واشنطن _ رولا عيسى
يقف منسّق الطائرات من دون طيار من شركة "SunPower" لأبحاث تطوير الطاقة الشمسية، المهندس كينغسلي تشين، على بعد بضعة أميال من جامعة كاليفورنيا في صفوف المحاصيل الزراعية، ثم ترتفع طائرة من دون طيار في غضون ثوان وتقوم بالتقاط صور مفصلة للأرض من حولها بما في ذلك صفًا طويلًا من الألواح الشمسية الكبيرة، وتتيح الطائرة من دون طيار للشركة مسح منطقة واسعة مع المساعدة في تصميم مزرعة للطاقة الشمسية والتي يمكن أن تناسب أكثر من قطعة أرض بسرعة أكبر وتكلفة أقل، ويسلّط الاختبار الضوء على زيادة استخدام تقنيات الحوسبة والطائرات من دون طيار والروبوتات وأجهزة الاستشعار وغيرها من قبل الشركات الأميركية لتصميم وبناء وتشغيل مزارع الطاقة الشمسية، وبعد انخفاض أسعار الألواح الشمسية بشكل كبير خلال العقد الماضي تبحث الشركات عن طرق جديدة لخفض التكاليف والتنافس مع الوقود الأحفوري.
ويعد تقليل مساحة الأراضي التي تستخدمها مزارع الطاقة الشمسية ذات فوائد إضافية وبخاصة في أماكن مثل كاليفورنيا، حيث يقلّل من الأثر البيئي وهي قضية مثيرة للجدل لمثل هذه المشاريع الكبيرة التي تنتشر عبر مئات الأفدنة من الأراضي في المناطق النائية، وأغضبت بعض هذه المشاريع مناصرو البيئة ما أدى إلى رفع دعاوى قضائية والتي أجبرت شركات مثل "SunPower" على تقديم المال للحفاظ على الحياة البرية، وأوضح جاستين باكا نائب رئيس الأبحاث لمجموعة "Solar Energy Industries Association"، أن "شركات الطاقة الشمسية تستخدم أنواعًا مختلفة من التكنولوجيا لتحسين نشر وصيانة وتشغيل الطاقة الشمسية، الأمر يتعلق بخفض التكاليف"، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن بناء المزيد من محطات الطاقة الشمسية سيوفر 1.4% من الكهرباء للبلاد بحلول عام 2018 وارتفعت النسبة من1% عام 2016، وبينما تشكّل الطاقة الشمسية جزءًا صغيرًا جدًا إلا أنها من المصادر الأسرع نموًا من حيث القدرة على توليد الكهرباء في البلاد.
وبيّن نائب رئيس المنتجات لدى "SunPower"، مات كامبل، أثناء تفقد مزرعة الطاقة الشمسية للشركة، أنها "مثل ألغاز Tetris" ، ويمكن مشاهدة الصور التي إلتقطتها الطائرة من دون طيار على الشاشة للوحات الطاقة الشمسية والمحوّلات التي تقوم بتحويل الطاقة الشمسية والتي تحوّل التيار الذي تنتجه الألواح إلى كهرباء عبر الشبكة"، وصممت شركة "SunPower" خوارزميات عدّة للأخذ في الاعتبار مئات العوامل التي قد يغفلها المهندس البشري، وقبل عقد من الزمان كان مسح موقع المشروع يحتاج إلى إيفاد طاقم كامل لجمع المعلومات، فيما أوضح الرئيس التنفيذي لدى "SunPower" توم ويرنر، أن استخدام البرمجيات والطائرات من دون طيار مكّن المهندسين من تصميم المشروع بشكل أسرع بنسبة 90%، وتنتج الشركة معظم التكنولوجيا التي تستخدمها للمشروع فضلا عن إنتاج الأدوات التكنولوجية لمطوري الطاقة الشمسية الآخرين لتصميم وتشغيل مزارع الطاقة الشمسية، ومنها شركة HST Solar في لوس أنجلوس والتي طورت خوارزميات لتقديم افضل التصميمات والتخطيط لمزارع الطاقة الشمسية.
