واشنطن ـ فلسطين اليوم
تخلت شركة "آنت فاينانشيال" الصينية لأنظمة الدفع عبر الأجهزة المحمولة عن خطتها للاستحواذ على شركة "مني جرام" الأمريكية، بعد اعتراض لجنة حكومية أمريكية على الصفقة المقترحة لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأمريكي وبحسب "الألمانية"، فإن الصفقة التي تقدر قيمتها بنحو 1.2 مليار دولار تعد الأحدث في سلسلة المحاولات الصينية الأخيرة للاستحواذ على شركات أمريكية بسبب اعتراض لجنة الاستثمار الأجنبي الأمريكية، في ظل تزايد المخاوف من تنامي النفوذ الصيني في قطاعات أمريكية حيوية مثل قطاع التكنولوجيا المتقدمة.
وقال إليكس هولمز الرئيس التنفيذي لشركة "مني جرام" في بيان صحافي إن الظروف الجيوسياسية تغيرت بصورة كبيرة، منذ أعلنت شركته و"آنت فاينانشيال" الاندماج المقترح في العام الماضي.
وأضاف هولمز أنه: "رغم بذلنا أقصى الجهود في التعاون مع الحكومة الأمريكية، اتضح الآن أن لجنة الاستثمار الأجنبي الأمريكية لن توافق على صفقة الاندماج"وشركة "آنت فاينانشيال" هي جزء من مجموعة خدمات الإنترنت الصينية العملاقة "علي بابا جروب" وتدير منصة "علي باي" أشهر منصة للدفع الإلكتروني عبر الإنترنت في الصين، ويستخدمها نحو 520 مليون مستخدم، وتليها منصة "وي شات باي" المملوكة لمجموعة "تينسنت" المنافسة.
وكان جاك ما مؤسس مجموعة "علي بابا" قد قال في كانون الثاني (يناير) الماضي قبيل تنصيب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة، في مقابلة مع ترمب إن المجموعة ستوفر مليون وظيفة جديدة في الولايات المتحدة من خلال مساعدة الشركات الصغيرة والمزارعين الأمريكيين في بيع منتجاتهم عبر الإنترنت في الصين.
في المقابل فإن إدارة البيت الأبيض أعربت عن قلقها من انتقال التكنولوجيا المتقدمة من الشركات الأمريكية إلى الصين، في الوقت الذي يدفع فيه ترمب في اتجاه صفقات تجارية في قطاعات مختلفة بهدف تقليل العجز التجاري لبلاده مع الصين.
ويعتبر رفض هذه العملية للاندماج بين المجموعة الأمريكية ومجموعة رجل الأعمال الصيني جاك ما، مؤشرا جديدا إلى النهج الصعب على الصعيد التجاري والتنظيمي لإدارة الرئيس دونالد ترمب مع الصين ويشرف على "آنت فاينانشيال" رجل الأعمال جاك ما، مؤسس "شركة علي بابا"، وهي تستثمر خدمات الدفع على الإنترنت وأجهزة الهاتف النقالة، وكانت تنوي التوسع دوليا من خلال شراء شركة "مني جرام" في دالاس المتخصصة في تحويل الأموال إلى الخارج، ويعمل في هذه الشركة الأمريكية نحو 1300 موظف.
وتقوم لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، وهي هيئة متعددة الوكالات تحت إشراف وزارة المال الأمريكية، بالتدقيق في عمليات الاستحواذ الأجنبية ويمكنها عرقلتها لأسباب تتعلق بالأمن القومي وانتقدت وزارة الخارجية الصينية بطريقة غير مباشرة هذا الفيتو، مذكرة بأن تعاونا اقتصاديا صينيا-أمريكيا "قائما على الاحترام المتبادل" يخدم مصالح البلدين وأوضح غينغ شوانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: "نأمل في أن تتمكن الولايات المتحدة من إيجاد بيئة ملائمة للمؤسسات الصينية التي تريد الاستثمار فيها".
وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، وبناء على توصيات لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، عارض الرئيس ترمب شراء مجموعة يملكها مساهمون صينيون وصندوق "كانيون بريدج فاوند للاستثمار" مصنع "لاتيس سيميكونديكتر كوربوريشن" لأنصاف الناقلات وتذرع ترمب "بخطر على الأمن القومي" على صلة بعمليات التحويل المحتملة للملكية الفكرية حول أنصاف ناقلات، وأعربت بكين على الفور عن قلقها العميق، منتقدة استخدام الفيتو لغايات "حمائية".
وفي حالة شراء "مني جرام"، كان لدى السلطات الأمريكية كما تفيد معلومات صحافية، هواجس تتعلق بسلامة المعلومات الشخصية ومراقبة المعاملات حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب إلا أن دونالد ترمب كان قبل سنة إلى جانب جاك ما، واصفا إياه بأنه "واحد من أفضل رجال الأعمال في العالم"، وكان جاك ما الذي استقبله ترامب في كانون الثاني (يناير) 2017 باحتفالية كبيرة في نيويورك، وعد بأن يستحدث بطريقة غير مباشرة "مليون فرصة عمل" في الولايات المتحدة"، لكن هذا الوعد لم يتحقق.
وحققت الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة تقدما كبيرا في السنوات الأخيرة، وبلغ مجموعها 46 مليار دولار في 2016، فيما كانت بكين تشجع مؤسساتها على تأمين تكنولوجيات وأسواق جديدة في الخارج لكن واشنطن أبدت منذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض مزيدا من التحفظ حيال الاستحواذات الصينية، وانتقد ترمب خللا في المبادلات التجارية الصينية، وتكثف الولايات المتحدة تحقيقاتها حول الممارسات التجارية للنظام الشيوعي المتهم بالاستفادة من مؤسساته.
وتبقى مشاريع شراء صينية أخرى في الولايات المتحدة معقلة للنظر فيها من قبل لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، ومنها استحواذ شركة "أوشنوايد هوزلدينغس" الصينية على شركة "غينورث فاينانشيال" الأمريكية للتأمين بـ 2.7 مليار دولار، وتم الكشف عنها في تشرين الأول (أكتوبر) 2016.