رام الله - فلسطين اليوم
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن قرارات المجلس المركزي الأخيرة، اتخذت بهدف مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية. وأضاف خلال ترؤسه الاجتماع الأول للجنة الوطنية العليا المكلفة تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني: «نجتمع اليوم لمتابعة تنفيذ القرارات والقضايا كافة التي أوكلت إلينا من قبل المجلس».
وقال إن «المهمة صعبة في ظل الوضع الأصعب والأخطر، ولكن لدينا الإرادة لننفذ كل القرارات بكل العقلانية والاحترام».
وكان المجلس المركزي الفلسطيني قرر إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية كافة، تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)، بما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما قرر المجلس المركزي، وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي، باعتبار أن المرحلة الانتقالية، وضمنها اتفاق باريس، لم تعد قائمة، وعلى أساس تحديد ركائز وخطوات عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى تجسيد استقلال الدولة ذات السيادة.
وخول المجلس المركزي الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية، متابعة تنفيذ ذلك وضمان تنفيذه.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تنفيذ القرارات سيكون بالتدرج وليس مباشرة. وأضافت: «الاقتراحات على الطاولة الآن ليس الانسحاب مباشرة من اتفاق أوسلو، وإنما التفكك من التزاماته كما تفعل إسرائيل».
وتابعت: «نناقش الآن خطة قد تمتد لعام أو أكثر من أجل تطبيق القرارات».
وأردف عباس: «نريد خطة معقولة مع دراسة تبعات كل قرار وقدرتنا على التعامل معه، وليس اتخاذ خطوات مدمرة».
ويفترض باللجنة التي ترأسها عباس فورا بعد يوم من اجتماع المركزي، وضع خطة كاملة لتنفيذ هذه القرارات، التي اتخذت أكثر من مرة، ووجد الفلسطينيون صعوبة في تطبيقها.
وتناقش اللجنة قرارات تتعلق بوقف الاتصالات الأمنية وتبادل المعلومات مع إسرائيل، وتعديل اتفاق باريس الاقتصادي نحو التخلص من التبعية لإسرائيل، ومقاطعة منتجات الاحتلال، ومحاولة الاستقلال في الشؤون المدنية، مثل تسجيل وتسوية الأراضي العامة والخاصة والوقفية، وتشكيل سجل سكاني ومدني مستقل.
وتبحث اللجنة في كيفية استثمار ذلك لتجسيد دولة فلسطينية على الأرض في المستقبل، كما تبحث طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة، بما يشمل وقف الالتزامات بالاتفاقات الأمنية، ما دامت لم تتراجع واشنطن عن قرارات سابقة ضد المنظمة والسلطة والفلسطينيين، والاستمرار في الانضمام إلى الوكالات والمؤسسات والهيئات الدولية، من دون الأخذ في الاعتبار موقف الولايات المتحدة.
وكان المجلس المركزي قد اعتبر الإدارة الأميركية شريكاً لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وجزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل، مؤكدا استمرار قطع العلاقات والاتصالات مع الإدارة الأميركية لحين تراجعها عن قراراتها غير القانونية بشأن القدس واللاجئين والاستيطان، والموقف من منظمة التحرير الفلسطينية.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات إن «اللجنة الوطنية العليا ستبدأ بتنفيذ كل القرارات من دون استثناء في كل المجالات، لكن بشكل تدريجي» مضيفا: «لن يكون هناك قفز في الهواء لأن المسائل لا تتعلق بشعارات».
وأضاف: «هناك تسعة وستون مجالا في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، نتج عنها ثمانية اتفاقات موقعة مع إسرائيل منذ عام 1993 وحتى عام 1999. واللجنة التي كلفت ستأخذ بعين الاعتبار كل هذه المجالات والنقاط».
ويتحدث عريقات عن اتفاقات سياسية وأخرى تنفيذية. ويؤكد حديث عريقات التروي في تنفيذ القرارات المتشددة، التي أكدها المجلس المركزي، ويعتقد أن تطبيقها قد يكلف الفلسطينيين كثيرا على الأرض.
