واشنطن - فلسطين اليوم
ارتفع معدل النمو الأميركي خلال الربع الثاني من العام الجاري، ما جعل دونالد ترامب يصف الأمر بـ"المعجزة ,على الرغم من أن الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كان على وشك الانهيار ".
و هوت تدفقات الاستثمار الأجنبي في أميركا خلال الربع الأول من العام الجاري، نتيجة الإصلاحات الضريبية التي أجراها ترامب، للمرة الأولى منذ 2005، توصل الرئيس الأميركي إلى هدنة مع رئيس المفوضية الأوروبية لتهدئة التوترات التجارية بين الجانبين.
وتجاوز حجم الاقتصاد الأميركي 20 تريليون دولار، وزاد إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 4,1% بين أبريل /نيسان ويونيو /حزيران ما جعل من الولايات المتحدة الأسرع نموًا بين الدول المتقدمة. حسب تقرير نشرته وزارة التجارة الأميركية يوم الجمعة.
- النمو "المعجزة"
أشاد ترامب بالنمو الملحوظ للاقتصاد الأميركي، معتبرًا أنه "معجزة"، وأن الوتيرة التي تعد الأسرع منذ أربع سنوات تقريبًا هي تأكيد لفاعلية سياسته الاقتصادية.
وقال ترامب في البيت الأبيض: "نحن في طريقنا نحو تحقيق أعلى معدل نمو سنوي منذ أكثر من 13 عامًا"، مضيفًا "أينما ننظر نرَ نتائج المعجزة الاقتصادية الأميركية".
ويُعزى التسارع في وتيرة النمو في الفصل الثاني جزئيًا إلى التحفيز وخفض الضرائب.
والاقتصاد الأميركي حاليًا في مواجهة حقيقية أمام الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة، من خلال الحمائية التجارية التي تتمثل في فرض رسوم جمركية على بعض واردات هذه الدول.
- تراجُع الاستثمارات الأجنبية للمرة الأولى منذ 2005
وتسبب ذلك في انخفاض الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، حسب دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يوم الجمعة، كشفت فيها عن أن الإصلاحات الضريبية التي أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب سببت اضطرابًا كبيرًا في تدفقات الاستثمار العالمي، مع جذب الولايات المتحدة أموالًا أكثر من التي تضخها في الخارج في الربع الأول من العام وذلك للمرة الأولى منذ 2005.
وقالت المنظمة التي مقرها باريس إن الدراسة الصادرة عنها هي الأولى التي تكشف بيانات عن أثر التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقالت ماريا بورجا خبيرة الإحصاء بقسم الاستثمار في منظمة التعاون الاقتصادي، "في العادة فإن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للاستثمار الخارجي في العالم. لذا حين تتحول إلى تسجيل رقم بالسالب فإن لذلك أثراً كبيرًا على التدفقات العالمية".
وخلصت الدراسة إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية المتجهة إلى الخارج انخفضت 44% إلى 136 مليار دولار في الربع الأول من 242 مليار دولار في الربع السابق.
يرجع ذلك في الأساس إلى تحوّل سلبي للاستثمارات الخارجة من الولايات المتحدة، مما يعني أن الشركات الأميركية جلبت المزيد من الأموال إلى الداخل بالمقارنة مع تلك التي ترسلها إلى الخارج.
وتراجعت الاستثمارات الخارجة من الولايات المتحدة إلى سالب 145 مليار دولار، لتسجل رقمًا سالبًا للمرة الأولى منذ الربع الرابع من 2005. ويرجع التغيير إلى تحويلات كبيرة إلى الداخل من قبل الشركات الأميركية الأم لأرباح شركاتها التابعة في الخارج.
- تهدئة مع الاتحاد الأوروبي
وأرجع البعض التهدئة مع الاتحاد الأوروبي إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية في أميركا، وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، يوم الجمعة، إن الخطة التي توصل إليها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الأربعاء الماضي، لتهدئة التوترات التجارية بين الجانبين كانت على وشك الانهيار.
وأضاف يونكر في مقابلة مع إذاعة "إيه آر دي" الألمانية، إن ترامب ووفده المفاوض مارس "ضغطًا قويًا" خلال المفاوضات، لإجبار الاتحاد الأوروبي على فتح أسواقه الزراعية بصورة أكبر.
وذكر يونكر أنه رفض مثل هذه الخطوة "مدركًا الموقف في أوروبا ليس فقط في فرنسا ولكن في بلجيكا وآيرلندا وكذلك لوكسمبورغ وأي مكان آخر".
وتابع أنه من أجل التوصل إلى اتفاق تم إجبار الاتحاد الأوروبي على التخلي عن إمكانية وصول الشركات الأوروبية إلى المناقصات العامة الأميركية كموضوع أساسي في المحادثات.
كان ترامب ويونكر قد اتفقا خلال لقائهما، يوم الأربعاء الماضي، على تهدئة النزاع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المستمر منذ الشهر الماضي بسبب الرسوم الإضافية التي تبادل الجانبان فرضها.
