هشام الهاشمي

كشف باحث في مركز "النهرين للدراسات الإستراتيجية"، عن تمكّن التنظيمات المتطرفة من اختراق الأجهزة الأمنية والاستخبارتية في العراق، في حين أكد تحرير العراق من المتطرفين عسكريًا، خلال في العام واحد، من خلال توفر الشروط معينة، منها التزام الحكومة العراقية بتسليح وتدريب واحتواء العرب السنة وفق شكل نظامي ومن دون تحيز طائفي.

وأكد الخبير المتخصص في شؤون الحركات والجماعات المتطرّفة هشام الهاشمي في تصريح إلى "فلسطين اليوم"، أنّ شبكات التنظيمات المتطرفة تمكنت من اختراق الأجهزة الأمنية والاستخبارات العراقية، مبرزًا أنّ تحرير العراق من المتطرفين عسكريًا "ممكن"، خلال عام واحد، مع توفر جملة شروط، منها: إرادة صادقة من الحكومة العراقية لتسليح وتدريب واحتواء العرب السنة، وإسنادهم عبر القوات النظامية وتحت إشراف التحالف الدولي.

وأوضح الهاشمي، أنّ قيادة العمليات المشتركة عجزت عن تجاوز فخ الاستنزاف بسبب تكتيك المتطرفين باستعمال العمليات الانتحارية والخلايا النائمة والسيطرة على طرق الإمدادات، وأشار إلى أنّ الإعلام المحلي أحد أسباب التراجع الذي حصل في بعض المناطق المحررة.

وفي خصوص قدرة القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي على التفوق عسكريًا على التنظيمات المتطرفة من دون تدخل قوات أميركية وأجنبية، أبرز أنّ القوات العراقية ومن يساندها أكثر تفوقا على المتطرفين عدة وعددًا؛ لكن الخلل يكمن أن القوات العراقية التي تقاتل وفق طريقة الحرب المباشرة؛ حرب كلاسيكية تجعل الجيوش تعتمد على المعدات الثقيلة والحركات البطيئة؛ ولكن المتطرفين يخوضون حرب الإنهاك والمراوغة التي لم تدرب عليها غالبية القوات العراقية.



وأضاف، أنّ القوات الأمنية تستطيع تحرير المباني ومراكز المدن من غير الاعتبار للكلفة العسكرية والاقتصادية، لافتًا إلى أنّ الخصم يعتمد أساسًا في الحرب على الإعلام؛ ليهزم جيشًا أو مدينة فأهم شيء عنده هزيمة معنويات القادة، وليست العبرة عند هذا التنظيم كم قتل من الجنود ولا كم دمر من المباني.

وأشار الهاشمي إلى أنّ "أساس حرب المدن القوة الحاضنة، والقوات العراقية ليس لها قوة حاضنة على أرض الواقع، فليست متفاعلة معها، وليست مؤثرة فيها، والثقة معدومة بينهما، مردفًا أنّ الثقة في الحاضنة من تصنع النصر في حرب المُدن، ففهمك للحاضنة وفهمك للمسائل التي تكسب الناس والأمور التي فعلًا هي حاصلة، وليست القضية "بروبغاندا" أنك تكذب على الناس بالوعود، بل على الحكومة أن تعطيهم ثقة، وتعطيهم فرصة لتحرير مدنهم"، وبين أنّ أميركا لا تزج قواتها إلى الخطوط الأمامية في الحرب، والأعداد الموجودة في عين الأسد والحبانية رمزية.

وعن الحركات والجماعات المتطرّفة، بيّن أنّ القوات المشتركة وقعت عن طريق خطأ بالغ، حين لم يجهزوا على المتطرفين في كل محافظة صلاح الدين، وتركوا المتطرفين يعيدون قواتها ونفسها في الصينية والزاب والحويجة والشرقاط، وذهبوا إلى الأنبار على عجل ودونما تنسيق أو تخطيط.

وفي خصوص الغموض الذي يلف نحو  تحرير محافظة صلاح الدين، قال، لم تكن معارك صلاح الدين بُعيد دخول القوات الاتحادية إلى بيجي والسيطرة الكاملة على المصفى وحصار تكريت واضحة تماما لدى الكثير من القادة والمقاتلين على الأرض، وهذا الكلام من الواقع وليس رأيا، وبتتبع بسيط لإعلام قناة العراقية في تلك الفترة، يعطي انطباعا واضحا حول التصور المتبني لديهم آنذاك.

