جنين ـ مارتين زغيبي
أكّدت عضو إقليم منتخب "فتح" على مستوى محافظة جنين، ورئيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في جنين، وفاء زكارنة أنَّ الرئيس الراحل ياسر عرفات حوّل القضية الفلسطينيّة من قضية لاجئ إلى قضية ثائر، مبرزة أنها مقتنعة بأنَّ الرئيس أبو مازن رجل عقلاني، يبحث عن القضية، وعن مصلحة الشعب، ولافتة إلى أنَّ ما تعتبره حركة "حماس" انتصارًا في حرب غزّة الأخيرة لا يتجاوز كونه وهمًا.
وبيّنت زكارنة، في حديث خاص إلى "فلسطين اليوم"، أن "من خدموا القضية الفلسطينية تحدّدهم المراحل، فهناك أشخاص موجدين وحاضرين في المرحلة الراهنة، وأخرين رحلوا عنّا، كالرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كان له دورًا أساسيًّا في القضية، فهو الذي حولها من قضية لاجئ إلى قضية ثائر، وعندما قام برفع غصن الزيتون في الأمم المتحدة تحركت القضية دوليًا، وما تلا ذاك من معارك قد خاضتها منظمة التحرير، وعلى رأسها صاحبة الرصاصة الأولى حركة فتح".
وأضافت "كان أولها في حرب بيروت عام 1982، التي نقلت القضية الفلسطينية السياسية نقلة نوعية، وما تبعها من اغتيالات للقيادات الفلسطينية، لاسيّما قيادات فتح من أبو جهاد وأبو أياد وأبو الهول، ومن ثم أتت أوسلو".وتابعت "على الرغم من التحفظات على الاتفاق، يكفي أنه أتى بما يقارب ستين ألف فلسطيني إلى الأراضي المحتلة".وأشارت إلى أنّه "مع وفاة واستشهاد القائد ياسر عرفات انتقلت القضية من مرحلة لأخرى، فقد تحولت القيادة المتمثلة بعرفات من شخص ثورجي إلى مجرد رئيس".
وكشفت أنه "بناء على جلساتنا الدورية مع الرئيس أبو مازن فأنا مقتنعة بكونه رجل عقلاني، يبحث عن القضية، وعن مصلحة الشعب، وعلى الرغم من اختلافنا في بعض المواقف، إلا أنّني أكرّر بأنه عقلاني، وربما عقلانيته تنبع من كونه سياسيّ أكثر من عسكري، وهو لم يكذب على أيّ أحد بهذه النقطة".
واستطردت "منذ طرح الرئيس عباس لبرنامجه السياسي في الانتخابات أوضح أنه سيذهب في طريق المفاوضات، وكان صادقًا مع نفسه أولاً ومع شعبه أيضًا، وقد خدم القضية دوليًا، بكونها أصبحت عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة، فضلاً عن العديد من المقاطعات للأكادميين الإسرائليين وللبضائع، على المستوى الدولي، فلا أحد يستطيع أن ينكر أهمية المرحلة التي قادها أبو مازن".
وبيّنت عضو إقليم منتخب "فتح" على مستوى محافظة جنين، "باعتقادي، وبناءً على عملي في تنظيم فتح منذ ما يقارب العشرين عامًا، فإنني أكرّر دومًا أنَّ المفاوضات وحدها غير كافية، فمقاومة الاحتلال تبدأ من الصمت وحتى البندقية، ولكن كل مرحلة من المراحل تحتاج لدراسة، وهذا يحتاج لإرادة داخلية من الشعب والتنظيمات جميعها، وأن نتوقف عن التفكير بالمناصب والكراسي، فعندما صرح أحد قيادات حماس، أثناء المعركة الأخيرة، وأثناء نزف الشعب الفلسطيني، بأنَّ رصيد حركة حماس قد زاد في الشارع الفلسطيني، إذن هنا هو يفكر فقط في الانتخابات، على عكس الطرف الآخر، فأبو مازن كان يفكر فقط بكيفية وقف سيلان الدماء في الشارع الفلسطيني، وكان يستحضره من جميع الجهات دماء الأطفال والنساء والأبرياء، فما زالوا الناس يهربون من الجوع فمن لم تأكله الحرب أكلته الأسماك".
