مستوطنات يهودية

تحوّلت مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة إلى جزيرة تطفو وسط مستوطنات يهودية تحدّها من كل صوب وتلتهم مساحات شاسعة من أراضيها من كل جانب.

وتقع غالبية أراضي منطقة بيت لحم تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لتصنيفات فرضها اتفاق "أوسلو" ضمن تقسيماته الإدارية، حيث تخضع 69 في المائة من مساحة أراضيها لسيطرة الاحتلال والمعروفة باسم مناطق (ج C)، الأمر الذي ساهم في فتح شهية الاحتلال للتوسع الاستيطاني بطريقة غير مسبوقة بالضفة، فيما لا تمتلك السلطة الفلسطينية سوى السيطرة على 13 بالمائة من مساحة أراضي بيت لحم كمناطق تصنف "أ A" و"ب B".

ويوضح سهيل خليلية مدير "وحدة مراقبة الاستيطان" في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، أن ما نسبته 9 في المائة من أراضي بيت لحم تقع ضمن مستوطنات ومخططات هيكلية (مناطق نفوذ) لمشاريع استيطانية وافقت سلطات الاحتلال على تنفيذها فوق أراضٍ فلسطينية جرت مصادرتها مسبقاً، فيما تبلغ مساحة البناء الاستيطاني في بيت لحم نحو 19 كيلومتراً مربعاً بواقع 5.3 في المائة من مساحة منطقة بيت لحم.

وأشار خليلية إلى أن 69 في المائة من مساحة منطقة "ج C" في بيت لحم جرت مصادرتها لصالح المستوطنات، وبناء جدار الفصل العنصري، والنقاط العسكرية لجيش الاحتلال.

ولفت إلى الهجمة الاستيطانية التي تتعرض لها بيت لحم والتي وصفها بأنها "غير مسبوقة"، موضحاً أن المدينة أصبحت محاطة بالجدار والاستيطان؛ فالمناطق الغربية وشمال بيت لحم سيعزلها جدار الفصل العنصري بواقع 160 كيلومتراً مربعاً - أي ما يقارب ربع مساحة المنطقة - فيما الأجزاء الشرقية لبيت لحم أغلبها تصنف كـ "مناطق عسكرية مغلقة" وصولاً إلى البحر الميت في أقصى الشرق.

ويقرّ محافظ بيت لحم، جبرين البكري، بتصاعد الهجمة الاستيطانية على المدينة بشكل يومي بشكل مترافق مع إجراءات احتلالية وانتهاكات من قبل المستوطنين على الأرض من تنكيل بالمواطنين ونصب حواجز وحملات اعتقالات وتفتيش للمنازل وإعلان بعض أجزاء المدنية "مناطق عسكرية مغلقة".

ويرفض البكري في تصريحاته، الربط بين التقسيمات الادارية "المجحفة" بحق بيت لحم لصالح الاحتلال التي فرضها اتفاقية "أوسلو" بين السلطة الفلسطينية والاحتلال واتساع هجمة الاستيطان، معتبراً أن "الاحتلال يلغي هذه التقسيمات ولا يفرض أي حدود على مشاريعه الاستيطانية، وأن الأمر متعلقاً بالعقلية الإسرائيلية التي لم تعد تلفتت لاي اتفاقيات مع السلطة".

ويؤكد البكري أن السلطة الفلسطينية تواصل تحركها على المستوى السياسي لمواجهة مشاريع الاستيطان في بيت لحم والضفة الغربية بالتواصل مع المنظمات الدولية، فيما تعزز دعمها المقاومة الشعبية السلمية والتوجه صوب المحاكم الإسرائيلية للاعتراض على مشاريع الاستيطان ومصادرة الأراضي.

وتعد بلدة الخضر الى الغرب من بيت لحم من أكثر المناطق التي تعرضت للاستيطان الإسرائيلي، وجدار الفصل العنصري من خلال بناء 5 مستوطنات على أراضيها.

ووفقاً لمنسق "لجنة مقاومة الجدار والاستيطان" في الخضر، أحمد صلاح، فان الاستيطان في بيت لحم التهم حتى اليوم حوالي 7 آلاف دونم من أراضي البلدة التي تبلغ مساحتها الإجمالية 24 ألف دونم (ثلث مساحة البلدة)، وسيطر جدار الفصل العنصري على 22 ألف دونم منها، ولم يتبقى سوى ألفي دونم في المخطط الهيكلي لبلدة الخضر.

ويؤكد الناشط صلاح في حديثه، أن بقية الأراضي داخل جدار الفصل العنصري معرضة للاستيلاء من الاحتلال فيما يمنع المواطنين من الوصول لأراضيهم أو استصلاحها، وأن 7 مستوطنات وبؤر يهودية تحيط ببلدة الخضر فيما يسيطر الاحتلال على كافة قمم الجبال والتلال فيها.

وتشكل قرية واد فوكين ذات الطبيعة الزراعية مثالاً حياً على حجم جريمة الاستيطان ضد بيت لحم عبر مصادرة الاحتلال 95 بالمائة من مساحة القرية على مدار سنوات، لتتقلّص مساحة القرية التاريخية التي كانت تبلغ 12 ألف دونم وتصبح 700 دونم فقط.

وأكّد رئيس مجلس قروي واد فوكين، أحمد سكر، أن القرية ذات الطابع الزراعي والتي يبلغ عدد سكانها اليوم 1300 نسمة تعيش اليوم النكبة، والتهجير بصورة اخرى عبر محاصرتها من قبل المستوطنات لتصبح جزيرة محاطة بالاستيطان من جميع الجهات.

وطالب سكر، بوقفه رسمية من الجهات المسئولة تجاه معاناة سكان القرية بعد مصادرة اراضيهم وتعزيز صمود السكان عبر تسهيلات تمنح للمواطنين من قبل السلطة.