واشنطن يوسف مكي
فاز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بعلاقات عامة مبكرة هذا الأسبوع، ويعود الفضل له في إقناع شركة أميركية بعدم الاستعانة بمصادر خارجية من الوظائف في المكسيك، لكن القضية وأثارها أكثر تعقيدًا عما ظهرت عليه للمرة الأولى.
وأعلنت شركة "يوناتيد تكنولوجيز"، وهي الشركة الأم لشركة "كاريير"، التي تصنع الأفران والتكييفات في شهر شباط/فبراير، عن إغلاق مصنعها في إنديانابوليس، وفقدان نحو 1400 وظيفة، جنبًا إلى جنب مع مصنعها في شمال شرق مدينة هنتنغتون، وتسريح 700 عامل، ويظهر العمال غضبهم في مقطع فيديو بعد إخبارهم بالقرار الذي بدأ تنفيذه، وكانت كاريير أخبرت المسؤولين في إنديانا، أنها ستوفر 65 مليون دولار في العام، عن طريق تحويل الإنتاج إلى مصنع مساحته 645 ألف قدم مربع، تحت الإنشاء، خارج مونتيري في المكسيك، والأجور أرخص بكثير، ورفضت "كاريير"، حزمة الحوافز الضريبية التي فرضتها الدولة، وتدخل المرشح الجمهوري دونالد ترامب والذي كان رفع دعوى قضائية على شركة كاريير بسبب خلل في نظام التبريد في "ترامب إنترناشيونال أوتيل" في نيويورك عام 2007، وأدان ترامب الشركة على "تويتر"، وقال إن هذا الإغلاق ما كان ليحدث إذا كان رئيسًا، وألقى محافظ إنديانا باللوم على الأنظمة الفيدرالية باعتبارها عاملًا مؤثرًا، لكن السيناتور الديمقراطي جو دونلي، ألقى باللوم على إجراءات الشركة التي تسعى إلى خفض تكاليف العمالة.
وحول ترامب "كاريير"، إلى ضربة أثناء حملته الانتخابية ضد العولمة والصفقات التجارية والاستعانة بمصادر خارجية في المكسيك، ويعدّ بإعادة التصنيع، و"وضع أميركا في المقدمة" وندائه إلى الطبقة العاملة في الغرب الأوسط، وفقدت إنديانا 150 ألف وظيفة تصنيع منذ عام 2000، وهلل ترامب في حملته في نيوبوليس في شهر نيسان/إبريل، عندما قال إنه سيفرض تعريفة استيراد صارمة على السلع المصنعة من قبل الشركات الأميركية المصنعة التي نقلت وظائفها إلى الخارج. ووصل بترشيح الحزب الجمهوري بالفوز في الانتخابات التمهيدية في إنديانا في 3 أيار/مايو، لكن شركة كاريير واتحاد عمال الصلب المحليين 1999 توصلا إلى صفقة شاملة لعمال مصنع إنديانابوليس، بما في ذلك سداد نفقات التعليم والتدريب التقني، وكان من المقرر خفض الوظائف على مدى 3 أعوام، تبدأ من عام 2017.
وأذهل دونالد ترامب العالم بفوزه في الانتخابات الأميركية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، وقال في تغريدة له في عيد الشكر يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر، "أعمل جاهدًا حتى في يوم عيد الشكر في محاولة لإلقاء شركة كاريير للتكييفات في أميركا (إنديانا)، وسترون إحراز للتقدم في هذه القضية"، واعترف زعماء الاتحاد، أنهم كانوا غير متفائلين بشأن نجاح ترامب في هذه القضية لكن في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، قالت كاريير إنها توصلت إلى اتفاق مع ترامب الذي وعد به على "تويتر" في تغريدته "صفقة عظيمة مع العمال!". ودعا ترامب جريج هايز الرئيس التنفيذي لشركة "يونايتيد تكنولوجيز" بشكل شخصي لإبرام اتفاق، وعلق هايز هذا الأسبوع مازحًا "إذا خسرت فهل ستلتقط الهاتف؟".
وستحتفظ شركة كاريير بنحو 1100 وظيفة في مصنع إنديانابوليس، وعلى الرغم من أنها تتضمن نحو 300 وظيفة، لم يكن من المقرر لها أن تغادر البلاد لكن لا تزال هناك خطط لإرسال 1300 وظيفة إلى المكسيك، وإغلاق المصنع في هنتنغتون في إنديانا إلا أن تفاخر ترامب لا يعترف بذلك، فبالنسبة له مع أن قدراته منخفضة فيما يخص العلاقات العامة، حتى قبل أن يتولى منصبه كتب جيمس هومان في صحيفة "واشنطن بوست"، معلقًا على هذا الموضوع "إن الغالبية العظمى من الأميركيين لن يرون أكثر من مجرد عناوين تردد أن ترامب أنقذ 1000 وظيفة، وبالنسبة للرئيس المنتخب فقد أنجزت هذه المهمة".
