برلين – جورج كرم
تشتهر العاصمة الألمانية برلين بأناقتها وتاريخها، وما لا يعرفه الكثير من الزوار هو أنها مدينة رطبة ترتبط بالعديد من الأنهار وتحيط بها البحيرات المثالية للسباحة البرية، وتنتشر فيها حمامات السباحة الخارجية بمساحات كبيرة وشواطئ البحيرات المختلفة بعضها تابع للدولة وبعضها خاص.
ويظهر هذا المشهد المائي عندما ترتفع حرارة الصيف وتصل إلى 30 درجة، فيستيقظ الناس مبكرا ويتجهون إلى البحيرات أو حمامات السباحة، أما في الشتاء فإنه من غير المألوف أن ترى السكان المحليين يستمتعون بالسباحة، وبعض الألمان مغرمون بالعري لذلك فقد تجد بعضهم عاريًا وبخاصة في البحيرات المعزولة، وتعد السباحة جزءًا من المرح في برلين مثل المشي أو ركوب الدراجات.
وأوضح أحد السياح أنَّ مهمته في السباحة "بدأت باتجاه عقارب الساعة من الشرق إلى الغرب حول المدينة بزيارة إلى بحيرة محلية مفضلة لي وهي "Weißer See"، لقد كان صباحًا مشمسًا عندما ركبت الدراجة من بيتي في "Prenzlauer Berg" مرورا بالمنطقة المجاورة "Weißensee" وهي منطقة هادئة تعرف بهوليود برلين".
وأضاف: "بعد 20 دقيقة وصلت إلى البحيرة والتي كانت مخبأة نوعا ما بين الطريق الرئيسي ومنطقة سكنية، وعادة ما يتواجد الأزواج والعائلات ومجموعات المراهقين مع الموسيقى في البحيرة فضلا عن صناديق البيرة في ليالي الصيف الحارة، إلا أن البحيرة بدت شبه خالية في هذا اليوم في التاسعة صباحا".
وتابع: "يتخلل ضوء الصباح الأشجار ليداعب سطح البحيرة، وعثرت على بقعة عشبية على طول حافة البحيرة، أوقفت الدراجة هناك وسرت بعناية خلال المياه الضحلة، ولدى الألمان كلمة للتعبير عن حرارة المياه وهي "arschkalt" أي أن المياه باردة، وبخلاف بعض البجع والأسماك فقد كنت وحيدًا في البحيرة أثناء فترة بقائي هناك لمدة 40 دقيقة، وبعد ذلك استمتعت بالقهوة مع الكرواسون على شرفة خشبية Milchhäuschen وهو مقهى تاريخي منذ عصر GDR-era ومطعم على البحيرة".
Haubentaucher
وتابعت سائحة أخرى، أنَّ "برلين تتمتع بظروف مثالية خصوصًا لزيارة Friedrichshain’s Haubentaucher وهي كلمة ألمانية تعني بالعربية "الغطاس المتوج العظيم"، وهو حمام سباحة كبير يعتبر الأحدث في المدينة مع افتتاح RAW Gelände وهو مجمع ضخم وحيوي في برلين، ويحظى بالكثير من الأندية والحانات وسوق للمواد الغذائية، ويضم أيضا حائطًا تاريخيًا".
واستطردت: "يذكر أنه كان قبرا في الحرب العالمية الثانية وصالة للتزلج، ومنذ افتتاح هذا المجمع في أيار/ مايو 2015 أصبح المكان أنيقا إلا أنه يكون أكثر هدوءًا في فترة ما بعد الظهيرة، وليس هناك قائمة للانتظار فقليل من الأسر هي التي تستمتع بحمام السباحة بمساحة (28 متر× 10 متر) كما أن كراسي التشمس كانت نصف خالية".
وبيَّن المؤسس المشارك للمجمع دانيال لانتي: "ما زلنا ننتظر شخصًا أو جهة للرعاية حتى نستطيع تسخين حمام السباحة حتى نتمكن من فتحه في فصل الشتاء"، وقدم جولة في المنطقة التي شملت بار كوكتيل وكشكًا للغذاء، وحديقة للبيرة، ومساحة للنادي والحفلات.
وأبرز لانتي أنَّ "درجة حرارة الماء كانت أكثر لطفا عن يوم أمس، ولقد استمتعت بقضاء ساعتين بين التمشية على مهل وقراءة كتابي وتناول عصير الفاكهة الطازج من البار".
وتابع: "قبل أن أبدأ في استكشاف الغرب المائي لبرلين هناك بحيرة أخرى في الجانب الشرقي وهي Müggelsee ويبلغ طولها 4.5 كيلو متر أما عرضها فهو 2.5 كيلو متر وهى تعتبر من أكبر بحيرات المدينة، أستشعر نسيم الصيف الدافئ وأنا أركب الدراجة وأمر على نهر Spree ومحطات الطاقة التي تلوح في الأفق والنوادي الفنية والأنقاض الصناعية ل Treptow".
وتعد البحيرة بأشجارها والمناطق الرملية التي تتخللها مكانًا مثاليًا لحمامات الشمس وصيد الأسماك والسباحة، وهناك أيضا منطقة ضحلة تجعل المياه جيدة بالنسبة إلى العائلات ومن لا يجيدون السباحة، وبعد ركوب الدراجة وجدت بقعة رطبة سبحت بها لمدة ساعتين في ماء بارد نظيف، وأخذت قسطا من الراحة وأنا أشاهد اليخوت والقوارب من مسافة متوسطة".
