الولادة المبكرة

كشفت دراسة جديدة أن الولادة المبكرة قد تسبب تأخراً في تعلم الكلام واللغة، لأن أجزاء الدماغ تكون غير متطورة ومعرضة للضرر، فالأطفال الذين يولدون في وقت مبكر، من المرجح أن يواجهوا تأخرات في تطوير القشرة السمعية، ومنطقة الدماغ الأساسية للسمع وفهم الصوت. وهذا يؤثر على نمو الرضع في مهارات الاتصال أثناء نموهم، ويمكن للنتائج التي نشرت في "إنيورو"، وهي مجلة لجمعية علم الأعصاب، أن تسمح لأحد الأطباء يوماً ما بفحص الأطفال وتحديد الذين يعانون من صعاب حتى يمكن إعطاؤهم مساعدة إضافية في وقت مبكر. فنحو 12 % من جميع الأطفال المولودين في الولايات المتحدة الأميركية يتم ولادتهم قبل الأوان.

ويعتبر الطفل "مولود مبكراً" - وقبل الأوان- إذا ولد قبل 37 أسبوعاً من الحمل، وهؤلاء الأطفال عادةً ما يكون أوزانهم و أحجامهم أقل من الطبيعي. فولادة الطفل في وقت مبكر، تزيد المخاطرعلى الصحة والمشاكل التنموية، بما في ذلك الخطاب والسمع واللغة. فالجهاز العصبي الذي يدعم السمع عادة لا يعمل وظيفياً قبل 15 أسبوعا قبل الولادة، مما يجعل الأطفال حساسين للكلام واللغة في حين أنهم لا يزالوا في الرحم. وفي الأسبوع الـ25 الحمل، تكون قد شُكلت آذن الطفل الذى لم يولد بعد، ونظام السمع في الدماغ نمى بما فيه الكفاية ليأدي وظيفية. ويستمر هذا النظام في التطور من هذه النقطة إلى أن يبلغ عمر الطفل خمسة أو ستة أشهر قبل بلوغه مرحلة النضج 

وأوضح مؤلف الدراسة الدكتور "بريان مونسون" من جامعة إلينوي: "لدينا فهم محدود جدا لكيفية تطور الدماغ السمعي في الرحم، فنحن نعرف من البحوث السابقة على حديثي الولادة، أنه ليس ما ينقص الأجنة هو السمع، ولكنهم أيضا الاستماع والتعلم". وفي الدراسات السابقة، كشفت الموجات فوق الصوتية أنه في 25 أسبوعا، فإن الأجنة يتحركون استجابة للأصوات الصادرة خارجيا، وأظهر آخرون أن الأطفال حديثي الولادة يفضلون الاستماع إلى الأصوات - مثل الموسيقى أو الكلام - لأنهم تعرضوا في الرحم إلى أصوات غير مألوفة كتلك.

وتظهر دراسات الأدمغة النشاط الكهربائي في القشرة السمعية الناجمة عن الصوت، مما يشير إلى أنها بدأت في سماع والرد على الضوضاء في هذا الوقت. وقال الدكتور "مونسون"، وهو خبير في الخطاب والسمع: "من اللافت للنظر أن هذا النظام غير الناضج لديه القدرة على البدء بالتمييز والتعلم". ومع ذلك، فإن التأخر في النطق والتعلم أكثر شيوعاً بين الرضع في الولادة المبكرة من أولئك الذين يولدون بعد 39 أسبوعا في الرحم . وسعى الدكتور "مونسون" وفريقه إلى إيجاد اختلافات في تطورات أدمغة الأطفال قبل الولادة، من أجل تحديد ما قد يحدث خطأ بالنسبة للأولويات. وحللت الدراسة مسح الدماغ من 90 من الأطفال الرضع في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مستشفى سانت لويس للأطفال بين عامي 2007 و 2010. وتمت مقارنتهم مع 15 طفلا آخرين في مستشفى "بارنز" في سانت لويس، الذين أجروا عمليات مسح خلال الأيام الأربعة الأولى من ولادتهم لإظهار نمو دماغ الجنين دون انقطاع.