وغيرت الشركة، خطتها بسبب موافقة إنديانا بشكل رسمي على منحها 7 مليون دولار حوافز ضريبية على مدار 10 أعوام، بينما وافقت الشركة على الاستثمار بقيمة 16 مليون دولار في الولاية التي تقع تحت حكم بنس حتى 20 كانون الثاني/يناير المقبل إلى أن يصبح نائبًا لرئيس الجمهورية. وقالت شركة كاريير إن الصفقة تعتمد على العمالة والاحتفاظ بالوظائف الموجودة واستثمار رأس المال، لكن توجد تكهنات بشأن الشركة الأم التي تعرضت لتهديد مع فقدان عقود الدفاع. وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها دون النقل عن محللين دفاعيين تقول إن ترامب لا يمكنه قانونًا توجيه العقود أو معاقبة الشركة، من خلال نظام البنتاغون، وكتبت الصحيفة "يتكون النظام الفيدرالي من آلاف الصفحات التي تدار بالبيروقراطية التي تحدد المتطلبات وتضع الطلبات المقترحة من الصناعة ثم تشرع في عملية اختيار مطولة، تستغرق شهورًا إن لم تكن سنين".
وأجرى ترامب، جولة في مصنع إنديانابوليس يوم الخميس الماضي، وصافح العمال عند خط التجميع، وصاح البعض مرددًا "شكرًا سيد ترامب!" و"شكرًا يا دونالد" كما حياهم بالإضافة إلى حضور بنس الذي قال "عندما كان ترامب يسعى للرئاسة قال إنه إذا انتخب رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية فسيفوز مجددًا أما الآن فقد ربحت أميركا، ونود أن نشكر ترامب ولدي شعور أن العمل جنبًا إلى جنب مع هذا الرجل الاستثنائي هو مجرد البداية". واعترف ترامب أنه لم يقصد هذا عندما تعهد أول مرة بوقف نقل كاريير لوظائفها، حيث ادعى أن كاريير كانت في البداية فقط "تعبير مخفف" عن رسالته الواسعة، وظن ترامب أن الوقت تأخر لتغيير خطط الشركة حتى قبل أسبوع من الآن حيث أخذ وعده على محمل الجد بعد رؤية التقرير حول كاريير في نشرات الأخبار المسائية، وعيّن ترامب نفسه كصانع الصفقة، وادعى أن محادثاته مع الشركة باعتبارها نموذجًا لامعًا بشأن كيفية التعامل مع الشركات الأميركية الأخرى التي تهدد بالانتقال إلى الخارج، وقال ترامب للعمال "لن تغادر هذه الشركات بعد الآن، ولن تكسر الشركات قلوب الناس ولن يعلموا الناس كما حدث مع كاريير أنهم لن يغلقوا المصانع ونقلها إلى المكسيك".
واتهم البعض الرئيس المنتخب ترامب بالتوسط والهندسة الاجتماعية وعلى الرغم من تدخل أوباما سابقًا لإنقاذ شركات صناعة السيارات بعد الأزمة الاقتصادية في عام 2008، التي أثرت على الصناعة برمتها وليس على المصنع فقط. وقال عضو الكونغرس جاستين أماش عن ولاية ميشيغان في تغريدة له على تويتر، "هذه ليست وظيفة الرئيس المنتخب فنحن نعيش في جمهورية دستورية وليست أوتوقراطية، ولا ينبغي التوسط في مجال الأعمال"، أما بالنسبة للنقاد فإن هذه الصفقات مثل التي تمت مع كاريير قد لا توقف، فقد الوظائف بسبب المنافسة الأجنبية الرخيصة، كما يضيف النقاد أن هذا الاتفاق لن يستمر على المدى الطويل، ويتسبب في قلق الشركات التي تبحث عن امتيازات ضريبية، وقال السيناتور بيرني ساندرز عن ولاية فيرمونت الذي خسر ترشيح الديمقراطيين أمام هيلاري كلينتون، لكنه فاز في إنديانا حيث كتب مقالًا افتتاحيًا عنيفًا في صحيفة "واشنطن بوست" بشأن هذا الموضوع قائلًا "قد يعرض ترامب وظائف العمال للخطر الذين كانوا بأمان في السابق في الولايات المتحدة، لماذا؟ لأنه أشار إلى كل شركة في أميركا، أنه يمكن أن تهدد الوظائف في الخارج مقابل الحصول على مزايا ضريبية ملائمة للأعمال التجارية والحوافز".