واشنطن ـ عادل سلامة
وَجَد العلماءُ أنه يمكنهم تحديد أنماط سلوكية واضحة من خلال التفاعل بين المجموعات عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، ما يمكن أن يساعد في التنبؤ بهجمات "الذئب المنفرد"، ويساعد تحديد أنماط سلوك أنصار "داعش" على توفير أدلة حول موقع حدوث الهجمات الإرهابية المحتملة. وتعد وسائل الاعلام الاجتماعية أداة رئيسية لجماعات مثل "داعش" لتجنيد المؤيدين وتنسيق أنشطتهم. وفي حين اتجهت سلطات إنفاذ القانون إلى تعقب أعضاء تنظيم "داعش" باستخدام وسائل الاعلام الاجتماعية، فإنهم يميلون إلى التركيز على مراقبة مشاركات أعضاء التنظيم، إلا أن محاولتهم أحبطت بسبب التغيير المستمر للحسابات من قبل مؤيدي التنظيم المتطرف ما يجعل من الصعب مراقبتهم.
ويقوم نظام "الخوارزمية" الذي أنتجه الدكتور نيل جونسون وفريقه، بالبحث في سلوك الجماعة مع تفاعل المستخدمين في وسائل الاعلام الاجتماعية، ما سمح لهم بتحديد المجموعات الرئيسية التي تناقش بجدية التفاصيل التنفيذية مثل التمويل أو تجنب غارات الطائرات من دون طيار حتى في حالة إغلاق حساباتهم. وتابع الدكتور جونسون الفيزيائي في جامعة ميامي يقول: إن "الأمر أشبه بمشاهدة تشكيل البلورات، فقد كنا قادرين على تتبع بعض الجماعات الاجتماعية الذين كانوا يناقشون معلومات في الوقت الحقيقي". ووصف الباحثون في ورقة نشرت في مجلة Science كيف استطاعوا تطبيق المعادلات الرياضية المستخدمة في الكيمياء والفيزياء لمشاهدة تطور الجماعات المؤيدة لـ"داعش".
وفحص الباحثون مشاركات مؤيدي التنظيم المتطرف بلغات مختلفة خلال عام على موقع التواصل الاجتماعي الروسي "فكونتاكتي" الذي يضم 350 مليون مستخدم، ثم استخدموا "هاشتاغ" وكلمات رئيسية أخرى للتدقيق في المشاركات للعثور على المتفاعلين معها، وحدد الباحثون 196 مجموعة مؤيدة لداعش كانت تعمل خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2015 ووجدوا ما يزيد عن 108 ألف عضوًا من هذه الجماعات المنظمة ذاتيا والذين لم يلتقوا قط، لكنهم كشفوا عن انتشار هذه الجماعات قبل بداية الأحداث في العالم الحقيقي.
وذكر الدكتور جونسون أن الرسالة مفادها "إعثرْ على الجماعات أو على الأقل جزء يمثلها، يكنْ في يديك نبض المنظمة بأكملها، بطريقة لن تستطيع التوصل إليها في حالة التدقيق في حسابات ملايين من مستخدمي الأنترنت أو تتبع هاشتاغ محدد". وتمكن الباحثون من تتبع المجموعات نفسها حتى في حالة إغلاق حساباتها على وسائل الاعلام الاجتماعية، وتبين أن بعض المجموعات تغلق نفسها وتهدأ لفترة ثم تعاود الظهور بهوية مختلفة في وقت لاحق. وافاد الباحثون أنه يمكن للشرطة وأجهزة الأمن استخدام هذا النهج لتركيز اهتماماتهم على مجموعات قليلة من أتباع "داعش" لمراقبتهم مع تراكم العنف. وأوضحوا أن هذا النهج يساعد في تعقب الأفراد الذين يشنون هجمات فردية مثل عمر متين الذي قتل العشرات في ملهي ليلي للمثليين في "أورلاندو" في نهاية الأسبوع الماضي، ويُعتقد أن متين الذي بايع "داعش" أصبح متطرفًا عبر الأنترنت.
وختم الدكتور جونسون بالقول: إن "أبحاثنا تشير إلى أن أي إرهابي منفرد عبر الأنترنت سيكون بمفرده لاحقا لفترات قصيرة من الزمن، ونتيجة لعملية الاندماج التي نلاحظها عبر شبكة الأنترنت فإن أي عملية إرهابية منفردة ستتم بشكل تراكمي، ومع الوقت يمكننا تتبع مسارات الأفراد من خلال هذه البيئة التراكمية".