المصابات بالسرطان

يعاني مرضى السرطان من تساقط شعورهم بكثافة؛ إثر تلقي العلاج الكيميائي في إحدى مراحل تطور الإصابة، ولكن لماذا لا يتم إخبار المرضى، لاسيما المصابات بـ"سرطان الثدي" بأنه يمكنهن الحفاظ على شعورهنّ؟ عن طريق ارتداء "غطاء بارد" يمكن أنَّ يقلل من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي.

وتشيلسي مارتين، البالغة من العمر ثلاثين عامًا وهي مديرة دعاية وإعلان وتعيش في لندن مع صديقها، تم إقناعها بارتداء "مبرد الرأس"عبارة قبعة خفيفة الوزن مصنوعة من السيليكون ويتم ملئها بسائل هلامي بارد والتي من شأنها أنَّ تساعد على التقليل من الآثار الجانبية للعقاقير الكيميائية والتي تصل إلى بصيلات الشعر.

وكان يوجد لدى مارتين طلبين بأنَّ تصبح وصيفة شرف لصديقاتها المقربات، فهي تبدو في كامل أناقتها وهي تسير في الممر في كلا الزفافين، وكان شغلها الشاغل هو ماذا يتوجب عليها فعله بشعرها.

وتخطى قلقها ما هو المظهر الذي يجب عليها أنَّ تبدو به، لتواجه العلاج الكيميائي المنهك لسرطان الثدي، ليصبح خوفها من أنها ستصبح بلا شعر على الإطلاق، "وكمريض للسرطان يصبح أول مخاوفك هو: هل سيفتك بي المرض؟"، توضح تشيلسي.

وتضيف: "وما يجعل الأمور أشد وطأة حقيقةً عندما تفقد شعرك؛ لأنك تبدو كمريض سرطان، وأنا لا أريد أنَّ أرى نظرات الشفقة، ولم أكن أرغب أنَّ يعرف شخص لم يكن قريبًا مني بأنني مريضة أو أخضع للعلاج، عندما تبدو طبيعيًا فإنك تشعر بشعور أفضل بكثير، وهي بمثابة دفعة معنوية للخروج وتجد أنه لا يتم معاملتك على نحو مختلف".

ومع حفلات الزفاف التي تلوح في الأفق بعد أشهر من بدئها العلاج الكيميائي في آيار/ مايو، كانت تشيلسي مقتنعة بتجربة "الغطاء المبرد" لمساعدتها في المحافظة على طول شعرها الأشقر.

ويعمل العلاج الكيميائي عن طريق مهاجمة سريعة بشطر الخلايا، وهي الخلايا السرطانية، وبالرغم من ذلك، فإنَّ الخلايا السليمة التي تنشطر أيضًا يمكن أنَّ تتأثر، متضمنة الخلايا في المعدة "ولذلك يتسبب العلاج الكيميائي الشعور بالغثيان)، وبصيلات الشعر، وهي الفتحات الصغيرة التي تنبت الشعر.

ويردف استشاري الأورام السريرية في مستشفى نورثمبتون العامة، د./كريج ماكملان: "ولو أنَّ مقدار أدوية العلاج الكيميائي التي تصل إلى البصيلات يمكن تقليلها، خاصة أثناء فترة ذروة العلاج ببضع ساعات بعد بدء العلاج، فإنَّ فرصة احتمال سقوط الشعر تكون أقل.

ومرتبط علاج تبريد فروة الرأس أو "الغطاء المبرد" بارتداء قبعة من السيليكون والمتمثلة إما بوحدة تبريد صغيرة أو مملؤة بهلام سائل مبرد، وأيهما يمكن أنَّ يخفض درجة حرارة فروة الرأس إلى -4 درجات؛ للحدّ من تدفق الدم إلى فروة الرأس.

ويتم وضع الغطاء المبرد على رأس المريض ما يقرب من الساعة قبيل بدأ العلاج الكيميائي، ويتم ارتداؤه طوال فترة الجلسة أثناء تناول الدواء، فضلاً عن ساعة بعد ذلك؛ لأن العقاقير لا تزال تجري في الدم "لا توجد تأثيرات صحية على المدى الطويل لكن بعض المرضى قد يتعرضون للصداع".

