، وذلك للدفع بجودة الخدمات الفندقية المقدمة، وهو التصنيف الذي اعتبر نظاما متكاملا يربط بين قطاع السياحة والإدارات المنظمة للفنادق داخل المملكة، وكان له أكبر الأثر في انتعاش الحركة السياحية في البحرين خلال الربع الأخير من العام الماضي، الذي شهد معدلات إشغال عالية تراوحت بين 90 و100 في المائة في بعض الفنادق.

ثالثها: رسوخ قدم البحرين في استضافة الفعاليات الترويجية المختلفة، خاصة الضخمة منها، والتي باتت تضارع كبريات المدن العالمية الشهيرة في تنظيم واستضافة مثل هذه المناسبات، ولعل من بين أهم هذه الفعاليات: معرض البحرين الدولي للطيران وأثره في زيادة صفقات وحركة الطيران الإقليمي والعالمي، وربيع الثقافة الذي تجري فعالياته الآن، ونجح في دعم قطاع الضيافة والفندقة البحريني، وكذلك الفورميلا ون، مع قرب انعقاد الجولة الجديدة لسباق جائزة البحرين الكبرى، وهي الفعالية التي جعلت من البحرين موطن لرياضة السيارات في الشرق الأوسط، وتدفع بالنشاط والحركة الاقتصادية عامة، والتجارية والسياحية بشكل خاص، إلى أوجها، وذلك بالنظر إلى نسب الإشغال الفندقي والرواج التجاري الذي تشهده البلاد خلال فترة إجراء السباق.

ولا شك،أن جملة هذه الفعاليات تضع البحرين كواجهة وقبلة لصناعة واستضافة وتنظيم المعارض والمؤتمرات والفعاليات الدولية المختلفة ومحط أنظار الزوار من الدول كافة، وهي الفعاليات التي لا تعود فائدتها وجدواها على قطاع الفنادق أو المجمعات التجارية أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو المقاهي فحسب، التي تزداد مبيعاتها في هذه الفترة، وإنما تشمل جميع القطاعات الاقتصادية، سيما منها ذات القيمة المضافة، التي تثبت جدارة البحرين وبنيتها الأساسية من طرق واتصالات ومنشآت وغير ذلك في احتضان أكبر الأحداث العالمية وإخراجها بالصورة التي تأمل معها القيادة الرشيدة رفع ترتيب البحرين ضمن الدول المعروفة بقدرتها على اجتذاب السياحة الإقليمية والعالمية إليها.

يذكر أن هذه النجاحات التي تحققت على صعيد قطاع السياحة والفندقة والضيافة، التي جعلت من البحرين مركز جذب للسياحة العائلية الخليجية، ليست منبتة الصلة عن النجاحات الاقتصادية الأخرى، التي عززت من مكانة البحرين كمركز نمو إقليمي صاعد، ومن بين أبرز الدلائل التي تؤكد على ذلك وصول الاقتصاد الوطني من المرتبة الـ25 طبقا لمؤشر الحرية الاقتصادية عام 2006 إلى المرتبة الأولى إقليميا وخليجيا و18 عالميًّا عام 2015 من أصل 178 دولة على مستوى العالم وفقًا لتقرير مؤسسة هريتدج الأمريكية، والمرتبة 44 بالنسبة للقوة التنافسية لاقتصادها من بين 144 دولة حسب منتدى "ديفوس"، والأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على صعيد الخدمات المالية والصيرفة الإسلامية بقيمة موجودات تبلغ 47 مليار دولار أمريكي، والأقل من حيث معدلات التضخم، حيث سجلت البحرين ثاني أقل دولة خليجية في معدلات التضخم، وذلك بنسبة 2.5 في المائة حسب النشرة الصادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في نوفمبر 2014.

كما أن المملكة شغلت المركز الثاني عربيًا والسابع عالميًا في مجال سهولة إصدار تراخيص المشاريع الاستثمارية وفقًاً لتقرير البنك الدولي، هذا مع استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية إليها، التي بلغت 989 مليون دولار عام 2013 بزيادة بنسبة 11 في المائة عن عام 2012، وتشعب علاقاتها التجارية مع دول العالم كافة بعد عقد أكثر من 65 اتفاقية للتجارة الحرة وحماية للاستثمارات وتفادي الازدواج الضريبي، ناهيك بالطبع عن استقرار معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسب تتراوح يبن 5 إلى 8 في المائة بالرغم من تفاقم التوترات الجيو ـ سياسية في المنطقة، وتقلبات أسواق المال والنفط العالمية، وانخفاض نمو الاقتصاد العالمي عموماً.

لقد كان وما زال الملف الاقتصادي بقطاعاته المختلفة، سيما منها غير النفطية، والسياحية على رأسها، الشغل الشاغل وموضع اهتمام الحكومة البحرينية، باعتباره أحد أهم معايير قياس مدى وحجم التطور الذي لحق بحياة ومستوى رفاهية المواطن البحريني، وتجسيد حقيقي لمتطلبات وأهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي صدرت في أكتوبر 2008، واستراتيجية الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي تلتها، وهدفت إلى نقل الاقتصاد الوطني من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالميا، وبما يضمن حياة أفضل لكافة المواطنين البحرينيين.