واسترسل لانتي: "عندما شعرت بالجوع توجهت إلى Strandbad وهو من الأماكن الأساسية في البحيرة ويحتوي على أكشاك تقدم وجبات خفيفة، وكان المكان مزدحما بالشباب البرونزي الذين يلعبون الكرة الطائرة والأطفال يلعبون حولهم، لكن المناطق العشبية كانت هادئة بما يكفي للاستمتاع بنزهة هادية مع أشعة الشمس قبل العودة إلى المنزل والمرور ببلدة الصيد Friedrichshagen".
واسترسل: "من حمامات السباحة المشهورة باسم Prinzenbad بسبب قربه من U-Bahn Prinzenstrasse, وقد ظهر في الكتب مثل Sven Regener’s 2001 slacker classic Herr Lehmann وظهر أيضا في بعض الأفلام مثل فيلم Herr Lehmann و Bettina Blümner’s 2007 documentary Pool Of Princesses".
وأشار إلى أنَّ الحمام " يشتهر بسهولة الوصول إليه والظروف الديمغرافية الفريدة للمكان، حيث يضم حمامين للسباحة بمساحة 50 مترًا؛ لكنها تزدحم بالناس، فجلست في رقعة خضراء واستمعت إلى العديد من اللهجات واللغات، وقررت الرحيل والعودة مرة أخرى عندما يكون المكان أكثر هدوءًا، وعندما سألت سيدة ألمانية في منتصف العمر عن الموعد الذي أعود فيه ليكون المكان أكثر هدوءًا رمقتني بنظرة غاضبة، وبالطبع لقد فعلت نفس الشيء مع العديد من السياح".
واستأنف: "استخدمت السكك الحديد الساعة 7:30 صباحا للوصول إلى Strandbad Wannsee مبكرا، وهو من أكثر أماكن السباحة شهرة في المدينة ويعتبر الأكبر في أوروبا، حيث يضم شاطئًا رمليًا بطول 1.275 متر ويتميز بجودته المعمارية التي تعود إلى فترة العشرينات، ويضم المكان منتزهًا للبيتزا والبيرة والأيس كريم، ويمتلئ المكان بالكثير من السياح في هذا الصباح، مع الكثير من المساحات المنتشرة بالقرب من المياه حيث يمكنك الاستمتاع بالمنحدرات المنخفضة".
وأردف: "شاهدت بعض المشاهد التي تعكس الحياة في برلين، ووجدت مجموعة من النساء المدخنات على كراسي حمام السباحة، وشاهدت رجالا بكامل ملابسهم يحتسون البيرة صباحا في درجة حرارة 26، والأطفال يقفزون من رصيف الغوص ويصرخون على زلاجة مائية كبيرة، وفي الساعة 11 صباحا أصبح المكان أكثر ازدحاما وشعرت بالجوع، إنه وقت التوجه إلى مكان أكثر هدوءًا".
يستغرق الأمر 30 دقيقة سيرًا على الأقدام من Strandbad Wannsee إلى بحيرة Schlachtensee، ويضم المكان حديقة للبيرة تقدم بعض الوجبات الخفيفة وترأس مطعم Fischerhütte am Schlachtensee، كما أن البحيرة هادئة وتضم عددًا قليلًا من الناس بخلاف حمامات السباحة الأخرى، ويمكن الاستمتاع بالمشي على الممر الخشبي حول البحيرة.
Sommerbad Olympiastadion
أما إذا كنت تريد الاستمتاع بالسباحة مع بعض اللمحات التاريخية فإليك هذا المكان، فهو جزء من ملعب الحجر الجيري الرمادي الذي تم توسعته بواسطة النازيين لدورة الألعاب الأوليمبية عام 1936، ومن الصعب ألا تندهش بسعة وأجواء المكان، ومن الصعب عدم تصور حشود الجماهير وهي تهتف للغطس والسباحة بين المتنافسين من مقاعد المشاهدة وهي بجانب حمام السباحة وتبلغ مساحته 50 مترًا × 20 مترًا.
وسرعان ما يذوب ماضي هذا المكان مع أشعة الشمس، في ظل وجود بعض المزايا والإيجابيات الرياضية حيث يتم استعراض تقنية الفراشة المثيرة للإعجاب في حمام السباحة الرئيسي في ظل حماس العائلات والمراهقين من المشاهدين، ويضم المكان اثنين من حمامات السباحة الصغيرة للأطفال، وجدير بالذكر أنه لا توجد مظلات أو كراسي مريحة في المكان، ولكن يبدو أن الجميع اعتاد على المكان بهذا الوضع ويستخدمون المناشف الخاصة بهم على حافة حمام السباحة، ويستمتعون بالقراءة في ظل بعض التجاويف المحيطة.
Strandbad Plötzensee
واستدرك لانتي: "ركبت الدراجة متجهًا إلى آخر مكان للسباحة وهو Strandbad Plötzensee من أوائل المسابح في برلين ومن الأماكن المفضلة لي، وبالرغم من قرب المكان من مركز المدينة (فقط 30 دقيقة من Alexanderplatz) ووجود شاطئ به بطول 740 مترًا ومقهى ومطعمًا يقدم الآيس كريم ومأكولات لذيذة وحفلات DJ في نهاية الأسبوع إلا أن المكان هادئ نسبيا على مدار الأسبوع، واليوم الخميس فترة ما بعد الظهيرة يتواجد بالمكان عدد قليل من الأزواج الشباب والعائلات على الشاطئ وعدد قليل من الأطفال الذين يستمتعون بالتجديف بأمان في حدود علامات عمق البحيرة، وتعتبر درجة حرارة المياه مريحة ومناسبة حتى الآن، استلقيت على ظهري أثناء الاستماع إلى الثرثرة المحيطة والتي تتخللها أصوات الطائرات في مطار Tegel airport القريب، مما جعلني أشعر بالابتعاد عن حياة المدينة الكبيرة".