شي جين بينغ و دونالد ترامب

وجّه الرئيس الصيني "شي جين بينغ" نداءً من أجل تهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السبت، وحث الجانبين على تجنب الكلمات أو الإجراءات التي يمكن أن تفاقم الوضع، وجاءت هذه الدعوة بعد أن أطلق "ترامب" سلسلة من التهديدات الجديدة ضد كوريا الشمالية، الجمعة، معلنًا أن الجيش الأميركي "جاهز ومحمل" ويحذر الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ اون" من أنه سيندم سريعًا إذا اتخذ أي إجراء ضد الأراضي الأميركية أو الحلفاء.

وأصدرت كوريا الشمالية، السبت، بيانًا تحذر فيه "ترامب" وتطالبه بالحديث والفعل المناسب إذا أراد تجنب "هلاك" الولايات المتحدة، وأعلنت كوريا الشمالية من خلال وسائل الإعلام الحكومية "اذا كانت إدارة "ترامب" لا تريد من الإمبراطورية الأميركية أن تصل لهلاكها المأساوي في فترة إدارتهم، فعليهم أن يتكلموا بطريقة أفضل ويتصرفوا بطريقة مناسبة" ويستمر البيان موضحًا أنه "في وقت سابق" الرئيس وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين يبثون "الخيار العسكري" ضد كوريا الديمقراطية، مدعين أنهم" لن يستبعدوا الحرب"، وفي الوقت ذاته، فإنهم يدخلوا الأصول النووية الاستراتيجية الضخمة في شبه الجزيرة الكورية، وينظمون ألعاب الحرب النووية المتهورة ويجعلون الوضع الإقليمي متوترًا للغاية. "

وارتكبت الولايات المتحدة كل أنواع الأخطاء في حق كوريا الديمقراطية، حيث تصف نفسها" بالقوة العظمى الوحيدة "في أعين العالم، ولكنها تجد نفسها الآن في معضلة تزداد سوءًا من أي وقت مضى، حيث يتم طرحها في قبضة الاضطرابات الأمنية الشديدة من جانب جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وتلك تراجيكوميديا من صنعها"، وقال البيان إن القوات المسلحة الكورية الشمالية "قادرة على المحاربة في أي حرب تريدها الولايات المتحدة الآن وعلى استعداد لإطلاق النار في أرضهم الرئيسية وهم بانتظار إصدار أمر بالهجوم النهائي".

ودفع دونالد "ترامب" الصين إلى الضغط على كوريا الشمالية لوقف برنامج الأسلحة النووية الذي يقترب من قدرة استهداف الولايات المتحدة، وتعتبر الصين أكبر شريك اقتصادي في الشمال ومصدر للمساعدات ولكنها تقول إنها وحدها لا تستطيع أن تجبر "بيونغ يانغ" على إنهاء برامجه النووية والصاروخية، ونقل تلفزيون الصين المركزي عن "شي" قوله ل "ترامب": "إن الأطراف المعنية يجب أن تحافظ على ضبط النفس وتجنب الكلمات والأعمال التي من شأنها ان تؤدي الى تفاقم التوتر في شبه الجزيرة الكورية"، لكن ضبط النفس لم تكن كلمة الجمعة، حيث بعث "ترامب" بسلسلة من التصريحات غير مكتوبة، يتضمن ما يبدو أنه خط أحمر آخر- أن مجرد الكلام عن التهديدات - من شأنه أن يؤدي إلى هجوم أميركي ضد كوريا الشمالية و متاعب كبيرة جدًا "لكيم".

وانتقدت صحيفة "مينغو جوسون"- في كوريا الشمالية الولايات الأميركية في افتتاحيتها، السبت، وقال البيان إن "جيش بايكتوسان الثوري من كوريا الديمقراطية قادر على خوض أي حرب تريدها الولايات المتحدة، وهو الآن على أهبة الاستعداد لإطلاق النار في البر الرئيسي وهو بانتظار إصدار أمر بالهجوم النهائي"، وتدل كوريا الديمقراطية على اسم كوريا الشمالية رسميًا، وهو جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.

واستمر التهديد المتبادل لمدة أسبوع حيث كان التوتر طويل الأمد بين البلدين، وأدت الجزاءات الجديدة التي فرضتها الأمم المتحدة والتي تدين برنامج الشمال النووي المتطور سريعًا إلى استياء "بيونغ يانغ"، وقال "ترامب" ردًا على تقرير المخابرات الأميركية الذي يشير إلى أن "بيونغ يانغ" يستطيع الآن وضع رأس حربي نووي على صواريخه البعيدة المدى، وتعهد بتوجيه "النيران والغضب" إذا ما واجهت الولايات المتحدة تحديًا، ومن جهة أخرى، هدد الشمال بإطلاق أربعة صواريخ متوسطة المدى من طراز "هواسونغ –12" بالقرب من "غوام" وهي منطقة صغيرة في الولايات المتحدة تبعد نحو 3200 كيلومتر عن "بيونغ يانغ".

