تريزا ماي

اتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما تريزا ماي أمس في بريطانيا عبر محادثة هاتفية دافئة استمرت لمدة 15 دقيقة لتهنئتها على كونها ثاني رئيسة وزراء للبلاد، وناقشا أهمية الحفاظ على العلاقة الخاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة، وأفادت ماي لأوباما أنها ستتابع إجراء محادثات بناءة وإيجابية مع القادة الأوروبيين حول تفاصيل خروج بريطانيا، لكنها لم تناقش آفاق التوصل إلى اتفاق التجارة بين بريطانيا والولايات المتحدة، وهو الأمر الشائك الذي حذر منه أوباما في نيسان/ أبريل. موضحا أن بريطانيا ستكون في نهاية القائمة لإبرام اتفاق التجارة إذا تركت الاتحاد الأوروبي، كما اتصل هاتفيا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر برئيسة الوزراء البريطانية الجديد لتهنئتها، وستكون علاقة الاثنان أمرا أساسيا في مفاوضات الخروج المقبلة، إلا أن محادثتهما أمس لم تخض في تفاصيل.

ويواجه يونكر الذي تحدث من منغوليا خلال قمة الاتحاد الأوروبي ضغوطا للاستقالة لفشله في منع بريطانيا من مغادرة الاتحاد وطريقة تعامله مع استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة اللاجئين وأزمة الديون اليونانية، وأخبرت ماي السيد يونكر أنها تريد العمل بشكل وثيق مع المفوضية بشأن قضايا الاتحاد الأوروبي وكذلك الانسحاب البريطاني من الاتحاد، موضحة أن بريطانيا تحتاج بعض الوقت للتحضير للمفاوضات حول كفية الخروج. وتحدثت ماي أيضا إلى رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي والوزير الأول في أيرلندا الشمالية أرلين فوستر، وتلقت ماي في أول أمسية لها في مكتب داوننغ ستريت مكالمات هاتفية للتهنئة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، وتخطط ماي إلى السفر إلى أدنبرة للقاء الوزيرة الأولى نيكولا ستورجين، ما يشير إلى اهتمامها بمنع انفصال أسكتلندا عن بريطانيا باعتبارها جعلت رحلتها الأولى الرسمية إلى هناك، ويناقش الاثنتان تصويت الشهر الماضي بمغادرة الاتحاد الأوروبي في ظل إصرار  ستورغين على عدم قطع علاقة أسكتلندا في بروكسل بعد أن صوّت غالبية الأسكتلنديين لصالح البقاء، وأعربت زعيمة الحزب الوطني الأسكتلندي SNP عن أملها في علاقة بناءة مع  ماي، لكنه سيتم اختبار هذه العلاقة من خلال تعهدها بأن تفعل كل ما في وسعها للحفاظ على عضوية أسكتلندا في الاتحاد الأوروبي.

وتعهدت ستورجين بالتمهيد لإقامة تصويت ثان لاستقلال أسكتلندا بعد أن دعم 38% من الأسكتلنديين في الشمال الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء الشهر الماضي، في ما صوت أكثر من 62% من الأسكتلنديين لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وذكرت ماي في أول خطاب للأمة بعد توليها منصب رئيس الوزراء البريطاني خارج مكتب داوننغ ستريت " اتحاد دول المملكة المتحدة سيكون أمرا محوريا لرئاسة الوزراء، وربما لا يعرف الجميع أن الاسم الكامل لحزبي هو حزب "المحافظون الوحدويون"، وكلمة "الوحدويون" لها أهمية بالغة بالنسبة لي، وتعني أننا نعتقد في الاتحاد، والروابط الوثيقة بين إنكلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية، ويشير ذلك إلى شيء آخر لا يقل أهمية وهو أننا لا نعتقد فقط في الاتحاد بين دول المملكة المتحدة ولكن بين جميع مواطنينا، جميعنا أيا من كانوا وأينما كانوا".