وقال عزام الأحمد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: «سنأخذ خطوات مدروسة بلا شك».
وفي الوقت الذي صعد فيه المركزي بشأن العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة، تجنب حسم المسائل الحساسة في الشأن الداخلي، فلم يقرر حل المجلس التشريعي الذي تشكل حماس أغلبيته، وقف تمويل قطاع غزة.
وكانت العلاقة مع حماس، بما في ذلك مطالبة المجلس الثوري لحركة فتح بحل المجلس التشريعي على طاولة المركزي.
واتفق الأعضاء على أن التشريعي إنجاز فلسطيني لا يمكن هدمه.
لكن المجلس المركزي حمل حركة حماس المسؤولية الكاملة عن عدم الالتزام بتنفيذ جميع الاتفاقات التي تم التوقيع عليها وإفشالها، وكان آخرها اتفاق 12/ 10/ 2017، الذي صادقت عليه الفصائل الفلسطينية كافة في 22/ 11/ 2017، ويؤكد «التزامنا بتنفيذ هذه الاتفاقات بشكل تام بالرعاية الكريمة للأشقاء في مصر».
كما أكد المجلس رفضه الكامل للمشروعات المشبوهة الهادفة إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، بما فيها عاصمتنا الأبدية القدس الشرقية، على اعتبار ذلك جزءا من صفقة القرن.
وأعاد المجلس المركزي التأكيد على أن التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية وطنية لمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كما جرى خلال المفاوضات غير المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية عام 2014 وليس عملاً فصائلياً، وفقاً للمبادرة والرعاية المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأكد المركزي أن معالجة الوضع في قطاع غزة من مختلف جوانبه، ينطلق من المعالجة السياسية بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، ورفض ما يطرح تحت اسم مشروعات إنسانية وموانئ ومطارات خارج حدود دولة فلسطين.
وقال عريقات، إن القيادة تسعى للحفاظ على قطاع غزة منبت الوطنية الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية، إلا أن الأسلوب المستخدم من قبل حركة حماس يدل على أنها باتجاه الفصل.
وطالب عريقات حركة حماس بتنفيذ اتفاق القاهرة الذي تم التوقيع عليه العام الماضي، مشددا على أن نقطة ارتكاز الرئيس الأميركي ترمب وهدفه الآن، هو فصل الضفة عن قطاع غزة تنفيذا لصفقة القرن.
وأشار عريقات إلى أن المسائل لا تتعلق بالشعارات الزائفة التي تطلقها حماس، والأكاذيب والتشويش والاتهامات واستخدام الدين والمقاومة، مشددا على أن استمرار الانقسام أدى إلى اعتقاد إدارتي ترمب ونتنياهو، بأنه آن الأوان لتدمير إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لكن حماس لم تر في قرارات المركزي سوى فرقعات إعلامية، بحسب تصريح الناطق باسمها سامي أبو زهري، الذي قال إن «قرارات مجلس عباس الانفصالي ضد الاحتلال شكلية، وهي مجرد فرقعات إعلامية تهدف إلى التغطية على جرائم عباس المستمرة ضد غزة».
واتهمت حماس وفصائل أخرى المركزي بإعادة إنتاج قرارات سابقة، كانت دورات المجلس الوطني والمجالس المركزية قد اتخذتها، متهمة القيادة الرسمية بتعطيل تنفيذ هذه القرارات.
وكانت حماس وصفت المجلس المركزي بأنه غير شرعي وانفصالي وهزلي، وأكدت أنها لا تعترف بمخرجاته.
وفي الجانب الإسرائيلي، وصف أحد وزراء حكومة نتنياهو قرار تعليق الاعتراف بإسرائيل، وتجميد التنسيق الأمني معها، بأنه «توجه يبعث على القلق».
وقد اتهم وزير المالية موشي كحلون، السلطة الفلسطينية بـ«تعقيد الوضع في غزة، وتجويع سكان القطاع، ومحاولة جر إسرائيل إلى حرب لا داعي لها». وشدد كحلون في حديث إذاعي، على أن السلطة الفلسطينية «ترتكب خطأ جسيما، عبر التطرف في نشاطاتها».