القاهرة - فلسطين اليوم
صدر مؤخرا عن "دار الآداب" بالقاهرة كتاب "المصنفات في الشعر العربي من الجاهلية حتى العصر الأموي" للدكتور أحمد فرحات أستاذ النقد الأدبي.
ويبين الدكتور أحمد فرحات فى كتابه أن شعر المنصفات لون من ألوان الشعر العربي، نما وازدهر في حضن بيئة الحرب التي اتسم بها شعرنا القديم، والحرب إذا حميت أظهرت أبطالا في الفريقين، المنهزمين أو المنتصرين، ولا يعني انتصار فريق على الآخر أن الآخر لم يكن شجاعا، أو لم يكن بطلا بالمفهوم الصحيح للبطولة، فما النصر أو الهزيمة إلا ميدان للتنافس بين الفرسان، وعلى ذلك عرف أدبنا العربي القديم لونا من ألوان الشعر الإنساني الراقي، فمن حقه، وحق أبنائه أن يتباهوا به الآن، خاصة في عصر اتسم بما يعرف عنه بصراع الحضارات.
ويشير فرحات إلى أن المستشرق الإسباني هنري بيريس يرى أن الأدب المشرقي يخلو تماما من الأفكار الإنسانية الراقية كالتي يتميز بها أدب الغرب، وهذه الفكرة نفسها نجدها عند تيرنس، وهو كاتب لاتيني من القرن الثاني قبل الميلاد.
وأوضح فرحات أن في هذه الإشارة إجحافا لأدب المشرق العربي؛ فالشعر الجاهلي زاخر بنماذج من الأدب الإنساني الفريد، فما بالنا بالشعر العربي كله؟!
وكتاب شعر المصنفات في الجاهلية يرد على ادعاءات المستشرقين وأكاذيبهم، ويقدم ضروب الشعر الإنساني الراقي، الزاخر بالكثير من المثل العليا، لم يقصد قائلوها من ورائها تفاخرا أو محاولة لإثبات شجاعتهم، وإنما هو تقدير لمفهوم الشجاعة، وإعجاب بهذه الصفة النبيلة.
وأشار أحمد إلى أهمية موضوع المنصفات تكمن في أمرين: الأول: أن لهذا الموضوع قيمة تاريخية وأدبية عظيمة؛ لأن قصائده ترجع إلى عصر من أزهى عصور الأدب العربي، ويكشف تحليل هذه القصائد عن قيمة أدبية زاخرة بعناصر الإبداع الفني، وتفرد ملامحه وخصوصيته، والثاني حاجة مكتبة الدراسات الأدبية إلى دراسات جادة حول هذا الموضوع، فعلى الرغم من أهميته لم أعثر على كتاب مستقل يتناول دراسة هذه الظاهرة، ومعظم ما قرأته عنه إشارات وتعليقات ومقالات قصيرة غير شاملة لدراسة جوانب الموضوع المختلفة.