محادثات قمة الاتحاد الأوروبي في مالطا،

علمت رئيسة الوزراء البريطانية، تريزا ماي، الجمعة، من نظيرها الإسباني ماريانو راجوي، أن بلاده  ترغب في التوصل لاتفاق سريع في وقت مبكر بشأن الحقوق المتبادلة للعمالة البريطانية الوافدة، رغم رفض ألمانيا لحل هذه المشكلة أولًا، على هامش محادثات قمة الاتحاد الأوروبي في مالطا، حيث يعيش نحو 300 ألف بريطانيًا بدوام كامل في إسبانيا، وهي المجموعة الأكبر بين مليون مواطن بريطاني يعيشون في القارة، ويعيش نحو 2.8 مليون مواطن من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، ما جعل حالة البريطانيين الوافدين تسبب التوتر في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

ووصلت ماي، لأول قمة في الاتحاد الأوروبي منذ دعم النواب لقانون بدء مفاوضات خروج بريطانيا رسميًا، مع التعهد بأن تظل بريطانيا شريك ذو ثقة لأوروبا، واقترحت ماي التوصل لاتفاق لحماية حقوق المواطنين من كلا الجانبين العام الماضي، إلا أنه تعرض للعرقلة من خلال ألمانيا.

فيما أوضحت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أنه ربما لا يكون هناك محادثات للخروج حتى بدء المفاوضات الرسمية هذا الربيع، وأشارت خطة الحكومة الرسمية للخروج، الخميس، إلى أنه لا زال هناك طريق مسدود بشأن هذه القضية، رغم دعم العديد من زعماء الاتحاد الأوروبي للقيام بذلك.

وأفاد المتحدث باسم ماي، الجمعة، بعد محادثاتها مع راجوي، "وافق كل منهما على أنه سيكون من الجيد إبرام اتفاق مبكر عن المفاوضات، وأوضح راجوي أننا بحاجة للحصول على اتفاق بشأن الحقوق المتبادلة للمواطنين"، مضيفًا "لدينا اعتقاد راسخ بضرورة حل هذه المشكلة في وقت مبكر، وهناك اتفاق واسع على ذلك بين معظم الأعضاء وليس جميعهم".

وجاء في خطة الحكومة للخروج، " ترغب الحكومة في حل هذه المشكلة قبل المفاوضات الرسمية، ورغم أن العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يؤيدون مثل هذا الاتفاق، إلا أنه لم يثبت إمكانية ذلك بعد، ولا تزال المملكة المتحدة مستعدة لإعطاء الناس اليقين الذي يريدونه، مع التوصل لاتفاق مع شركاؤنا الأوروبيين في أقرب فرصة ممكنة، إنه أمر صحيح وعادل للقيام به".
 
كما اقترحت ماي، إبرام صفقة للحقوق المتبادلة للمواطنين قبل القمة الرئيسية للاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول، لكنها قوبلت بالرفض من قبل ميركل ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دونالد تاسك، الذي ألقى باللوم على الناخبين البريطانيين للتسبب في عدم اليقين، وسبب الوضع المستقبلي لمواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، حالة من التوتر في المراحل المبكرة لعملية الخروج، فيما وصف كبير المحافظين نايجل إيفانز، الوضع الحالي بالغامض والمعذِب للمعنيين.

ومن المقرر أن تخبر ماي الجميع في مناقشات واسعة، الجمعة، في فاليتا، أن بريطانيا ستظل شريك موثوق فيه، وتستخدم ماي المحادثات الفردية مع القادة والزملاء كل على حدى، للتأكيد على أنها ترغب في علاقة إيجابية بناءة، وفقًا لداونينغ ستريت.
وتعد هذه الفرصة، الأولى لتريزا ماي، لمناقشة خروج بريطانيا وجهًا لوجه منذ وضع الخطط، وبدء النواب في نظر القانون الذي سمح لها بتحريك المادة 50، وأكدت ماي اعتقادها بقوة الاتحاد الأوروبي، بحجة أن نجاح الكتلة يصب في مصلحة المملكة المتحدة والعالم الواسع.

ويهدف التشريع الذي يتابعه البرلمان سريعًا، بإعطاء الإذن لرئيسة الوزاراء، لبدء العملية الرسمية للخروج بحلول نهاية مارس/ أذار، وأخبر مجلس النواب نظرائها، أنه يجب زيادة الإنفاق على الدفاع عقب محادثاتها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن حلف الناتو في واشنطن الأسبوع الماضي، إلا أن التركيز الرئيسي للقادة المجتمعين في فاليتا، سيكون التدابير المتخذة لمعالجة أزمة المهاجرين في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ومن المقرر أن تقدم بريطانيا المساعدة لبلدان في آسيا وأميركا اللاتينية، لاستقبال لاجئين من أوروبا، وتعد هذه الخطوة جزءًا من صفقة بقيمة 30 مليون أسترليني، أعلنت عنها السيدة ماي في القمة في مالطا، ليصل إجمالي الدعم الإنساني الذي تقدمه المملكة المتحدة، استجابة لأزمة الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، لأكثر من 100 مليون إسترليني.

