لندن ـ فلسطين اليوم
أكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، أن مصر واليونان تلعبان دوراً محورياً فى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة ومواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية المحيطة بها، مشيرا إلى ضرورة تضافر كافة الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة التهديدات المحيطة بمنطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط والمتمثلة فى التطرف والإرهاب، والهجرة غير الشرعية ومشكلات اللاجئين والتجارة غير المشروعة.
وأشار الوزير إلى ثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي فى نجاح اليونان فى تحقيق التواصل والتقارب بين الدول العربية ودول قارة أوروبا من خلال رعايتها لعدد كبير من الفعاليات الاقتصادية والثقافية التى تؤكد دورها الفاعل والمحوري بين دول المنطقة.
جاء ذلك فى سياق الكلمة التى ألقاها الوزير ممثلا عن رئيس الجمهورية خلال فعاليات المؤتمر الثاني لـــ "قمة الاتحاد الأوروبي – العالم العربي"، والمنعقد بالعاصمة اليونانية أثينا خلال الفترة من 9-11 نوفمبر الجاري وذلك بمشاركة اليكسي تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني وعدد من مسئولي الدول العربية ودول قارة أوروبا، وتضمن الوفد المصري المشارك بفعاليات القمة السفير فريد منيب سفير مصر لدى اليونان، منى زوبع رئيس الهيئة العامة للاستثمار، والمستشار تجاري منال عبد التواب رئيس المكتب التجاري المصري بأثينا، والدكتورة داليا عبد الفتاح نائب السفير المصري بالسفارة المصرية باليونان.
ونوه قابيل، إلى الدور التاريخي الذى لعبته مصر واليونان فى تحقيق التواصل بين الدول والشعوب والثقافات المطلة على البحر المتوسط، ليكونا جسراً يربط الشرق بالغرب بصفة عامة، والعالم العربي بالاتحاد الأوروبي بصفة خاصة.
وأوضح وزير الصناعة والتجارة، أن مصر تؤمن بضرورة تفعيل مبدأ المسئولية المشتركة متفاوتة الأعباء بين أعضاء المجتمع الدولى بهدف تضييق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الدول المتقدمة والنامية بهدف القضاء على جذور ومسببات الأزمات الدولية ومصادر التهديد للاستقرار الإقليمي، مشيراً إلى ضرورة دعم دول الشمال لدول الجنوب النامي دون انتظار لوقوع الأزمات والمشاكل والتى يمتد أثرها على جميع دول المنطقة.
وتابع الوزير، أن المنطقة تتمتع بمزايا جغرافية وثروات بشرية وموارد طبيعية عززت أهميتها الاستراتيجية مشيراً إلى ضرورة التعاون لمواجهة التباين الكبير فى الميزان التجاري العربي-الأوروبي، والذى تشير احصائياته إلى أن الدول العربية تسهم بأقل من 10% من التجارة الأوروبية؛ كما أن العجز فى الميزان التجاري ما بين الجانبين يقارب الضعف لصالح الاتحاد الأوروبى وذلك رغم التقارب الجغرافى والمصالح المشتركة.
وأشار وزير التجارة والصناعة، إلى أن مصر تؤمن بأهمية المعالجة الجذرية لأوجه الخلل فى الأوضاع الاقتصادية الإقليمية من خلال توسيع نطاق المشاركة فى هيكل الحوكمة الاقتصادية الأوروبية والدولية، وتيسير الحصول على التمويل الميسر وتسهيل النفاذ إلى الأسواق الأوروبية وتعزيز أطر التعاون الحكومي وتشجيع التعاون بين قطاعات الأعمال فى مجالات هامة مثل المعلومات، والطاقة والنقل مشيراً إلى أن هذه التوجهات تسهم فى تعزيز قدرة الدول النامية على تبنى إصلاحات اقتصادية شاملة تعالج أوجه الخلل فى إدارة مواردها.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يعدّ المستثمر الأول فى مصر حيث أن 75% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال الأعوام الماضية من الاتحاد الأوروبي؛ بل إن الحصة الأكبر من جميع الاستثمارات الأجنبية المباشرة قادمة من الاتحاد الأوروبي، مشيراٍ الى أنه على الرغم من ما يعانيه الميزان التجارى المصري-الأوروبي من خلل يظل الاتحاد الأوروبي سوق التصدير الأهم لمصر حيث يستحوذ على نسبة (22.7% من الصادرات المصرية).
وأشار قابيل إلى أن معدلات التجارة البينية بين مصر والاتحاد الأوروبي بلغت 26 مليار يورو فى عام 2016، لافتا إلى أن معدلات التبادل التجاري بين الجانبين تضاعفت منذ عام 2004 وأضاف أن مصر واليونان تتشاركان فى تجربة إصلاح اقتصادى جذرى وشجاع تضمن إعادة الهيكلة والإصلاح المالي والاقتصادي، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية والأوروبية الأكبر، مشيراً إلى أن آخر التقارير الصادرة فى هذا الاطار تؤكد النجاح المحقق رغم ما يتحمله الشعبين المصرى واليونانى من أعباء ثقيلة – وصولا إلى التعافى الكامل.
