للفنان يزن غريب

غيرت الصدفة والرغبة في التميز من طريقة تعاطي الفنان التشكيلي يزن غريب مع لوحاته، فبعد أن انسكب فنجان قهوته بالخطأ على لوحة كان يرسمها، اصبحت القهوة رفيقة لوحاته الدائمة.

يزن غريب ابن مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، درس في المعهد العالي للفنون المسرحية والموسيقى في دمشق، متابع ومتأثر بالفن الروسي، وجد طريقه الى الوطن، فيافا وحيفا وبيت لحم والقدس واثواب الجدات المطرزة والقرى والزهور ... حاضرة في مخيلته وذاكرته كما في لوحاته.

يقول غريب لـ"وفا": بدأت رحلتي بالرسم منذ طفولتي في عمر 9 سنوات، كنت ارسم في المدرسة والمنزل، وامي كانت المشجعة والمعجبة الاولى بما ارسم، ثم التحقت بعدد من المؤسسات داخل المخيم التي تعني بتطوير قدرات الاطفال ومهاراتهم، وبدأت اتعلم الرسم بطريقة حرفية عند التحاقي بالجامعة، وكان اول معرض لي في عمر 15 عاما في جامعة بيت لحم.

وتابع: كنت ارسم وجوه للاشخاص والمناظر الطبيعية بناء على الطلب وفي المنازل والشوارع، ووقتها كنت ابيع لوحاتي ولحقت شغفي وتعلقت بلوحاتي التي اصبحت اليوم جزءا من حياتي، اعبر فيها عن نفسي.

وحول رسمه بالقهوة، بين غريب أن البداية كانت عن طريق الصدفة في دمشق "بعد ان انسكب فنجان قهوتي على الطاولة التي كنت ارسم عليها لوحة لوليام شكسبير، لكنني لم اكترث وقتها، وحركت القهوة فوق الخطوط المرسومة على اللوحة وتركتها وخرجت، وعند عودتي كانت القهوة قد جفت ورأيت شيئا جميلا وملهما، فكانت البداية".

 


وقال: من وقتها بدأت ارسم بالقهوة التي تعني لكل شخص منا شيئا ما، فهي لدى البعض مرتبطة بذكرى او قصة او حكاية او رائحة لمكان ما، كما ان لها رمزية خاصة، نبدأ نهارنا بها، وانا اشرب قهوتي صباحا، وارسم بها لوحاتي فعلاقتي بها كعلاقتي مع الصباحات الجميلة.

وبين غريب ان للقهوة لديه نكهة خاصة، "تشبه نكهة الروح، ومؤخرا اقمت معرضا للوحاتي المرسومة بالقهوة اطلقت عليه "نكهة الروح" في بيت لحم، كانت مساحة عكست من خلالها روحي بلوحاتي عبر فنجان قهوة".

ولفت غريب إلى أن فكرة الرسم بالقهوة ليست جديدة وهو ليس اول من رسم بها، لكن احساسه انه يجسد الوطن "بتراثه وفلكلوره وجمالياته بالقهوة التي تشبه بلونها لون الارض والتراب والتي تجمعنا في الكثير من المناسبات، وتشكل جزءا من عاداتنا وتقاليدا وتراثنا المرتبط برائحة الوطن والارض، هو سر تميزي، اضافة الى الفكرة التي تجبرني دائما للعودة الى لوحاتي مستعينا باحساسي لتجسيدها، فارسم المدن والقرى الفلسطينية القديمة بطرازها المعماري وحجارتها التي تروي حكايا الوطن والازياء التراثية وطبيعة الانسان الفلسطيني وارتباطه بأرضه وهويته الثقافية، واحرص على التفاصيل الجميلة رغبة مني في احياء الماضي لاجل المستقبل، وهذا ما جسدته في لوحة "الخيل" والتي صورت فيها كما هائلا من الامل والتحدي والمستقبل مستعينا بالقهوة".

وشدد غريب على انه لا يوجد قيود في الفن والابداع، "فعيوننا لا ترى الاشياء من حولنا بنفس الطريقة، حتى تفاعلنا تجاه الصورة والجمال والحكايا مختلف، لكن يبقى الفن على اختلافه تلك المساحة التي لا حدود لها، نعشقها ونهرب إليها، ونقول فيها ونعبر عما في داخلنا وما نريد ان يكون".

وفيما يتعلق بتقنيات الرسم بالقهوة، اشار غريب ان الرسم بها ليس سهلا ويحتاج الى الكثير من الحرفية والتمرين والممارسة وايجاد تدرجات الالوان، كما انها بحاجة لوقت لكي تجف للمزيد من الطبقات لكي تخرج بالنهاية بلوحة كاملة.

ويصر غريب على ان الفن بحاجة الى الانفتاح المتواصل على الثقافات والفنون الاخرى حول العالم، قائلا إن "هذا ما حرصت عليه من خلال رغبتي المستمرة بفضل استاذي الروسي ايام الدراسة، للتعرف على الفن الروسي، واصبحت من معجبيه ومتأثرا به، سيما وان روسيا بلد فن وحضارة وهي مدرسة فنية بامتياز بالاخص الفن المعماري، ما دفعني الى رسم العديد من اللوحات المستوحاة من جمال هذا البلد".

وقال:" اجمل ما في الرسم بالقهوة ما قاله احد الحاضرين لمعرضي الاخير "نكهة الروح"، نحن نتذوق القهوة بعيوننا".