وفي مركز الخطابة، ملعب "ترامب" للغولف نيو جيرسي ، تحدث الرئيس عن"كيم" قائلًا: "إذا كان يوجه تهديدًا واحدًا علنيًا- الذي بالمناسبة كان ينطقه لسنوات وكانت الأسرة تنطقه لسنوات- أو أنه يفعل أي شيء فيما يتعلق ب"غوام" أو في أي مكان آخر من الأراضي الأميركية أو حليف أميركي، فإنه سيندم حقًا، وسريعًا"، وردًا على سؤال بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستخوض حربًا قال بغموض "أعتقد انكم تعرفون الجواب"، غير أن تصريحات "ترامب" لا يبدو أنها مدعومة بتعبئة عسكرية كبيرة على جانبي المحيط الهادئ،  ولا تزال قناة دبلوماسية مهمة وهادئة مفتوحة.

ونشرت اليابان بطاريات دفاعية صاروخية على الطريق الذي يمكن أن يتخذه صاروخ كوري شمالي، كما ظلت الحياة في شوارع العاصمة الكورية الشمالية "بيونغ يانغ" هادئة، ولم تكن هناك تدريبات غارات جوية أو سيارات في شباك التمويه كما كان الحال في الأزمات السابقة وتضمن وسائل الإعلام التي تديرها الدولة أن يدعم السكان الجانب الكوري الشمالي من القصة، ولكنه لا يعبر عن أي شعور بالقلق الدولي إزاء الحالة، ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم سيمضون في مناورات عسكرية طويلة الأجل مع كوريا الجنوبية، وتقول بيونغ يانغ إنها ستكون على استعداد لإرسال خطة إطلاق الصواريخ إلى كيم للموافقة عليها مباشرة أو عند بدء التدريبات، ومن المتوقع أن تجري المناورات في الفترة من 21 إلى 31 أغسطس/آب الجاري، وستشمل عشرات الآلاف من القوات الأميركية وكوريا الجنوبية على الأرض وفي البحر والجو، وتزعم كوريا الشمالية إن المناورات هي بروفة للحرب، لكن "واشنطن" و"سول" تقولان إنهما ضروريان لردع العدوان الكوري الشمالي.

وبدأ "ترامب"، الجمعة بتغريدة نارية خاصة: "الحلول العسكرية هي الآن تمامًا في مكانها، جاهزة ومحملة، إن قررت كوريا الشمالية العمل بغير حكمة، ونأمل أن "كيم جونغ أون" سيجد مسارًا آخر!"، وفي وقت لاحق أعاد تغريده نشرها مركز قيادة الولايات المتحدة في المحيط الهادئ وأظهر طائرات 1B-B لقذف القنابل في غوام "على أهبة الاستعداد للوفاء بمهمة بعثة المراقبة التابعة للولايات المتحدة إذا أمُرَت بالقيام بذلك"، عبارة "عارك الليلة" كانت منذ فترة طويلة شعار القوات الأميركية في كوريا الجنوبية لإظهار استعدادها دائمًا للقتال في شبه الجزيرة الكورية، كما تجنب "ترامب" مكالمات التحذير من زعماء العالم الآخرين، بمن فيهم "أنجيلا ميركل" الألمانية.

وذكرت "ميركل" الجمعة "لا أرى الحل العسكري ولا أعتقد بأنه مطلوب"، مطالبةً مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة بمواصلة معالجة الأزمة، وأضافت "ميركل": "أعتقد بأن تصعيد الخطاب هو إجابة خاطئة" وقال "ترامب" عندما سئل عن تعليقها "دعوها تتحدث عن ألمانيا، ربما هي تشير إلى ألمانيا، إنها بالتأكيد لا تشير إلى الولايات المتحدة، أنا أستطيع أن أقول لكم". وبحلول المساء، بدا أنه لان قليلًا، وقال ترامب "نأمل أن تُحل جميع الأمور، لا أحد يحب الحلول السلمية أكثر من الرئيس"ترامب"، وفي حديثه إلى حاكم "غوام" "أدي كالفو"، وعد: "أنت آمن. نحن معك ألف في المائة. "