وقال الوزير إن الشاغل الأهم للإدارة المصرية خلال المرحلة الماضية تضمن وضع خطة شاملة للإصلاح الاقتصادي ترتكز على التنمية المستدامة والشاملة على المدى الطويل، مشيرا إلى أن استراتيجية التنمية المستدامة - رؤية مصر 2030 تعكس هذا التوجه عبر ثلاثة محاور رئيسية تتضمن تعميق الاصلاحات المالية والضريبية من خلال اصلاح الميزانية المصرية تحقيقا لإدارة افضل للموارد والاحتياطات المالية للدولة، وخفض الانفاق الحكومي؛ بالإضافة إلى تعميق الاصلاحات الهيكلية من خلال مراجعة شاملة لمناخ العمل فى مجالات الأعمال والصناعة والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، فضلا عن دعم شبكة الأمان الاجتماعي من خلال اصلاح منظومة الدعم والتحول من الدعم العيني الى الدعم النقدي وقصره على الفئات المستحقة.
وتابع أن تنفيذ خطة الاصلاح الاقتصادي الجذرى تطلبت استصدار عدد من التشريعات المؤثرة والشجاعة تضمنت قانون الخدمة المدنية واستبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة وقانون التراخيص الصناعية وقانون الاستثمار وكذلك تعديل منظومة دعم الطاقة والكهرباء والمواصلات وتحرير سعر الصرف للوصول لسعر موحد وحقيقي للصرف وتوفير موارد النقد الأجنبىي.
وأضاف قابيل أن منظومة الإصلاح الاقتصادي تستهدف تحقيق معدل نمو حقيقى للناتج المحلى الإجمالى بنسبة 6٪ بحلول العام المالى 2017/2018، ومعدل استثمار بنسبة 19٪، فضلا عن التخفيض المخطط للعجز المالى إلى 9٪ من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية السنة المالية 2018/2019 ،مشيرا الى انه رغم ما تمثله هذه الاصلاحات من أعباء إضافية على المواطن المصري، فان التفاف الشعب المصرى حول رؤية القيادة المصرية للتعافى قد أثمر عن نتائج هامة وسريعة لهذه الاصلاحات، عبرت عنها مؤشرات الاقتصاد الكلي بصفة عامة، والتى شهدت تحسنا كبيرا باعتراف المنظمات الاقتصادية الدولية.
وأوضح الوزير ان الإصلاحات الاقتصادية اثمرت عن بلوغ صافي احتياطيات النقد الأجنبي لأكثر من 36.5 مليار دولار، بزيادة تجاوزت الضعف فى 6 أشهر عن العام الماضي كما بلغ معدل النمو 4.3٪ خلال السنة المالیة 2015/2016، وبلغ إجمالى الاستثمارات المنفذة نحو 392 مليار جنيه خلال العام المالى 2015/2016، وارتفع صافى الاستثمار الأجنبي المباشر فى مصر خلال السنة المالية 2015/2016 بنسبة 6.2٪ كما ارتفع نمو الإنتاج الصناعى بنسبة 27% وانخفضت نسبه البطالة من 12.9% إلى 11.9% .
وأشار قابيل، إلى أن مصر قد أثبتت رغم التحديات أنها بلد كبير وقوى وجاذب للاستثمار؛ يتمتع باستقرار سياسي، وتلاحم وطنى حقيقى، وإمكانات كبيرة، على رأسها الموقع الاستراتيجي والذى يحتوي على احد أهم ممرات التجارة العالمية - قناة السويس، والسوق الأضخم فى المنطقة – أكثر من 100 مليون نسمة –والملايين من الأيدى العاملة المؤهلة والاقتصادية، والموارد الطبيعية المتجددة – وآخرها اكتشافات حقل ظهر فى المياه الاقليمية المصرية، والتى تعد باحتياطات تقدر بـ 850 مليار متر مكعب من الغاز – قد تغير من اقتصاديات ونظم الطاقة فى المنطقة؟
وأضاف أن الحكومة تتبنى خلال المرحلة الحالية عدد من المشروعات الاستراتيجية العملاقة المطروحة للاستثمارات الدولية تتضمن تنمية المنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس ومشروع المثلث الذهبي والمدن الصناعية الجديدة والتى تشمل مدن الغزل والنسيج والجلود والأثاث وصناعة السيارات ومركز الخدمات اللوجستية فى دمياط، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ومدينة الجلالة العالمية، ومشروع استصلاح 1.5 مليون فدان، كذلك مشروعات للطاقة المتجددة.
وأوضح أن الاستراتيجية التنموية لمصر تستهدف أيضا تعزيز نمو وعمل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحسين قدرتها التنافسية، وتمكين الشباب والمرأة من الانضمام إلى قاطرة الانتاج والأعمال فى مصر، مشيرا إلى أن كافة هذه المشروعات تمثل فرص كبرى للاستثمارات اليونانية والأوروبية بالسوق المصرى خاصة فى ظل حرص الحكومة على تذليل كافة العقبات وتمهيد الطريق فى إطار تعاون أكبر بين مصر واليونان ومنظومة الاتحاد الأوروبي.
وأكد قابيل على ضرورة تبني الدول الأوروبية لمنظور متكامل وشامل للتعاون بين مصر واليونان والاتحاد الأوروبي، بما يسهم فى تحقيق مردود مباشر على استقرار ونمو المنطقة وأمن واستقرار قارة أوروبا.