شركة "مايكروسوفت"

اجتمع أصحاب أسهم شركة "مايكروسوفت" الأربعاء، في سياتل، وكانوا أكثر تفاؤلا، ويرجع ذلك إلى تجاوز قيمة شركة البرمجيات، البالغة من العمر 43 عاما، والتي تعدّ أحد عمالقة صناعة التكنولوجيا، قيمة شركتي "أمازون" و"غوغل".

وشهدت الشركة أسبوعا آخر جيدا، إذ في يوم الإثنين تخطت "مايكروسوفت" منافستها شركة "آبل" لأول مرة منذ عام 2010، مما يجعلها الشركة الأكثر قيمة في العالم لأول مرة منذ 16 عاما، إذ عادت الشركة مرة أخرى إلى قائمة الصدارة التاريخية.

ولا تحظى الشركات بفرصة ثانية لتعود إلى القمة، مثلما حدث مع "مايكروسوفت"، وهنا الرحلة كاملة لهذه الشركة العملاقة، إذ في أوائل عام 2009 عندما وصل سعر سهمها لأدنى مستوياته خلال هذا القرن، أصدرت الشركة نظام تشغيل Windows Vista، والذي كان مليئا بالأخطاء، وكان خليفة نظام تشغيل Windows XP، الذي حقق نجاحا كبيرا.

وتمكنت الشركة من الهيمنة على برامج تصفح الإنترنت من خلال "Internet Explorer"، ولكن ظهر بعد ذلك، برامج تصفح أخرى مثل Firefox، وGoogle Chrome، وحينها انخفضت إيرادات "مايكروسوفت" لأول مرة منذ 23، كونها شركة عامة، وبينما كانت الشركة تحاول حل مشاكلها العديدة، بما في ذلك معركة مكافحة الاحتكار طويلة الأمد مع المفوضية الأوروبية، أطلقت شركة "آبل" المنتج الذي غير عالم الحوسبة إلى الأفضل، وأطلقت هاتف آيفون في عام 2007، وحينها ضحك ستيف بالمر، الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت"، في ذلك الوقت، قائلا إن الشركة المنافسة لن تستولى على أكثر من 4% من السوق، وقد كان على خطأ، حيث تمكنت "آبل" في عام 2010 من تجاوز قيمة منافستها، حتى بعد وفاة ستيف جوبس، مؤسس "آبل"، وفي هذه الأثناء كانت "مايكروسوفت" متأثرة بشكل كبير بالبيروقراطية الداخلية والاقتتال الداخلي، ففي بعض الأحيان، بدت الشركة في حالة حرب مع نفسها أكثر من منافسيها.

وغابت الشركة بشكل كبير في معظم نواحي السوق التكنولوجية في القرن الـ21، وجاء تحركها متأخر جدا، حين اشترت شركة "نوكيا" للهواتف المحمولة بقيمة 5.4 مليارات يورو، وفي ذلك الوقت، بدا على الأرجح أن شركة "مايكروسوفت" ستمضي في طريق "آبي بي إم" و"إتش بي"، حيث الشركات التي عاشت على أمجادها القديمة، لكن بدا تخبط "مايكروسوفت" بمثابة نعمة، فقد تمكنت للعودة تدريجيا إلى السوق، رغم تراجع المبيعات في سوق الهواتف الذكية، غزت "مايكروسوفت" السوق وصارعت الشركات الأخرى بما في ذلك "غوغل" ومواقع التواصل الاجتماعي.

ولم يتخيل أي شخص أن تعود "مايكروسوفت" مرة أخرى بنجاح إلى سوق المنافسة، فبعد تولي ساتيا ناديلا، بدلا من بالمر في عام 2014، عرف أنه كان عليه أن يحاول المضي قدما، وتحت قيادته لم يركز فقط على المستهلك العادي، ولكن ذهبت أولويته إلى بناء الشركات التجارية وتكوين علاقة معها، من خلال تحديث برامج "مايكروسوفت"، حيث برامج الأوفس، وتقديم خدمات أفضل للكومبيوتر, وبات النجاح ملحوظا في قسم الحوسبة، حيث التعاون مع شركة "أزور" وهي شركة لم يسمع بها من قبل إلا القليل، وأتاحت هذه الشركة الوصول إلى مراكز بيانات "مايكروسوفت"، مما يسمح بتشغيل التطبيقات، واستضافة الخدمات، دون الحاجة إلى شراء أجهزة خاصة، وهذا النوع من التجارة ليس مثل تجارة الهواتف الذكية، لكنه ينمو بسرعة أكبر، وحينها زادت إيرادات الشركة الصغيرة بنسبة 76%، مما صب في مصلحة "مايكروسوفت" وإيراداتها، وفي الوقت نفسه، كانت الرهانات الأخرى تؤتي ثمارها، إذ باتت شركة "هولولينز" الرائعة في مجال صناعة السماعات، هي السوق الأكبر لـ"مايكروسوفت"، وكشفت يوم الأربعاء عن تزويدها للجيش الأميركي بمعدات بقيمة 480 مليون دولار.

وتمكنت "مايكروسوفت" من صناعة منتجات أخرى مثل أجهزة، Surface، ووحدات تحكم جهاز الألعاب Xbox، مما أدى إلى عودة نمو الشركة بشكل صحي مرة أخرى.
واعتقد البعض بأن "مايكروسوفت" تخسر في مجالات صناعة التكنولوجيا، لكن في الحقيقة كانت لدى "مايكروسوفت" رؤية تفوق رؤية المستثمرين، حيث إعادة تكوين وخلق نفسها، وهي تصارع وسط انهيار الأسهم، ومخاوف الإنترنت التي تهدد نهضة الشركة.