محمود العجرمي

أكد الخبير الأمني والإستراتيجي في غزة، محمود العجرمي، أن الأجهزة الأمنية في القطاع استطاعت أن تحقق إنجازًا استخباراتيًا وأمنيًا كبيرًا من خلال كشفها للتفاصيل الدقيقة لاغتيال القائد في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس والأسير المحرر مازن فقها.

وأوضح العجرمي، في مقابلة خاصة لـ"فلسطين اليوم"، أن كشف مُلابسات جريمة اغتيال فقهاء يشكل انعطافه حقيقية وصفعة قوية في وجه الاحتلال، الذي يعتبر أن يده طويلة وقادرة على فعل أي شيء، مؤكدًا أن القبض على القتلة واعتقال عملاء آخرين يدل على قوة الأجهزة الأمنية في غزة وقدرتها على فك طلاسم تلك العملية المُعقدة، مشددًا على أن الاحتلال لم ينجح في تكتمه على جريمته وباقي الجرائم التي دائمًا ما يفضل الاعتراف بها وكشف تفاصيلها بعد ربع قرن من ارتكابها.

وبيَّن العجرمي، أن العدو لا يحسب أي حساب في استخدام عملائه للوصول لقادة المقاومة، لذلك يقامر به ويقدمهم للمحرقة كونه يعلم قدرة الأجهزة الأمنية والمقاومة في غزة على كشف جرائمه، موضحًا أن المعلومات والحقائق التي أعلنتها وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة مؤخرًا تدل على أن عملية ضرب المنظومة الأمنية الإسرائيلية في القطاع مستمرة من خلال كشف مزيد من العملاء، مشيرًا إلى أن تصريحات اللواء توفيق أبو نعيم، وكيل الوزارة، تشي بأن الأجهزة الأمنية لا زالت تتابع بعض الخيوط في قضايا أخرى.

وكشف العجرمي، أن الاحتلال حاول طوال فترة التخطيط لعملية الاغتيال، أن يكون بعيدًا عن المشهد بشكل مباشر، وألا يكون في الواجهة، عبر تنفيذ العملية عبر عملائه، لافتًا إلى أن كشف قتلة فقها وتفاصيل العملية في 45 يومًا من تنفيذها ضربة قوية من الأجهزة الأمنية في غزة لأمن الاحتلال، وتقلب الطاولة على رأس من خطط لها، مبينًا أن هناك جزءً كبيرًا لم تعلن تفاصيله بعد.

وشدد العجرمي، على قوة تماسك ووعي الجبهة الداخلية في قطاع غزة لخطوة آفة العملاء، مشيرًا إلى أن هناك جزء من المعلومات الأمنية التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية كانت من سكان المنطقة، مثل الإبلاغ عن التحركات المشبوهة التي سبقت الجريمة، والإبلاغ عن أشخاص ترددوا على المنطقة من خارجها، لافتًا إلى أن ذلك دليل قاطع على وعي المواطنين.

وبشأن دخول ضباط الشاباك للعميل أشرف أبو ليلة، القاتل المباشر لفقها، تحت غطاء أفراد من الجماعات المتشددة ، قال العجرمي: "الجماعات المتشددة إحدى مداخيل العدو الإسرائيلي لإسقاط العملاء، وهذا متوفر ومشاهد في عديد الدول العربية، إذ أن هناك جماعات أصبحت مكشوفة أنها تعمل لصالح أجندة مشبوهة".

وحذر العجرمي من الجماعات المتشددة وأفكارها المتطرفة، مشيرًا إلى أن أجهزة الاستخبارات العالمية استطاعت نشر الفوضى والصراع في المنطقة من خلال تلك الجماعات التي هي من صنيعتها، معتبرًا أنه تم حصرها من قبل الأجهزة الأمنية، وأصبحت محل شك من الجمهور الفلسطيني بعد اعتراف العميل أشرف أبو ليلة، أن ضباط الشاباك طلبوا منه تكوين مجموعات مسلحة في قطاع غزة.

وبخصوص هروب العميل الرابع من قطاع غزة، أبرز العجرمي، أن "الهارب الوحيد من مجموعة اغتيال فقها قد يكون هرب في مكان قريب من السلك الشائك، وهذا لا يعيب دور الأجهزة الأمنية، إذ أنها استطاعت القبض على القتلة الثلاثة"، مبينًا أن اغتيال "فقها" وكشف الجريمة سيكون علامة فارقة في منظومة العمل الأمني، وسيكون لها ما بعدها، إذ ستستمر حواجز الداخلية في فرض الإجراءات الأمنية "حواجز طيارة – متابعة بعض المشبوهين – انتشار عناصر أمنية بشكل مكثف - تركيب كاميرات مراقبة في المناطق الحساسية".

ونوه العجرمي، عن تنفيذ الأحكام الثورية بحق قتلة فقها، قائلًا: "من المعروف أن المحاكم الثورية سريعة البت في القضايا المعروضة أمامها"، متوقعًا أن يتم تنفيذ حكم الإعدام بحق قتلة فقها في الميادين العامة أمام مرأى الناس ليكونوا عبرة، لا سيما أن قضية فُقها أصبحت قضية رأي عام، معتبرًا أن العلاج الأنجع لمواجهة ظاهرة العمالة، تكون ضمن إستراتيجية متكاملة، يشترك فيها العامل الأمني، والتوعوي، والثقافي، والاقتصادي، وإزالة الأسباب التي تكون مدخل للأجهزة الأمنية الإسرائيلية للولوج إلى الجبهة الفلسطينية الداخلية.