وأكّدت زكارنة أنَّ "أبو مازن جاد جدًا في موضوع المصالحة، وقام بتنازلات عديدة"، مضيفة "نحن كأبناء لحركة فتح لم نوافقه الرأي عليها، إلا أنه كان يفكر بمصلحة الشعب وفقط، واعتراض بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح على المصالحة نابعًا من تصرفات حماس بفرض الإقامات الجبرية مثلاً، فمن يتصور أنّ أحدًا يستطيع أن يفعل هذا بابن شعبه، إضافة لاستشهاد العديد من أبناء فتح نتيجة اغتيالات حركة حماس اللامقبولة، والتي لا يمكن نسيانها، وحتى من التنطيمات الأخرى"، لافتة إلى أنَّ "آخر 23 شهيدًا أعدمتهم حماس كان منهم 15 من الأجهزة الأمنية، وواحد من قيادة الجبهة الشعبية، يبلغ من العمر 65 عامًا، اتهموه بالعمالة".
واستكملت "كثير من المؤشرات تشير إلى أنَّ حماس غير جادة في موضوع المصالحة، وإنهاء الانقسام، فعندما كان هناك حكومة توافق، وأرسل إليهم وزيرًا، هم قاموا بتعيينه، أبرحوه ضربًا، فهذا يعدّ من الموشرات القوية، فضلاً عن التبرعات التي دعت إليها منظمة التحرير والقيادة والشارع الفلسطيني، والتي اكتشف أنَّ نصفها قد وزع لأهل حماس، والعيني منها تمَّ بيعه".
ولفتت زكارنة إلى أنَّ "حركة حماس تضمّ أكثر من تيار، يوجد عندهم الداخل والخارج، وهذه هي مشكلتهم، يصرح مشعل وينكر الزهار وهكذا، إضافة إلى التدخلات الإقليمية الأخرى، مثل قطر وتركيا وإيران".
وأوضحت أنّه "بحسب أبو مازن فهو يريد حلاً لأزمة الشعب، والقضية، فدوليًا يوجد تساؤلات وصعوبات في ضوء هذه الاختلافات، فمن الناطق باسم الشعب، فتح أم حماس، من القائد، من نحاور، بينما حماس تريد من المصالحة حلاً لأزمة داخلية من داخل حماس، لاسيّما عندما خرجت لنا بالثلاثة وخمسين ألف موظف، غالبهم برتبة إما لواء أو عقيد، فهي بذاك تريد أن تحل أزمتها على حساب الشعب الفلسطيني".
واعتبرت أنَّ اتفاق المصالحة، الذي وقع في القاهرة عام 2011، غير موجود، متمنية إنهاء الانقسام، ولافتة إلى أنها "من خلال نشاطي عبر الشبكات الاجتماعية، أفاجئ بالحقد الموجود لدى حركة حماس، ففي مرحلة أوج الأزمة، وفي الحرب الأخيرة على غزة، وعند سقوط الصواريخ على رؤوس الناس، بقيت الحركة مصرّة على الإقامة الجبرية لأبنائنا في فتح، فلا يوجد عقل يستطيع استيعاب ما حدث، هذا التصرف غير مبرر، مهما كانت التداعيات".
وأردفت "لا تستطيع الأم أن تنسى ابنها الذي اغتيل ظلمًا، ولا تستطيع فتح المسامحة بسهولة على كل الجرائم التي احدثتها حماس، بدءًا بالإقامة الجبرية، وانتهاء ببتر الأقدام، الطرفين يحملون العديد من مشاعر الغضب، فالأم الحمساوية هي أم أيضًا، ولكن برأيي فتح أرقى في التعبير عن غضبها أولاً، وتحدها مصلحة الشعب من الأربع جهات".
وشدّدت على أنه "إجمالاً أينما وجدت الأصولية وجد التطرف"، مضيفة "أود الإشارة إلى أنَّ حماس ليست الوحيدة التي قاومت، وبرأيي من قاوم هم أهل غزة الذين بقيوا في العراء عندما كانت قيادات حماس في الخنادق".
وعن ما إذا كانت غزّة قد حققت انتصارًا، حسب اعتقاد الكثير من أفراد الشعب الفلسطيني، تساءلت "عن أيّ انتصار يتحدثون ونحن بالأمس بكينا على أبنائنا، وفي اليوم التالي حققنا انتصار؟؟، هذا انتصار وهميّ، الآلاف والآلاف بلا مأوى، هل الانتصار هو الميناء والمعبر، هذا كله من زمن أوسلو، إلا أنَّ أوسلو الكوفية ذهبت، وأتت أوسلو باللّحية".ووجهت زكارنة، في ختام حديثها إلى "العرب اليوم"، رسالة إلى قادة حركة "حماس" مفادها "خرجتوا من مصر وسورية، وستخرجون من قطر، فحضن وطنكم هو الأحن لكم من أحضان جميع دول الأمّة العربية"، جاعية القيادة الفلسطينية إلى التحلّي بالصبر في ملف المصالحة.