حكومة الوفاق الوطني

وصف اقتصاديون الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة خلال العام الجاري بـ 'السيئة'، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ثمانِ سنوات والعدوان الأخير، وربطوا تحسن ذلك الواقع برفع الحصار وإنهاء الانقسام وتولي حكومة الوفاق دفة الحكم ودوران عجلة الإعمار بالسرعة المطلوبة. وذكر اقتصاديون في أحاديث منفصلة مع 'وفا'،  بأن عام 2014 شهد انتكاسة مأساوية للقطاع الاقتصادي في غزة، والتي تفاقمت بعد العدوان الإسرائيلي الأخير الذي دمر مئات المصانع والمنشأت الاقتصادية وجرّف آلاف الدونمات الزراعية،  وأشاروا الى أن نسبة البطالة وصلت بعد العدوان الأخير الذي استمر 51 يومًا الى أكثر من 50في المائة والفقر إلى حوالي 80في المائة.

وصف المحاضر في كلية الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور سمير أبو مدللة، الوضع الاقتصادي في قطاع غزة بـ 'السيئ  بإمتياز'، مشيرًا إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر في الربع الأول من العام الجاري بسبب الحصار الإسرائيلي حيث وصلت نسبة البطالة 42في المائة،  فيما وصلت نسبة الفقر 50في المائة،  ولفت أبو مدللة إلى منع إدخال مواد البناء من أسمنت وحصمة وحديد تسليح، إضافة الى منع إدخال الكثير من السلع الغذائية والمواد الخام،  فبعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءًا حيث دمرت قوات الاحتلال أكثر من 50 ألف منزل، إضافة إلى تجريف 16 ألف هكتار زراعي وحوالي 500 منشأة صناعية وتجارية، وبالتالي تدمير 25في المائة من مساحة القطاع، وبعد العدوان ارتفعت نسب البطالة إلى 50في المائة والفقر إلى 75في المائة، وأصبح 80في المائة من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية، منوهًا إلى وجود 110 آلاف خريج بدون عمل، إضافة إلى 200 ألف عاطل عن العمل.

واتفق الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع، مع أبو مدللة، بأن 2014 كان سيئًا اقتصاديًا على سكان قطاع غزة، وأضاف، أنه مع نهاية عام 2014 مازال الاقتصاد في قطاع غزة يعاني من سياسة الحصار التي تفرضها إسرائيل للعام الثامن على التوالي، بالإضافة إلى الحروب والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة التي عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة للدمار الهائل التي خلفته للبنية التحتية وكافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية،  وقدّر الطباع الخسائر الاقتصادية الأولية الإجمالية المباشرة وغير المباشرة في المباني والبنية التحتية وخسائر الاقتصاد الوطني في قطاع غزة بكافة قطاعاته الاقتصادية بخمسة  مليارات دولار خلال فترة العدوان التي استمرت 51 يومًا.

وأكد أنّ، إسرائيل ارتكبت المجازر بحق الاقتصاد الفلسطيني، ما تسبب في خسائر مباشرة نتيجة للتدمير الكلي والجزئي والحرائق  لما يزيد عن 500 منشأة اقتصادية من المنشآت الكبيرة والاستراتيجية، علاوة على العديد من المنشأت المتوسطة والصغيرة والتي تمثل مجمل اقتصاد قطاع غزة في كافة القطاعات (التجارية والصناعية والخدماتية) والتي يتجاوز عددها ما يزيد عن 4000 منشأه اقتصادية، وقدّر خسائرها الأولية المباشر بما يزيد عن 540 مليون دولار، وهي ثلاثة أضعاف خسائر الحرب الأولىّ التي شنت على قطاع غزة في عام 2008-2009، ويأتي هذا التدمير والاستهداف لتدمير الاقتصاد في غزة وتعميق أزمتها الاقتصادية.

وتطرق الطباع إلى إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، طارحًا عدة أسئلة أبرزها، متى ستبدأ عملية إعادة الاعمار الحقيقة والجدية لقطاع غزة..؟،  وذلك بعد مرور أربعة أشهر على إعلان وقف إطلاق النار وأكثر من شهرين على إنعقاد مؤتمر المانحين، وانتقل الطباع للحديث عن معبر كرم أبو سالم المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة، مشيرًا إلى إغلاقه خلال العام الجاري 145 يومًا  وهو ما يمثل 40في المائة من عدد أيام العام، وحذر من أن البطالة قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار، حيث ارتفعت معدلات البطالة في قطاع غزة قبل العدوان الأخير بشكل جنوني، وبلغت وبحسب بيانات الربع الثاني من عام 2014  الصادرة من مركز الإحصاء الفلسطيني 45في المائة و تجاوز عدد العاطلين عن العمل  أكثر من 200 ألف شخص وفقد أكثر من 700 ألف مواطن دخلهم اليومي وهو ما يمثل أكثر من ثلث سكان قطاع غزة، كما ارتفعت معدلات الفقر إلى 50 في المائة و انتشار الفقر المدقع وظاهرة عمالة الأطفال بشكل كبير.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه مع نهاية عام 2014 وبفعل استمرار الأوضاع الاقتصادية المتدهورة ونتيجة لانهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة بفعل العدوان الأخير ازداد عدد الفقراء والمحرومين، وتجاوزت معدلات البطالة 55في المائة وانضم ما يزيد عن 30 ألف شخص إلى مستنقعات البطالة ليصل عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة إلى 230 ألف شخص , وارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع لتجاوز 65في المائة، وتجاوز عدد الاشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من 'الأونروا' والمؤسسات الإغاثية الدولية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60في المائة من سكان قطاع غزة، وبلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي 57في المائة لدى الأسر في قطاع غزة.

أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، أن الأوضاع الاقتصادية متدهورة في غزة خلال العام الجاري، بل الأسوء خلال عام 2014 منذ عقود بسبب العدوان الإسرائيلي وتداعياته واستهدافه للمقومات الاقتصادية ولمصادر العيش والتدمير الممنهج  لعشرات ألاف المنازل والمصانع والأراضي الزراعية وآبار المياه وغيرها، ما فاقم الأوضاع بشكل خطير في ظل استمرار الحصار، وشدد  على أن معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي وصلت إلى نسب غير مسبوقة، ما خلق تحديات كثيرة أمام مختلف المؤسسات الفلسطينية في ظل عدم البدء الحقيقي في إعمار قطاع غزة لأسباب تتعلق بعدم تسلم حكومة التوافق كامل مهامها، واستمرار الحصار وفرض القيود على دخول مواد البناء وعدم تدفق أموال إعادة الإعمار حتى الآن، ودعا ألى الإسراع في وضع خطط وطنية وقطاعية لوضح حلول استراتيجية للتعامل مع هذه التحديات والتي من شأن استمرارها الدفع بمزيد من التدهور على الواقع الإنساني والاقتصادي والاجتماعي والصحي.

كما دعا الشوا، إلى معالجة ملف البطالة وبخاصة بين صفوف الخريجين والعمل الجدي تجاه توفير مقومات الصمود للمجتمع الفلسطيني وبخاصة الأرض والغذاء والمياه، وبالنسبة لإمكانية تحسن الأوضاع الاقتصادية في غزة خلال العام المقبل، أكدّ الاقتصاديون ضرورة تسلم حكومة الوفاق الوطني لمهامها وإنهاء آثار الانقسام البغيض ورفع الحصار وفتح كافة معابر القطاع المغلقة والبدء في عملية إعمار حقيقية وتوفير فرص عمل لآلاف العاطلين من العمل والخريجين.