وأشار الشريك المؤسس لشركة "HST Solar"، ستانوف تشودري، إلى أنه يمكن للشركات تخفيض تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية بنسبة 30% من خلال استخدام برامج الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن العملاء استخدموا برنامج الشركة لتصميم حوالي 4 ميغا وات من مشاريع الطاقة الشمسية، ولا يقتصر الأمر على مجرد مزارع للطاقة الشمسية، حيث أنشأت شركة "PVComplete" برمجيات لتصميم مشاريع الألواح الشمسية على أسطح المنازل، ويتيح البرنامج إلى أي مهندس تصميم نظام باستخدام مجموعة واسعة من معدات الطاقة الشمسية مع الأخذ في الاعتبار المتطلبات المحلية المختلفة مثل حالة الطقس.
وأوضحت المؤسس المشارك لشركة "PVComplete"، كلوديا إيزاكير، أن معظم شركات الطاقة الشمسية الكبرى تنفق أموالًا طائلة لبناء البرمجيات الخاصة بها إلا أن الشركات الصغيرة لديها عدد أقل من الخيارات المتاحة وليس لديها المال لفعل الشيء نفسه، وتتجه شركات الطاقة الشمسية إلى الحصول على مزارع الطاقة الشمسية وليس مجرد تصميمها فقط، وفي عام 2013 قامت شركة SunPower بشراء شركة مبتدئة تدعى "Greenbotics" والتي طوّرت روبوتًا يقلّل من تكلفة تنظيف الألواح الشمسية ويستخدم كميات من المياه أقل مقارنة بعاملي الغسيل من البشر، وحاليا يدير فريق الشركة أسطولًا من 40 روبوتًا مُنظفًا.
ويشير تقرير صادر عن معهد أبحاث الطاقة الكهربائية الذي يجري أبحاثا لصناعة الطاقة إلى أنه على الرغم من زيادة الدور الذي تلعبه الطائرات من دون طيار في صناعة الطاقة الشمسية إلا أن العديد من الشركات غير مقتنعة بفعاليتها من حيث التكلفة، وتقول جيني تشيس رئيس أبحاث الطاقة في "Bloomberg New Energy Finance" إن "التكنولوجيا المستخدمة من قبل البعض في صناعة الطاقة الشمسية ليست مثيرة مثل الطائرات من دون طيار، إنها مثلا لكثير من البرامج المملة"، واستخدمت شركة "First Solar" إحدى أكبر شركات تطوير الطاقة الشمسية الطائرات من دون طيار لتصميم محطات توليد الطاقة الكهربائية والتصوير الحراري في تشغيل مزارع الطاقة الشمسية لكنها لا تستخدمها بشكل واسع على مستوى الشركة في الوقت الحالي.
وأضاف مدير شركة "First Solar"، جيرمي راند، أن "الروبوتات والطائرات من دون طيار ليست متطورة بما يكفي أو بأسعار معقولة، هناك الكثير من هذه التقنيات في مراحل التجريب لكنها ليست مستخدمة تماما بعد"، موضحًا أن انخفاض أسعار الألواح الشمسية يجعل من الصعب تبرير الاستثمار في الأسواق الناشئة والتكنولوجيا ذات التكلفة المرتفعة، وشهدت شركات "First Solar" و "SunPower" انخفاض أسعار الأسهم العام الماضي وتخطّط كل منهما لخفض الآلاف من فرص العمل، وأنه "مع انهيار أسعار الوحدات الشمسية فيعد التوقيت صعب للغاية للإبتكار"، وبشكل عام تستثمر صناعة الطاقة الشمسية في التكنولوجيا لأن أمامها طريق طويل لتقطعه حتى تحل محل الوقود الأحفوري، وتواجه صناعة الطاقة الشمسية الأميركية القضاء على الإعانات الضريبية، فضلا عن عدم وضوح الرئيس الأميركي ترامب بشأن سياسته تجاه الطاقة الشمسية، وتابع تشودري أن "تقنيات مثل تلك التي لدينا يمكنها جعل الطاقة الشمسية مستقلة دون اعتمادات ضريبية أو دعم بشكل أقرب بكثير مما يعتقده الناس".