ويهدف التمويل الجديد، إلى اتخاذ تدابير لحماية المهاجرين المستضعفين من الطقس المتجمد، والمتاجرين بالبشر والعنف الجنسي، مع تشجيعهم على العودة إلى ديارهم، بدلًا من الاستمرار في الرحلات المحفوفة بالمخاطر إلى أوروبا، وتساعد أموال المملكة المتحدة دول مثل اليونان ومصر ودول البلقان، حيث يصل اللاجئون إلى أراضيهم عبر مناطق مضطربة مثل سوريا، مع دمج الوافدين في المجتمعات المحلية، ويمكن لبريطانيا تقديم الدعم للاجئين عبر منظمات مثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين "UNHCR"، وآلية الدعم المشترك لإعادة التوطين في البلاد "ERCM"، لبلدان في آسيا وأميركا اللاتينية، والتي تحتاج إلى المهاجرين، ولا تملك البنية التحتية والأنظمة اللازمة لاستقبالهم.

وتتعهد رئيسة الوزراء البريطانية، بالالتزام على المدى الطويل بشأن هذه الأزمة قبل وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتنطوي أهدافها على محاولة منع المهاجرين المتجهين إلى أوروبا في المقام الأول، عن طريق دعمهم بالقرب من منازلهم المجبرين على الفرار منها، مع ردع المهاجرين لأسباب اقتصادية من محاولة العبور الخطرة.

كما تتضمن خطة السيدة ماي أيضًا، إعادة الذين وصلوا إلى أوروبا وليس لديهم الحق في البقاء، كما أطلعت القادة الأوروبيين على وجهة نظر ترامب بشأن حلف الناتو، بعد لقائها به الأسبوع الماضي، مؤكدة على أن الرئيس ترامب يقف وراء حلف الناتو 100%.

ونبهت انتقادات ترامب، حلف أوروبا، في ظل وجود بعض المخاوف في القارة بشأن سياسات الملياردير المثير للجدل "ترامب"، فيما أشارت ماي إلى أن تصريحات الرئيس ترامب معها عن الناتو، تؤكد على أهمية التعاون في مجال الدفاع والأمن.

فيما تنقل ماي، الرسالة التي يحتاجها أعضاء الحلف لتكثيف الإنفاق على الدفاع، وتعد المملكة المتحدة والولايات المتحدة من بين القليل من أعضاء حلف الناتو، الملتزمة بالتعهد بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.

وأوضح داونينغ ستريت، أن رئيسة الوزراء ستخبر نظرائها في الاجتماع أنهم بحاجة إلى الوفاء بالتزاماتهم، حتى يتم مشاركة الأعباء بشكل أكثر عدلًا.

ومن المتوقع أن تحضر السيدة ماي الجزء الأول من القمة في مالطا، بينما يواصل قادة 27 دولة في الاتحاد الأوروبي محادثاتهم، الجمعة، من دونها في ظل مناقشة خروج بريطانيا ومستقبل الاتحاد.

وأوضح موسكت، المولع ببريطانيا، والدارس في جامعة بريستول، أن ماي في موقف لا تُحسد عليه في الراهن، قبل المفاوضات التي تلوح في الأفق، مضيفًا "في رأيي أنه من الواضح أن هذه العلاقة ستكون الجوكر بالنسبة لها، أو بطاقة بالنسبة لترامب، لكنها ربما تمثل سقوط لكل شئ أيضًا"، وتابع "أعود إلى مسألة عدم القدرة على التبنؤ، نحن نتعلم سريعًا في ظل هذه الإدارة الأميركية، أن كل الأمور ليست على قدم المساواة لكنها تتحور سريعًا".

فيما أعطى نائب وزير الخارجية الإيطالي، ماريو جيرو، ورقة الخروج البيضاء كقائمة رغبات، محذرًا من أن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يقبل أن تصبح بريطانيا ملاذًا ضريبيًا على أعتابه، وهو التهديد الذي أحرزته ماي إن لم تتوصل إلى صفقة جديدة.

وأضاف جيرو لبي بي سي، " كل شئ قابل للتفاوض ثم التوصيل، على أحد الجوانب، وتعد الورقة البيضاء بمثابة قائمة الرغبات، وتركز على ما نريده وما تريده المملكة المتحدة في هذه المفاوضات، ولكن على الجانب الآخر تعد هذه الورقة ذات نغمة جيدة، إذ توضح أفضل النتائج للطرفين".

وأوضح جيرو، "أعتقد أنها مهمة شاقة للطرفين، إنه انفصال، والانفصال مؤلم بطبيعة الحال، ويمثل نوع من الفشل، ونحن جميعًا مسؤولون، وعلينا أن نتصرف بسرعة وبشكل عادل، أقول سريعًا لأنني أدرك أن الأمر معقد للغاية، ونحن لا نعرف بالضبط كيفية التعامل معه، وهذه هي المرة الأولى، ويجب علينا أن نسرع لأن الأسواق المالية لن تمنحنا المزيد من الوقت".