طرطوس-شهد محمد
قد يبدو شرب كأس عصير أو تذوق فواكه غريبة الشكل والمذاق في غابة استوائية أمرًا غاية في السحر وتجربة ربما تغري الكثيرين منا، لكن الأغرب هو أن تمارس هذه الطقوس في وسط مدينة طرطوس السورية الساحلية، فعلى مساحة تبلغ 8 آلاف متر مربع تبعد عن البحر نحو 8 كم، وتحديدًا بجانب أتوستراد دمشق- اللاذقية، بإمكانك الاستماع بجولة وسط غابات الموز والبابايا والجلوس على كراس بيئية لأن مالك المغارة صنعها من جذوع الأشجار، ومع الأيام ستضاف للزوار تجربة فريدة أخرى بعد الانتهاء من تنفيذ الواحة الاستوائية، إذ سيكون بإمكانهم السباحة وسط هذه الكثافة من النباتات والخضرة الجميلة.
ويؤكد حسن علي، صاحب المشروع، بأنه بطبيعته يحب المغامرة والتحدي، لهذا اختار في بداية مشواره المهني مهنة الصحافة وتحديدًا التدوينية منها، وكان يمضي ساعات طويلة ضمن الكهوف لمسافة كيلومترات وهو بحد ذاته يحمل مخاطرة بالحياة، لكن مخاطراته هذه لم تكن تحمل العائد المادي الكافي لهذا قرر البحث عن عمل يدر عليه دخلًا كافيًا ويلائم خبراته الزراعية التي اكتسبها بحكم دراسته للهندسة الزراعية بالإضافة لدراسته في كلية الاعلام.
لم يهدف حسن لتنفيذ عمل زراعي يشبه بقية المشاريع في المنطقة التي يسكنها، بل كان شغوفًا بوضع بصمته الشخصية التي تجعل أرضه قبلة لكل زوار المنطقة وتصل شهرتها لمسافات بعيدة، وهو ما تم فعلًا، فمغارته اليوم وجهة للكثيرين وأخبارها تتناقلها غالبية مواقع التواصل الاجتماعي، كما حققت صفحتها على فيسبوك شهرة واسعة أيضًا.
حسن الذي نفذ مشروعه بمفرده حتى الآن ولم يستعن بأي عامل، يشرح بافتخار أن الأرض التي يملكها ملائمة للزراعة الاستوائية من حيث جودة التربة والموقع الدافئ والمحمي جزئيًا من الهواء، بالإضافة لعشقه للفاكهة الاستوائية، ويقدم حسن في مشروعه نوعين من الخدمات، جولات تثقيفية للناس عمومًا ولطلاب المدارس خصوصًا يعرفهم فيها على الفاكهة الاستوائية وأنواعها وخصائصها، والخدمة الثانية مادية الهدف منها الحصول على دعم لإكمال المشروع، إذ يقدم الفواكه وخاصة النادر منها وغير المرغوبة أحياناً للناس كي يتذوقوها ويتعلموا كيفية الاستفادة القصوى منها الأمر الذي يجهله 95% من الزوار، بحسب قوله، وهو تحديدًا ما جذب الناس لمزرعته للتعرف على أصنافها الغريبة والتقاط الصور بجانبها والتلذذ بفواكهها.
في مزرعة حسن تجد 6 أصناف من البابايا، والموز بخمسة أنواع وتعتبر هاتان الفاكهتان أساس عمله، ومن بعدهما قدم 47 نوع دراكون فروت بأنواعه المختلفة، مثل سابوتا وايت وسابوتا بلاك، وليتشي، وماكاداميا، وراس بيري وغوجي بيري وستار فروت، وجاك فروت وغويابا وأفوكادو.. والقائمة تطول كما يذكر.
وتقدم المغارة لزوارها تجربة غير مألوفة في سورية، تمسي أكثر سحرًا حينما تتساقط الأمطار الاستوائية عليهم وتلفهم الرطوبة، الأمطار ليصبح المشهد فعلًا أشبه بغابة استوائية “مطيرة”، وهو ما جذب الزوار للمكان، لكنه قرر وقف المطر بعد ذلك لأن الرطوبة العالية خلال الصيف جذبت الحشرات للمكان مما أزعج الزوار