وركز الفريق على القشرة السمعية الأولية، وهي المنطقة القشرية الأولى لتلقي الإشارات السمعية من الأذنين عبر أجزاء أخرى من الدماغ، والقشرة السمعية غير الأساسية، التي تلعب دوراً أكثر تطوراً في معالجة تلك المعلومات، وتسهيل اللغة والكلام . وقال الدكتور  مونسون": "أردنا أن نعرف: ما هي العلاقة بين هاتين المنطقتين، وهل ينضجون في نفس الوقت، ولكن بمعدلات مختلفة ؟  فمعدل النضج مختلف وقد يجعل نسيج واحد أكثر عرضة للإصابة أو اضطراب المرتبطة الولادة المبكرة".

وكشف التحليل أنه بحلول 26 أسبوعاً من الحمل، كانت القشرة السمعية الأولية في مرحلة تطور أكثر تقدما من القشرة السمعية غير الأولية في جميع الأطفال، ويبدو أن كلاهما أقل تطورا في 40 أسبوعاً لدى الأطفال المبتسرين مقارنة بالأطفال الرضع في فترة الدراسة. والقشرة السمعية غير الأساسية متخلفة و لا تزال تشهد تغييرات سريعة وحاسمة بين 26 و40 أسبوعاً من الحمل – وفى فترة الثلث الأخير من الحمل يولد معظم الأطفال.

وقال الدكتور مونسون: " نحن تقيس انتشار المياه في أنسجة المخ، والتي لها الدورالكبير في تطوير الخلايا العصبية والمحاور."، كما تنمو هياكل الدماغ وتنضج، وتنتشر المياه في المادة الرمادية والمواد البيضاء أيضا، مما يسمح للباحثين تتبع كيفية تطورالأنسجة وبأي معدل. وفي ذلك الوقت فان هذا الجزء من الدماغ يتحول "من أنسجة مائية اسفنجية تماما إلى نسيج أكثر هيكلة وصعبة. و خلال هذه المرحلة، القشرة غير الأساسية، هي أكثر عرضة للإصابة، مما يجعل هذا الجزء من العقل المستخدم في معالجة اللغة المتطورة.

والولادة المبكرة هي في حد ذاتها "حادث صادم" للأطفال الرضع، وهي أكثر عرضة للإصابات مثل "بنقص الأكسجين، حيث لا يتم توفير ما يكفي من الأوكسجين للدماغ لأن الرئة ليست ناضجة بما فيه الكفاية"، وهذا قد يضر القشرة السمعية غير الأساسية الحساسة، مما يؤدي إلى صعوبة الكلام ومشاكل فهم اللغة المشتركة. ووجدت الدراسة، التي شملت علماء من كلية الطب بجامعة هارفارد، وكلية لندن الجامعية وكلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس، وجود علاقة بين التطور المتأخر للقشرة السمعية غير الأولية في مرحلة الطفولة والتأخر اللغوي لدى الأطفال في سن الثانية . وهذا الاضطراب فى الدماغ نتيجة الولادة المبكرة قد يسهم في مشاكل الكلام واللغة التي غالبا ما ينظر إليها في وقت لاحق .

وبيَّن الدكتور مونسون: "أنه أمر مثير بالنسبة لي أننا قد نكون قادرين على استخدام تقنية للمساعدة في التنبؤ في وقت لاحق بقدرة اللغة عند الرضع الذين يولدون مبكراً . وهناك نحن بحاجة إلى مزيد من الدراسات لرصد "ما إذا كانت هذه العلاقة بين نضج القشرة السمعية في مرحلة الطفولة والنتائج اللغوية في مرحلة الطفولة "، ويشير إلى أن "التدخل الذي يبدأ في وقت مبكر فى الشهور الاولى يقدم للرضع المزيد من اللغة المحسنة، مثل تكرار بعض الكلام و نأمل أن يعوض وجود اللغة التأخير الحادث ."