ولا يضمن العلاج منع سقوط الشعر، وحتى لهؤلاء المرضى الذين لا يزالون يحتفظون بأغلب شعرهم، وقد تتلف بعض البصيلات من أثر العقاقير الكيميائية، والتي بدورها تؤدي إلى سقوط الشعر، أو خفة الشعر.

ويتم ارتداء الغطاء أثناء كل جلسة كيميائي، تشيلسي خلال كافة الست دورات لعلاجها الكيميائي، لمدة 4 ساعات في المرة الواحدة، على مدار أربعة أشهر ونصف، وقد نجحت.

وقد تمكنت من الظهور بشعر طويل منسدل ومرة مرفوع في حفلات الزفاف.

وتيف: "لقد أحببت كل لحظة كوني وصيفة شرف العروس، صديقي قال أنه سيظل يحبني في أي شكل أبدو به، ولكن هذا كان يعني لي الكثير بأننا ممكن أنَّ نخرج وبذلك يمكنني أنَّ أشعر أني جميلة، أنَّ هذا قد لا يعني الجميع ولكن بالنسبة لي يعني أنني أستطيع ممارسة حياتي اليومية دونما أنَّ أتذكر أنني مريضة سرطان".

أوضحت دراسات نشرت من قِبل المكتبة الوطنية لعلم الطب أنَّ 47 في المائة من النساء يعتبرنّ سقوط الشعر يعد أسوأ جانب للعلاج الكيميائي.

ولا يزال وفقًا لمؤسسة سرطان الثدي الخيرية، ووك ذا ووك، والتي تقوم بجمع أموال لتوفير مبردات الرأس في جميع مستشفيات المملكة المتحدة، فأنه يوجد العديد لا يعلمون بأنَّ تلك التقنية موجودة، بالرغم من توافره في مناطق عديدة "على الرغم من أنه لا توجد أجهزة كافية محليًا لكافة المرضى والذين في حاجة إليها".

ويجب أنَّ يكون هناك تشجيع أكبر لاستخدام الغطاء المبرد لفروة الرأس، عن طريق دعاية جيدة، وأضاف د./ جيستين ستيبنج بروفيسير، علاج السرطان في كلية أمبريال: "علينا أنَّ نقوم بتوعية الناس بأنه بأشياء بسيطة يمكن أنَّ تجعل الناس تشعر شعور أفضل، وأنه يجب إعطاء السيدات على الأقل الأختيار لتجربته، حيث بات من الواضح أنه قد نجح مع بعض الحالات وبأقل تكلفة إضافية للمستشفى"، كما يقول.

وعندما كانت ميشيلا بيث،37 عامًا وأم لأربعة أطفال من ليدز، تتلقى العلاج الكيماوي لسرطان الثدي العام الماضي، صرحت بأنه لم يتم تشجيعها على استخدام غطاء مبرد فروة الرأس، بالرغم من معرفتها به بعد البحث على الإنترنت، وتضيف: "لقد تم إخباري بأن كل عرض يحدث لي مثل الغثيان يمكن للمستشفى أنَّ تساعدني باستثناء سقوط الشعر، عندما أثرت الغطاء المبرد، فأنه تم عرضه على في خزانة وأخبرتني ممرضات رعاية سرطان الثدي "بأنكِ لن تريدي استخدامه حقًا  أنه بارد جدًا وليس مؤثر دائمًا فلماذا تمرين بذلك؟"

في الواقع، أثبت تقييم 2012 لعدد 1,411 مرضى سرطان الثدي لأن نحو 50% قد استعادوا شعورهم خلال علاجهم وبالتالي لم يشعروا أنهم بحاجة لتعطية رؤوسهم.

وأستطردت ميشيلا: "في ذلك الوقت كنت أرى أنني ضعيفة جدًا وإذا نظرت للوراء وببساطة لم تكن لديّ الإراداة لاستخدام الغطاء المبرد، ولذلك سقط شعري بعد الجلسة الثانية، وكان يعد أمرًا رهيبًا، وتكون معنوياتك في الحضيض وكان الأمر مروعًا لأطفالي، وكان سيكون أمرًا جميلاً لو شجعني أحدهم على الأقل بتجربته".

