لندن - فلسطين اليوم
وجدت تيريزا ماي رئيسة وزراء المملكة المتحدة نفسها في وضع صعب، إثر رفض أوروبا بنودا أساسية في خطتها للخروج من الاتحاد، ما عزز احتمال خروج قاس من الاتحاد وكذلك الدعوات لإجراء استفتاء ثان على "بريكست" وما كادت ماي تنجح في تمرير خطتها بعد عدة عثرات واستقالة وزيرين مؤيدين لـ "بريكست"، حتى دمر المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه خطتها من خلال رفضه إحدى أهم نقاطها، وهو الحل الذي اقترحته لندن لعدم إقامة حدود بين إيرلندا الشمالية التابعة للمملكة وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وفقا لـ "الفرنسية".
وأكد بارنييه أن الاتحاد الأوروبي "لا يمكنه أن يفوض ولن يفوض بلداً آخر تطبيق سياسته وقواعده الجمركية"، في رد على المقترح البريطاني بإرساء نظام ضريبي مزدوج يحصل فيه كل طرف ضرائب لحساب الطرف الآخر وفي الأثناء دعا وزير الخارجية السابق بوريس جونسون الذي يرفض تقديم تنازلات في اتفاق "بريكست"، إلى "رمي الاتفاق" في سلة المهملات في تصريح لأسبوعية سبيكتاتور. وعلقت المتحدثة باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي الصغير المناهض لأوروبا بأن الخطة "تنازع من أجل البقاء".
بيد أن ماي لا تزال تعتقد بإمكانية لإقناع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي كل على حدة، وبدأت مع وزرائها سلسلة لقاءات مع القادة الأوروبيين في الأسابيع الأخيرة.
على أن بارنييه أحبط آمالها بتأكيده أنه لا يوجد أدنى اختلاف بين موقفه وموقف قادة الدول الـ 27 بشأن إدارة المفاوضات.
ثم إن الوقت يضغط حيث يتعين التوصل إلى اتفاق مبدئيا في أقل من ثلاثة أشهر لعرضه على القمة الأوروبية لمنتصف تشرين الأول (أكتوبر) التي يفترض أن تصادق عليه قبل إحالته إلى برلمانات الدول الأعضاء والبرلمان البريطاني للتصديق عليه قبل موعد خروج المملكة من الاتحاد المقرر في 29 آذار (مارس) 2019.
ويرى ميشال بارنييه أن الطريقة الوحيدة لتسوية المشكل الإيرلندي هي بقاء المملكة في الاتحاد الجمركي. لكن هذا الحل غير مقبول بالنسبة إلى المحافظين المؤيدين لـ "بريكست" والغاضبين أصلا من توجه الحكومة إلى الإبقاء على علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي بدلا من قطيعة تامة تتيح لهم إبرام اتفاقات تجارية جديدة. كما أن ماي نفسها كانت تستبعده.
وعزز التعثر في هذه النقطة الأساسية فرضية خروج المملكة من الاتحاد دون اتفاق، وهو سيناريو كارثي للأوساط الاقتصادية والمالية البريطانية مع سلسلة من التكهنات السوداء من نقص المواد الغذائية إلى حالات الازدحام المروري الهائل.
وفي استباق للمشكلات على الحدود قال دومينيك راب الوزير المكلف "بريكست" هذا الأسبوع "إن الحكومة تعمل على توفير مخزون كاف من المؤن، في حال الخروج دون اتفاق حيث إن المملكة تستورد 40 في المائة من غذائها" كما ينوي الوزراء تحويل قسم من الطريق السريع في كنت "جنوب شرق إنجلترا" إلى مرآب عملاق للشاحنات التي قد يتم تعطيلها عند عبور المانش.
والفرضية الأخرى تتمثل في اتفاق "مهين" قد تشهد البلاد على إثره فترة مضطربة كتلك التي أعقبت الحرب العالمية الأولى في ألمانيا، بحسب الكاتب في صحيفة "الجارديان" تيموثي جارتون آش وقال آش في مقاله أمس، "إن ذلك يعني بلدا ساخطا غاضبا يعاني الانقسامات والمشكلات الاقتصادية، يشعر بالاستياء والمهانة".
ولتفادي هذه السيناريوهات السوداء أطلقت صحيفة "ذي إندبنت" المؤيدة لأوروبا عريضة لتنظيم استفتاء ثان على أمل أن يلغي نتيجة استفتاء 23 حزيران (يونيو) 2016 التي فاجأت الجميع وهذا السيناريو الذي استبعدته حكومة ماي، بدا يكسب شعبية بين الرأي العام بحسب استطلاع نشر أمس، في صحيفة "تايمز".
وأظهر الاستفتاء لأول مرة أن أغلبية من 42 في المائة أيدوا تنظيم استفتاء ثان مقابل 40 في المائة عارضوا ذلك.