وأكد المستشار فيليب هاموند على تعليقات ماي رافضا فكرة توصل أسكتلندا لأي اتفاق بطريقة أو بأخرى للبقاء في الاتحاد الأوروبي. مشيرا إلى أن خدمة مصالح أسكتلندا تكمن في البقاء ضمن المملكة المتحدة، وأفاد هاموند لمراسل "بي بي سي أسكتلندا" "دعنا نجعل اقتصاد المملكة المتحدة من أجلنا جميعا ودعونا نتفاوض مع الاتحاد الأوروبي من الخارج في علاقة لصالح بريطانيا وأوروبا، ويمكننا أن نكون على علاقة وثيقة في التجارة مع خروجنا من الاتحاد كما قرر الشعب البريطاني"، إلا أن  ستورغين عازمة على بذل كل ما في وسعها للتأكد من عدم خروج أسكتلندا من الاتحاد الأوروبي ضد إرادتها، مضيفة " تنتهج الحكومة الأسكتلندية كل السبل الممكنة لحماية مكاننا في أوروبا وبالطبع حماية أعمالنا التجارية وحرية التجارة والقدرة على العمل وحقنا في الاستمرار في التأثير على قرارات الاتحاد الأوروبي، سنستمر في استكشاف جميع الخيارات الممكنة لحماية وجود أسكتلندا في أوروبا، وأوضحت أن خيار إجراء استفتاء بشأن الأستقلال يجب أن يوجد على الطاولة للحفاظ على وضعنا داخل الاتحاد"، وأنهت ماي تشكيل أول مجلس وزراء لها أمس بعد أقل من 24 ساعة من أدائها اليمين لمنصب رئيسة الوزراء في بريطانيا.

وأحضرت ماي حلفائها إلى الحكومة مع عدد قياسي من النساء بعد ساعات من الإقالة الوحشية لأربعة موالين لديفيد كاميرون، وأصبح مدير حملة ماي كريس جريلينغ وزيرًا للنقل، وأصبح داميان غرين الذي كان نائبها في وزارة الداخلية لمدة 4 سنوات وزيرا للعمل والمعاشات التقاعدية، وهناك نحو 8 عضوات من الإناث في مجلس الوزراء بما في ذلك ماي بعد ترشيح أندريا ليدسون وبريتني باتل وكارين برادلي وناتالي إيفانز للمجلس، وهو عدد أكبر من أي وقت مضى منذ السنة النهائية لتوني بلير في منصبه، وفي قطيعة واضحة مع إدارة كاميرون تم تعيين عامل المناجم السابق باتريك ماكلوغلين رئيسا للحزب بدلا من لورد فيلدمان الذي استقال مع صديق مدرسته القديم كاميرون، واستقال ستيفن كراب من الحكومة بعد ظهر هذا اليوم لمصلحة عائلته بعد أن واجه مزاعم بإرسال محتوى جنسي، واستقالت تريزا يلرز التي كانت وزيرة أيرلندا الشمالية بعد أن عرضت عليها وظيفة جديدة كما استقال مارك هاربر أمس.

وأنشأت ماي استيراتيجية لأقسام الأعمال والطاقة والصناعة وسلمتها إلى جريج كلارك، والتقت ماي مجلس النوراب لتنفيذ الاستقالات وأكد مكتب داوننغ ستريت رجيل السيد غوف والسيد ليتوين والسيد وايتننغ ديل ومرجان من الحكومة، ثم اتجهت رئيسة الوزراء الجديدة إلى مكتبها لإجراء التعيينات الجديدة، وفي تعيين آخر تولت ليز تروس منصب وزيرة العدل بينما تولت جاستين غريننغ منصب وزيرة التعليم ووزيرة النساء، بينما بقي جيرمي هانت في منصبة كوزير للصحة بعد 3 سنوات مثيرة للجدل وأصبحت البارونة إيفانز زعيمة مجلس اللوردات بدلا من البارونة ستويل، وكان غوف ضد ماي لقيادة حزب المحافظين بدعم من مورغان التي وقعت أوراق ترشيحه، ودعم وايتنغليد السيد غوف لشغل هذا المنصب، وجاءت إقالات أمس بعد أن تخلصت ماي من خدمات جورج أوزبون كمستشار للخزانة.