ويعتزم البيت الأبيض والاتحاد الأوروبي بدء محادثات من أجل التوصل إلى اتفاق طموح لإلغاء الرسوم والحواجز غير الجمركية على المنتجات الصناعية.
كانت فرنسا من الدول التي طالبت على الفور بتوضيح الاتفاق، مشيرة إلى تصريحات ترمب التي قال فيها إن الاتفاق سيفتح أسواقًا جديدة أمام المزارعين الأميركيين.
و قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إن المزارعين الأوروبيين لا يتعين عليهم الخوف من زيادة المنافسة نتيجة الاتفاق، مضيفة أن المنتجات الزراعية تم استبعادها من المفاوضات المقررة بشأن اتفاقية الرسوم.
- غيرة العالم من الاقتصاد الأميركي
يقول الرئيس الأميركي إن اقتصاد الولايات المتحدة "يثير غيرة العالم"، وإنه و"مع التوصل إلى اتفاقات تجارية إضافية سنحقق أرقامًا أعلى من هذه مع أنها رائعة".
وحذّر خبراء الاقتصاد من أن الأمر قد يكون عابرًا، وردوه إلى عوامل مؤقتة بما في ذلك تحسن آنيّ بعد المواجهة التجارية بين ترمب والصين.
وحسب تقرير وزارة التجارة، فإن النمو في النصف الأول من العام الحالي تجاوز 3%، ما يطابق أهداف البيت الأبيض ويفوق التوجه الذي ساد في السنوات السابقة.
وخلال الفترة بين أبريل ويونيو، سجل إنفاق المستهلكين أعلى مستوى له منذ أربع سنوات تقريباً مع إقبال أكبر للأميركيين على شراء السيارات وإنفاق أكثر تحرراً على العناية الصحية والعقارات والخدمات العامة والمطاعم والفنادق، حسب تقرير وزارة التجارة.
وارتفع شراء المنتجات بـ5,9% في المنتجات، وكانت النسبة الكبرى للتحسن في بيع السيارات بينما كانت الزيادة في الخدمات 3,1%.
وهذه الزيادة في معدل النمو مردّها أيضاً إلى جهة غير معهودة وهي تحسن بنسبة 13,3% في الصادرات مع مبيعات قوية للنفط والصويا إلى الخارج والتي تواجه الآن رسوماً صينية صارمة.
ويقول محللون إن هذه الزيادة مردّها إلى قيام المستوردين الصينيين بالتخزين قبل دخول الرسوم الصينية حيز التنفيذ في يوليو (تموز) رداً على إجراءات أميركية مماثلة، ما يعني أن التجارة ستتراجع على الأرجح في الربع الثالث ومعها معدل النمو.
إلا أن ترمب ركز، رغم كل شيء، على التراجع المفاجئ في العجز الأميركي معتبراً أنه انتصار جديد لسياساته التجارية الصارمة.
وتابع ترمب: "ربما أحد أهم الانتصارات في التقرير وهو بالفعل انتصار كبير هو تراجع العجز التجاري بأكثر من 50 مليار دولار. الموضوع عزيز عليّ لأننا كنا نتعرض للنهب من قبل الجميع".
وأظهر التقرير أن الواردات ازدادت بنسبة 0,5% فقط، أي الزيادة الأدنى في غضون عامين ونصف العام. ومن العوامل المساهمة أيضاً في النمو الاقتصادي زيادة الإنفاق على المستوى المحلي والولايات بـ1,4%.
إلا أن النمو لم يبلغ نسبة الـ5% التي كان ترمب يلوح بها خلال مشاركته في تجمعات في أيوا وإيلينوي مؤخراً.
ويعوّل البيت الأبيض على نمو أسرع للتعويض عن الخفض الكبير في الضرائب في ديسمبر (كانون الأول) من خلال توليد عائدات أكبر. إلا أن عائدات الضرائب الفيدرالية تتراجع، ما يزيد من عجز الموازنة الفيدرالية بينما تزداد كلفة الاقتراض بسبب ارتفاع معدلات الفائدة.
يقول إيان شيبردسون من "بانثيون ماكروايكونوميكس" إن التقلبات في المخزونات والتجارة وتراجع آثار خفض الضرائب يمكن أن يجعل النمو في الربع الثالث 3%.
ويضيف شيبردسون: "الرسالة إذن أنك إذا اقترضت ما يكفي من الأموال من أحفادك وأنفقته في الاقتصاد فسينمو بشكل أسرع لفترة".
أما ديان سوونك كبيرة الاقتصاديين لدى "غرانت ثورنتون"، فتقول إن معدل النمو سيصل على الأرجح إلى 3% التي حددها البيت الأبيض هدفاً، وإن التراجع المفاجئ في المخزونات التجارية في الربع الثاني ينبئ بتحسن في النصف الثاني من العام. وتضيف سوونك: "السؤال هو إلى أي حدٍّ الشركات مستعدة للتخزين بينما يلوح تهديد حرب تجارية؟".