خانيونس-فلسطين اليوم
وضع البروفيسور محمد الأغا، كتاب التخطيط اليوسفي، من وحي سورة يوسف في القرآن الكريم، في آفاق الوعي نحو القراءة الحضارية الثانية، مستجمعًا معالم الطريق كيف يتم تحويل الحلم إلى هدف، والهدف إلى أولوية، والأولوية إلى واقع، والواقع إلى انتصار، والانتصار إلى دولة، والدولة إلى حضارة، والحضارة إلى قصة راسخة تتدارسها الأجيال كي تبني مجد الأمة بالقيم والعمل الدؤوب.
وأكد الأغا الذي عمل وزيرًا للزراعة سابقًا، والمحاضر في الجامعة "الإسلامية"، أنّ سورة يوسف، حفزته لدرس الخطة التي اعتمدها النبي يوسفالتي جاءت على مدى 15 عامًا ابتداءً بـ: السبع السمان ثم السبع العجاف وصولًا إلى العام الذي يغاث فيه الناس ويعصرون.
وأوضح في تصريحات صحافية، أنّ اختياره لاسم التخطيط اليوسفي جاء لأمرين؛ أولهما: اشتقاقًا لمصطلح جديد في التخطيط مشتق من القرآن الكريم: "لنعود إلى أصالتنا وحضارتنا وتاريخنا التي امتدت لما يزيد على ألف عام في حكم واحد بشكل متصل، وأول دولة في التاريخ تستمر هذه المدة"، والأمر الثاني ضرورة أن "نغوص ونسبر غور سورة يوسف العظيمة، هدية لإنشاء الدولة لنبينا محمد، ونزلت في الفترة المكية فترة معاناة المسلمين".
وأبرز في مقدمته أنّ الكتاب يقدم قراءة في كيفية تحريك الأمة نحو الهدف الكبير بحكمة وقوة وإرادة واقتدار، لا تعرف إلا التقدم دائما نحو القمة، وأشار إلى أنّ معظم الخطط الاستراتيجية اليوم تعد في حدود من خمسة إلى سبعة أعوام، لافتًا إلى أنّ ذلك سبق قرآني؛ "فسيدنا يوسف عليه السلام انتهج خطة من سبعة أعوام فسبعة أعوام وصولًا إلى عام البشرى".
ولفت إلى أنّ فلسفة خطة يوسف، سواء في السبع السمان أو العجاف، تعتمد على التقشف والاحتياط، وتشتمل الخطة اليوسفية على سبعة محاور: التشريعي، والثقافي، والاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي والأمني، والإداري والدعوي، فيما حدد سمات التخطيط اليوسفي في أنماط التخطيط التالية: التقشفي، والسياسي، والمستدام، والاستباقي، والقيمي، والتراكمي، والتكاملي.
وشدد على أنّ من يملك القوة ليس من يملك السلاح إنما الاقتصاد، مدللًا على ذلك بأن أميركا تخشى الصين لنموها الاقتصادي على الرغم من فارق القوة في السلاح، وجاء الكتاب في 173 صفحة من القطع المتوسط، وتناولت موضوعاته في 14 فصلًا عن تميزها بكثافتها وعناوينها الجذابة التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة، بدءً من "وكان حلما" التي تطرح عددًا من الأفكار من أبرزها منهجية التخزين والادخار حفظا للأجيال المقبلة، وتوظيف الفائض واستراتيجية الخروج الآمن.
ويعرض الفصل الثاني ملامح الخطة السباعية الأولى وانعكاس الاستقرار الاقتصادي على الاستقرار السياسي الاجتماعي في ظل التكثيف والأمن الغذائي واستراتيجية التقشف والاحتياط في هذه السبع، فيما تناول الفصل الثالث السبع الشداد وفيها مفاهيم بناء الإنسان والإدارة الأمنية للمخزون الغذائي حماية للجبهة الداخلية، وأولوية الإعلام في هذه المرحلة.
ويتنقل الكاتب من فصل إلى آخر ليجمع من قطوف الحكومة واستراتيجيات التخطيط اليوسفي، وسمات القائد ودور التربية وملامح الاقتصاد المقاوم، مركزًا في هذا المحور على الاقتصاد التقشفي والادخار والتخزين والاستثمار والاقتصاد الأخلاقي القيمي، وخلق فرص العمل وإطعام كل فم.
واشتق في الفصل الأخير، 101 استراتيجية من وحي السورة بعضها قدمها بمصطلحات جديدة مثل استراتيجية "السخطرة" التي اعتمدت في السبع الأولى أي السبع الخضر كمرحلة بناء وتوفير للمرحلة الثانية، ومثل استراتيجية "السيبسة" أي مرحلة السبع الثانية المتوقع أن يحدث فيها جفاف يأكل الأخضر واليابس.
ويختم كتابه، بالتأكيد أن عملية التأصيل للمنهج اليوسفي القيمي في التخطيط لا تنفك عن منهج الرسول في التخطيط لإنشاء الدولة والتمكين وعمارة الأرض، مرحلة لابد أن تتجدد وتعود لتتحقق البشرى في وعد الآخرة نحو التمكين والخلافة الراشدة.