الإسكندرية - فلسطين اليوم
اختتمت بمكتبة الإسكندرية، اليوم الخميس، فعاليات مؤتمر "العالم ينتفض: متحدون في مواجهة التطرف"، الذي نظمته المكتبة على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمفكرين والخبراء الدوليين المتخصصين في قضايا التطرف.
شارك في الجلسة الختامية للمؤتمر كل من الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، وفضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق.
وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين إن مفهوم التطرف لا يزال غير محدد الأبعاد، ويعاني من عدم الضبط، ويوظف سياسيًا على نطاق واسع، ويستخدم أحيانًا لتبرير سياسات خاطئة، ومظالم عديدة، ويحتاج إلى ضبط وتحديد دقيقين، وأن المجتمعات العربية تعاني من قيم متناقضة أدت إلى إيجاد عوامل انقسام وتمزيق بداخلها؛ مثل الصراع بين التراث والحداثة، بين عدم الاجتهاد والاكتفاء بالموروث، وبين السعي إلى تحديث الخطاب الديني، وجميعها من القيم التي تؤدي أحيانًا إلى الفهم الخاطئ للدين وشيوع تفسيرات دينية خاطئة.
وأوضح أن هناك استراتيجيات متعددة لمواجهة التطرف يمكن النظر فيها والاختيار من بينها، أو محاولة التزاوج بين هذه الاستراتيجيات، منها نزع الراديكالية؛ أي تجفيف منابع البيئة الدافعة للتطرف، مثل الأخذ بالتعددية الثقافية، واستراتيجية الاستيعاب أي محاولة تذويب الهويات الثقافية الفرعية في الثقافة العامة للمجتمع، مُستطردا بأن هذه الاستراتيجية أدت في بعض الأحيان إلى التهميش والتطرف، أيضًا استراتيجية القبضة الحديدية مثل المراقبة والتضييق، وزيادة عدد السجون، وسحب جوازات السفر من المقاتلين الأجانب، وغيرها.
وأنهى سراج الدين محاضرته بأن الحديث عن مواجهة التطرف يرتبط بمحاور عديدة؛ منها الخطاب الديني من خلال تحديثه، وربطه بالقضايا الوطنية، ونشر القيم الإنسانية، ومواجهة الوعي الزائف والمنحرف، وتطوير ثقافة قانونية من خلال التعليم والإعلام، والتأكيد على أن الدين لا يتعارض مع القانون الذي يحقق العدالة، وارتباط المواطن بالقانون.
من جانبه، شدد الدكتور علي جمعة، على خطورة التطرف والتشدد، وما تولد نتيجة لانتشار الإسلام السياسي من إرهاب منذ نحو 40 عامًا، حيث تمكن المغرضون من دخول عقول الشباب وتصدير الفكر الإرهابي المتطرف إليهم عن طريق إقناعهم بأفكارهم ومفاهيمهم حتى وصلت لمرحلة شعور الأعماق عند هؤلاء الشباب الذين ينتقلون ما بين أربع دوائر رئيسية متداخلة؛ تبدأ بدائرة التشدد، تليها دائرة التطرف، ثم دائرة العنف، والتي يأتي من داخلها دائرة الإرهاب.
وأكد أن الانتفاض ضد الإرهاب يتطلب الانتفاض ضد هذه الدوائر جميعها، وأن ذلك قد يتعارض بشكل ما مع مفهوم حرية الرأي والتعبير التي تتمتع بهما الدائرتان الأولى والثانية، لمنع أو تطويق الأفكار الفوضوية المتشددة والمتطرفة، والتحذير من خطورتها وسلبيتها، حماية للشباب من الانجرار خلفها، وتفسد الدين والدنيا.
وقال علي جمعة إنه عندما ظهرت الجماعة الإرهابية منذ عام 1928 وحتى يومنا هذا؛ انفجر وانفرط منها كل بلاء نعيشه اليوم، لأنها أنشأت دينا موازيا، ودولة موازية، مما أنشأ الفتنة التي نتعامل مع نتائجها اليوم، وأنه عندما خرجت الجماعة من تحت القبضة الحديدية في السبعينات من القرن الماضي، كان هناك في القاهرة وما حولها نحو 200 جماعة إسلامية عاملة نشأت على أفكار سيد قطب وابن تيمية وحسن البنا وغيرهم، تبنت تلك الجماعات 200 فكرة مختلفة كان يجب دراستها في حينها للرد على هذا "البلاء المستحكم" وتفكيك الأفكار التي تتبناها تلك الجماعات.
وأوضح أن الجماعات الإسلامية لديها أفكار مبنية على عشرة أصول، من بينها أن من يخالفهم عميل للاستعمار والصهاينة، ويقف ضد وحدة العرب، ويحكم بغير ما أنزل الله، وينكر الخلافة، ويفتقد للعدالة الاجتماعية، ولا يفهم التوحيد والولاء والبراء، وينكر الاجتهاد في الدين والتمكين والنصرة.
وأكد في نهاية حديثة على وجود 46 استراتيجية من دول العالم لمواجهة الإرهاب والتطرف، وتفكيك الأفكار المتطرفة، داعيا المكتبة بالتعاون مع الأزهر إلى طباعة تلك الاستراتيجيات في كتاب يتم توزيعه على المفكرين والمثقفين في مصر والعالم، بحيث تتبنى كل دولة ما يناسبها من استراتيجيات لمواجهة الإرهاب لديها، مما يخلق ثقافة عالمية سائدة ضد الإرهاب.