الفنون الشعبية الفلسطينينية

يعد التراث من الشواهد الحقيقية على إثبات هوية الشعوب، والدفاع عن تاريخها، فهو الماضي والحاضر والمستقبل، لذا يحاول الفلسطينيون جاهدين الحفاظ على هذه الثروة المقدسَة الا وهي الفولكلور الفلسطيني ولا سيما الدبكة؛ حيث كانت الدبكة قبل الاحتلال الإسرائيلي تأخذ طابع الفرح والمناسبات.

ولكن بعد الاحتلال تحولت الدبكة لشكل من أشكال النضال، فهذا جعل العمل على الدبكة الشعبية يأخذ في بداية الثمانينات شكلاً منظمًا، فكان في الضفة الفلسطينية العديد من التجارب كفرقة الفنون الشعبية الفلسطينينية، التي منذ تأسيسها العام  1979 إلى يومنا هذا لم تتوقف عن الإنتاج.

وبالرغم من الظروف القاسية التي مرت بها البلاد وما زالت تمر بها، لأن فرقة الفنون يوجد لديها قناعة أنَّ ما تقدمه هو جزء من العملية النضالية، على غرار بعد الفرق التي كانت ذو مستوى عالي، إلا انها توقفت عن الإنتاج بسبب ظرف سياسي أو اقتصادي أو أجتماعي مرت به البلاد.

وذكر المدير الفني للفرقة، خالد قطامش: "كثير من الفرق تنظر إلى عملها أنه يعكس الفرح والانبساط، فعندما تمر البلاد بظرف سياسي فإن عمل هذه الفرق يتوقف، فرقة الفنون لم تنظر إلى العمل الذي تقدمه على أنه يعكس فرح فقط، بل الفرقة تنظر إلى عملها أنه جزء من العملية النضالية، والعملية النضالية لا تتوقف سواء في ظروف السلم أو الحرب، فيجب أنَّ يكون هناك نوع من الحراك وهذا ما دفع الفرقة إلى الاستمرار في الإنتاج وعدم التوقف نهائيًا".

وأضاف: "الذي ساعد على استمرارية الفرقة هو ثبوتية الطاقم بشكل أو بآخر، حيث يوجد في الفرقة وإدارتها عناصر منذ أنَّ تأسست الفرقة، أي منذ 35 عام، فعند امتزاج عناصر الخبرة مع العناصر الشابة فهذا يساعد على استمرار واستقرار الفرقة وإنتاج لوحة فنية رائعة".

وبالنسبة لصعوبات والمعيقات التي تمر بها الفرقة، قال قطامش: "المشكلة الأساسية التي تواجه الفرقة والتي تمنع أي تطور في فلسطين هو الاحتلال، ففي الانتفاضة الأولى كان هناك 16 عضو من الفرقة يقبعون خلف سجون الاحتلال، بالرغم من ذلك الفرقة لم تتوقف لأننا نعتبر الدبكة رسالة ونقاوم بها الاحتلال الذي يسعى جاهدًا إلى طمس الهوية الفلسطينية ولا سيما التراث الذي يعبر عن ماضينا وحاضرنا، والمعيق الثاني التي تواجهه الفرقة هو المعيق الاجتماعي، حيث لا يوجد كثير من النالس يؤمنون بأنّ التراث ولا سيما الدبكة والاغاني يمكن أنَّ تلعب دور في العملية النضالية وبناء الهوية الفلسطينية، ولكن قناعة الفرقة بما تقدم ووجود مجموعة من الناس تدعم هذا النوع من الفن فان هذا يساعد على تجاوز هذا المعيق.

وتابع قطامش: "قليل من الناس من تفكر في دعم الثقافة والفن، من الممكن أنَّ يقوم الناس بالتبرع لبناء مدرسة او غرفة في مشفى، ولكن فيما يخص الثقافة والفن فهذا يعتبر أمر ثانوي بالنسبة لبعض الناس، لكننا استطعنا تجاوز هذا  من خلال بيع اسطوانات لأغاني الفرقة وعن طريق تذاكر العروض، والاتعاب التي نأخذها من السفر خارج البلاد".

وأكد قطامش أنَّ الفرقة قائمة على التطوع فهذا أمر ليس مكلف، وجميع الراقصين لا يتقاضو رواتب باستثناء العاملين بالإدارة، ولو اتجهنا نحو الاحتراف لانهارت الفرقة كما حدث في الاحتراف في كرة القدم، مضيفًا: "أننا محترفون ولكن في العرض على المسرح والالتزام بالتدريبات، 3 أيام في الأسبوع بمعدل 3 ساعات".

وردًا على سؤال اتجاه الفرقة نحو الرقص المعاصر على حساب الدبكة، ذكر قطامش: "الفلكلور كالكائن الحي ينمو ويتطور، والفرقة في عملها تستند على التراث وتستلهم منه وبالتالي تبني هويتها المعاصرة، فالفلكلور إذا لم نبث فيه روح العصر سيمل الجمهور، وكانت الفرقة وما زالت ناجحة عن طريق النهج الذي نهجته لتجعل الناس يعشقون الفلكلور برؤيتها الجديدة، حيث تعاملت مع الفلكلور كمادة طورتها ولكن لم تسلخها عن جذورها".

أما فيما يخص الدور الذي تقوم به الدبكة لايصال القضية الفلسطينية إلى العالم، أشاد قطامش بالدور الكبير الذي يقوم به الفن الشعبي بشكل عام والدبكة بشكل خاص في إيصال القضية الفلسطينية للمحافل الدولية، لأن الفن والثقافة وسيلة مقبولة عند الأجانب لمعرفة الهم الفلسطيني، مؤكدًا أنَّ جميع أشكال النضال التي مارسها الشعب الفلسطيني كان لها دور مهم ورئيسي في إيصال القضية الفلسطينية إلى المحافل الدولية.