وتابع الهاشمي أنّ الدخول السلس إلى بعض الأحياء، والسرعة القياسية في السيطرة على بيجي، جعل بشائر النصر تزف سريعًا لكل مريد لها؛ لكن تبين خلال الأسبوع الماضي، أنّ الأمر ليس كذلك، وأن فرصة لمراجعة الحسابات الميدانية كانت فاتت القادة المتحمسين يومها زيادة عما يلزم وتركت وسائل التطهير ومسك الأرض، وهذا حال القيادة العسكرية هناك تركت الأسباب الحقيقية، وتوجهت إلى التحرير والمزيد من النصر.

ويجزم أنّ الأسباب الرئيسة لتراجع أو تأخر القوات الاتحادية ومن يساندها في مسك الأرض داخل محافظة صلاح الدين؛ الانغماس الزائد بالتسليح بالأسلحة الثقيلة والمدرعة بشتى أنواعها مع ما يصاحبها من ناقلات وعجلات بطيئة الحركة، في مناطق لم تطهر من العبوات والكمائن.

وعن المدة التي يمكن تحرير مدن العراق المسلوبة من التنظيم المتطرفة فيها، أجاب: يمكن تحرير العراق من المتطرفين عسكريًا، خلال عام، إذا توفرت إرادة صادقة من الحكومة العراقية بتسليح وتدريب واحتواء العرب السنة وإسنادهم عبر القوات النظامية وتحت إشراف التحالف الدولي، إما إذا بقيت الحكومة تماطل ولا تثق بالعرب السنة ولا تنجز لهم مشروع الحرس الوطني؛ فإن تحرير العراق عسكريًا، يحتاج إلى عامين أو ثلاثة، وتطهيره من مخلفات التنظيمات المتطرفة يحتاج إلى أعوام أخرى.

وتوقع حاجة العراق إلى ثلاث مراحل للتحرير العسكري، الأولى: مرحلة صناعة الأطواق النظيفة لمحافظات الإقليم وكركوك وصلاح الدين وبغداد وديالي وبابل وكربلاء، وهذه المرحلة لم تكتمل منذ عام، والمرحلة الثانية: قتال المتطرفين في عمقه الاستراتيجي نينوى والأنبار، والمرحلة لم تبدأ إلى الآن، أما الثالثة فمرحلة مسك الحدود بين العراق وسورية، وبالتالي فإن هزيمة المتطرفين في سورية ستكون مهمة ونافعة للعراق في المرحلة الثالثة أم المرحلة الحالية، فالعراق لن ينتفع كثيرًا من هزيمته في سورية، كما لم ينتفع من هزيمته في كوباني والمنطقة الكردية السورية، حيث في المدة نفسها، استطاع المتطرفون احتلال مناطق مهمة في الانبار.

وعن أماكن تواجد أبو بكر البغدادي حاليًا، بحسب متابعته لشؤون المتطرفين، شدد الهاشمي على وجوده في ولاية الفرات وولاية الجزيرة، ما تعرف بولاية الحدود سابقًا بالنسبة إلى المتطرفين، بؤرة الثقل لأنها عقدة التواصل والمدد والمعسكرات والمخازن الأكثر أمنا، وخسارتها تعني حصار المتطرفين في العراق وتحجيمها في سورية، موضحًا أنّه من أجل ذلك تشير كل التقارير عن وجود البغدادي وقياداته هناك، وهم في قرى هذه المنطقة ذات المناخ المعتدل والجغرافية المتعددة والعشائر المبايعة لهم.

وأسترسل، أنّه كلما كان الضوء مسلّطا على معارك نينوى والرقة والانبار والحسكة؛ فإن ولاية الفرات ستبقى آمنة وهي الأشد، بعيدة عن الاستهداف.

وفي الشأن ذاته، أكد الهاشمي فشل الأجهزة الأمنية العراقية والأجنبية في السيطرة من الداخل على توجهات وشبكات المتطرفين واختراقهم، مبيّنًا أنّ الأجهزة الاستخبارية تعاني من قلة العمليات الاستباقية ضد تلك الشبكات داخل العراق، دائما تكون الأجهزة الأمنية العراقية في وضع الدفاع أو الصدمة، وشبكات المتطرفين صاحبة المبادرة والاستباق في إنجاز العمليات.

ويظن أنّ السبب الرئيس وراء التفوق الأمني لـلمتطرفين؛ ركون الأجهزة الأمنية في العمل إلى موازين وطرق كلاسيكية قديمة تسمح بكل بساطة لاختراقها من شبكات المتطرفين، ويعتقد بأن هناك غفلة وجهلا لدى الأجهزة الأمنية تجاه فهم ودرس شبكات المتطرفين وتطورها التقني والإعلامي، ونمو عقليتها وتعزيز قدراتهم الفنية بخبرات عسكرية من ضابط ومقاتلي الجيش والأجهزة الأمنية السابقة.