الغطاء لا يعد ملائمًا لمرضى المراحل المتقدمة وانتشر السرطان بصورة كبيرة في أجسادهم، يقول د./ ماكميلان: "أنه يوجد احتمال أنَّ تذهب الخلايا السرطانية إلى فروة الرأس وأنه إذا قمت بتبريد فروة الرأس فأنها تحتمي هناك، وهناك نظرية، بأنه حالما توقف العلاج فأنَّ الخلايا السرطانية قد تتحرك وتنمو في كل مكان؟"

ولأسباب مشابهة، فأنه لا يتم استخدامه مع مرضى سرطان الدم مثل اللوكيميا، لأن السرطان ينتشر في جميع أنحاء الجسم.

ولا يعد ملائمًا لأولئك الذين يتلقون علاج كيميائي مستمر على مدار عدة أيام، لأنه ليس جيدًا أنَّ تترك فروة الرأس باردة لفترة طويلة.

ولم تسمع تشيلسا من قبل عن الغطاء حتى تم تشخيص إصاباتها بالسرطان عدواني من الدرجة الثالثة بعد أنَّ لاحظت سماكة جلد ثديها الأيمن قبل بضعة أشهر، "وكانت صدمة رهيبة لأنني كنت شابة ورياضية ولا يوجد تاريخ مرضي في عائلتي، لقد كان هناك أمور كثيرة على الخوض فيها، ومن ضمنها أنني قرأت أنه هناك جهاز يدعى مبرد الرأس، لقد كنت دومًا أتمتع بشعر كثيف، وفي عيادة لندن للأورام، حيث هضعت للعلاج الكيميائي، كانوا مشجعين على استخدام الغطاء المبرد".

ولك يكن العلاج مريحًا بالمرة، أضافت تشيلسا: "أنه حقًا تجميد مثل شعور الاحتراق، أو بمثابة الشعور بتجميد المخ عندما تتناول طعامًا بارد جدًا، وبالرغم من وجدود وسائد تدفئة ويطانيات ثقيلة طوال 4 ساعات فترة العلاج، كنت أشعر ببرودة شديدة، وكأن رأسي أصبح كتلة من الجليد، ولكنني تأقلمت، وقلت كثافة شعر تشيلسي ولكن لم يلحظ أحد ذلك.

يقول ستيبنح "لذلك لما لا يتم استخدام الغطاء المبرد على نطاق أوسع؟ وذلك ممكن يعود إلى أنه على المرضى قضاء فترة أطول في قسم علاج الكيميائي وأنَّ بعض الأقسام ليست لديها القدرة الأستيعابية لوجود الكثير من المرضى، أنه مؤلم ومتعب وربما تمنع بعض المراكز التشجيع على استخدامه".

وأنه عندما لا ينجح، تكون خيبة الأمل ساحقة، وعندما تم تشخيص ديبي ميسون،  44 عامًا، مساعدة مبيعات من هيل، شيشاير، بأنها مريضة بسرطان الثدي في 2010، كان أول سؤال لها لاختصاصي الأورام إذا ما ما كان شعرها سيسقط.

وتم إخبارها بأنه سيحدث، وسألت على الفور عن الغطاء المبرد، والتي سمعت عنه من صديقة، وأضافت: "وشجعوني في المستشفى على تجربته، وكانت نصيحتهم بأننا نشك بأنه سينجح ولكن يتعين عليها تجربته، وكانت تجربة رهيبة، وتجمدت رأسي تمامًا وقلت لنفسي أنني لا أستطيع القيام بذلك، ولكنني ثابرت خلال الجلسة التي دامت لما يقرب من 4 ساعات، وكان من المقرر تلقي العلاج الكيميائي بعد ثلاثة أسابيع، ولكن بعد أسبوع بدأ شعري في التساقط، وأصبت بخيبة أمل، ولم تكن لدي المقدرة أو الرغبة في النضال للاستمرار ومعرفة ما إذا كان سيحدث فارقًا أم لا؟"

ولكن تشيلسي كانت في غاية السعادة بالنتائج: "أسعدني للغاية بأنه بالرغم من العلاج أنني تمكنت من الاحتفاظ بشعري".