غزة_ عبد القادر محمود
شهدت أسواق قطاع غزة، ركودًا في الحركة الشرائية، شملت جميع مستلزمات العيد، لهذا العام، الأمر الذي رأى فيه المراقبون نتيجة لما يتعرض له القطاع من حصار اقتصادي وسياسي، منذ أعوام عدة، محذرين من مخاطر استمرار هذا الركود.
وتمثل أيام ما قبل العيد، موسم رزق كبير للتجار والبائعين، في جميع بلاد المسلمين، عمومًا، وفي قطاع غزة خصوصًا، حيث يتسارع سكان قطاع غزة؛ لشراء ملابس جديدة لأطفالهم، وشراء حلو وبعض المكسرات والمشروبات تجهيزًا لاستقبال الضيوف، طيلة أيام العيد.
ولم تعد الفرحة لحلول عيد الأضحى المبارك، كما سابق عهدها التي كانت فيه الفرحة، قبل أسابيع، فلا تكاد ترى مظاهر للعيد في الأيام الماضية، كما كل عام، ولم تشهد الأسواق حركة تجارية، سوى لقلة، ممن آثروا شراء ثيابًا جديدة، حيث يمر القطاع، هذا العام في ظروفٍ استثنائية لا تختلف كثيرًا عن الأعوام الماضية؛ لكنها اشتدت حُلكة، نتيجة لتزايد الأزمات وتفاقهما، وإيجاد أزمات جديدة، مرتبطة مع أزمات قديمة، كالأزمة المالية، الكهرباء، المياه، المحروقات.
واشتكى التجار وأصحاب المحال التجارية من انعدام الحركة الشرائية، وأوضحوا أنّ هذا العام، الأسوأ منذ أعوام، حيث لا تبدو ملامح للعيد.
وأبرز أبو أحمد، أحد تجار غزة: "كنا نأمل أن تنشط الحركة آخر يومين، قبل العيد؛ لكنها لم تنشط بتاتًا، فبالكاد تبدو فارغة، عدا قلة ممن آثروا الشراء، ويجادلوننا في ثمن القطعة، فبعضهم لو قدمتها له مجانًا لن يوفرها، ما يعكس سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي للسكان".
ولم يخف أبو أحمد، تخوفه من أن تلحق به الخسارة، نتيجة تكدس البضائع لديه، في ظل الحركة الشرائية الضعيفة للمواطنين، معربًا عن أمله أن تتحسن أوضاع الغزيين المالية، وحالة الشكوى والتذمر لم تقتصر على أصحاب المحلات فقط؛ بل طالت المواطنين العنصر الأساسي في عملية الحركة الشرائية، فالمواطن محمد غالب يتجول في سوق الشيخ رضوان، عله يجد شيئًا يشتريه بسعر يتناسب ووضعه الاقتصادي، خصوصًا في ظل ارتفاع الأسعار.
ويشتكي غالبا من سوء الأوضاع الاقتصادية، لا سيما أنّه أحد موظفي قطاع غزة، ويقول "العيد يتطلب مستلزمات كثيرة، لكن ما نأخذه من الرواتب لا يكفي لسد جميع الحاجات"، أضاف غالب الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد: "لم أتمكن من شراء الملابس لأطفالي، كما في السابق"، معربًا عن أمله أن تتحسن الأوضاع وأن يتقاضى راتبا كاملًا على نحو دوري شهريًا.
من جهتها، أكدت المواطنة أم قاسم، أنها في هذا العيد، ستضطر إلى أن تلبس أبنائها الصغار ملابس المدرسة لعدم مقدرتها على شراء ملابس جديدة لهم، قائلة: "ثلاثة مواسم خلال شهرين لا حيلة لفقراء القطاع في مجاراتها وهي عيد الفطر وبدء المدارس وعيد الأضحى".
بدوره، بيّن المحلل الاقتصادي سيف الدين عودة، أن الحركة الشرائية في الأسواق مرتبطة وحجم دخل الفرد، والمرهون مع صرف رواتب الموظفين، وفي حال تأخر الرواتب تشهد الأسواق حالة من الركود، لافتًا إلى أنّ إغلاق المعابر واستمرار الحصار الاسرائيلي على غزة، وقلة رواتب الموظفين، أحد أهم العوامل الرئيسة المؤثرة على الحركة الشرائية، مشيرًا إلى أنها تدفع المواطن لشراء الحاجيات الأساسية فقط.
وأشار إلى أنّ الراتب الذي يصرف للموظفين، في هذه الأيام يعادل تقريبا 50%، أي نصف الدخل الأصلي، ما يعني أنه لن يكفي لشراء جميع اللوازم، لاسيما وأن بعض أموال الراتب تكون نفقات شهرية، وأخرى لسداد الديون، وبعيدًا عن الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه سكان القطاع؛ يبقى الأطفال المتضرر الأكبر في ظل واقع معيشي مرير ولد لديه الحرمان وتسبب في حسرة ذويهم الذين ما فتأوا يدعون الله لأن يبدل الحال إلى أفضل مما كان.