باريس -مارينا منصف
صرحت وكالة "فرانس برس" أن مسؤولين فرنسيين أوضحوا أن عبد الحميد أباعود (27 عامًا) كان له دورًا أساسيًا في تنفيذ وتنظيم هجمات انتحارية مسلحة ليلة الجمعة الماضية، وسط باريس، حيث يعتبر أباعود بلجيكيًا من أصل مغربي، متطرفًا مطلوبًا للشرطة بعد اشتباك مسلح في شرق بلجيكا في كانون الثاني/ يناير/خلال غارة على الخلية التابعة لـ "داعش".
وأفادت المصادر بأن قائد الخلية المتطرفة التابعة لتنظيم "داعش" أباعود يعد العقل المدبر لهجمات باريس التي قُتل فيها 129 شخصًا على الأقل، والتي كانت الشرطة تسعى للقبض عليه في وقت سابق هذا العام، لافتًة إلى أن أباعود يعد المستهدف من العملية التي شنتها الشرطة الأربعاء في باريس.
ويعتقد أن هذه العملية الأمنية دمرت الخلية المتطرفة التي كانت تخطط لاغتيال ضباط الشرطة البلجيكية، مع قتل اثنين من المشتبه بهم في معركة ضارية مع الشرطة خلال غارة في بلدة فيرفيرس الشرقية، حيث أمضى أباعود وقتًا في القتال لصالح "داعش" في سورية، كما تعرفت قوات الأمن عليه بعد ظهوره في مقاطع فيديو لـ "داعش" يوضح سيارة لنقل الجثث إلى مقبرة جماعية.
وأوضح وزير "العدل" البلجيكي كوين جينس في كانون الثاني/ يناير "لم تنجح اعتقالات الليلة الماضية من ضبط الشخص المطلوب، ولكننا نبحث عنه بشكل مكثف، وأعتقد أننا سننجح"، حيث ربط المسؤولون الفرنسيون بين أباعود والهجمات التي تم احباطها على القطار فائق السرعة المتجه إلى باريس في آب/أغسطس الماضي، وكذلك المؤامرة الفاشلة لمهاجمة كنيسة في باريس في نيسان/أبريل، وربطت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية بين أباعود والطالب الفرنسي سيد أحمد غلام المتهم بالقتل وارتكاب جرائم متطرفة.
وأفادت وسائل الإعلام الفرنسية أن أباعود حاول بانتظام تجنيد مقاتلين غربيين آخرين للانضمام إلى مسلحي "داعش" في سورية بما في ذلك شقيقه الأصغر يونس (13 عامًا). وأشارت الوثائق التي عثر عليها في منزل "غلام" عبر جهاز الكمبيوتر الخاص به وسجلات الهاتف إلى أنه كان على اتصال بشخص يتحدث الفرنسية في سورية والذي أمره بتنفيذ هجوم على كنيسة.
ولفتت قناة"VTM" إلى أن أباعود أجرى اتصالا هاتفيا من اليونان بشقيق واحد من الاثنين المسلحين الذين قتلوا في فيرفيرس في كانون الثاني/ يناير، حيث تفاخر أباعود في حوار له مع مجلة "دابق" التابعة لـ "داعش" أنه خطط لشن هجمات ضد الغرب على مرأى ومسمع من أجهزة الاستخبارات البلجيكية، مضيفًا أنه كان في سورية في شباط/ فبراير.
وأضاف المتطرف المعروف باسم "أبو عمر البلجيكى أنه سافر مع اثنين من زملائه الجهاديين إلى بلجيكا لترويع الصليبيين الذين يشنون حربا ضد المسلمين، حيث ظهر أباعود في صورة لمجلة "دابق" وهو يمسك القرآن وعلم "داعش"، موضحًا "واجهنا العديد من التجارب أثناء الرحلة، وقضينا شهرا في محاولة لإيجاد وسيلة لدخول أوروبا، وبقوة الله نجحنا في النهاية في شق طريقنا إلى بلجيكا، وبعدها استطعنا الحصول على الأسلحة وأقمنا في مكان آمن للتخطيط لتنفيذ الهجمات ضد الصليبيين".
وكشف أباعود أنه تم توقيفه أثناء رحلته بواسطة أحد الضباط بعد ظهور صورة له على وسائل الاعلام البلجيكية واتهامه بالقتال لصالح "داعش"، إلا أن الشرطي أطلق سراحه لأنه لم يلاحظ التشابه بينه وبين الصورة، ولكن لم يتضح بعد متى أو أين أوقفه الشرطي المزعوم، حيث بيّن أباعود أن زملائه الاثنين الذين قتلوا بواسطة الشرطة البلجيكية خلال غارة كانون الثاني/يناير نالوا الشهادة التي كانوا يتمنوها منذ وقت طويل.
وأجاب أباعود على سؤال المجلة له عن سبب كونه مشتبه به قائلًا " كانت المخابرات تعرفني من قبل وتعرضت للسجن سابقا من قبلهم، وبعد الغارة على المنزل علموا أنني كنت أخطط مع اثنين من الزملاء للقيام ببعض العمليات معا ولذلك جمعوا المعلومات كافة عني من المخابرات في جميع أنحاء العالم من أوروبا وأمريكا من أجل اعتقالي، وقبضوا على مسلمين في اليونان واسبانيا وفرنسا وبلجيكا للحصول على، إلا أن جميع المعتقلين لم يكونوا على صلة بخططنا، وأتمنى أن يطلق سراحهم من سجون الصليبيين".
وتفاخر أباعود بكونه خطط لشن هجمات على الغرب بينما كان يعيش في بلجيكا وأنه مطلوبا من قبل وكالات الاستخبارات عندما سافر إلى سوريا في كانون الثاني/يناير 2014، وذكر أباعود "استطعت المغادرة على الرغم من مطاردة وكالات الاستخبارات لي، ويثبت هذا أن المسلم يجب آلا يخشى الصورة المتضخمة للاستخبارات الصليبية، وعلى الرغم من نشر اسمى وصورتي في الأخبار إلا أنني استطعت البقاء في وطنهم وتخطيط عمليات ضدهم وغادرت بأمان بعدها، وأسأل الله أن يتقبل الشهداء الذين أرهبوا الصليبيين من أمريكا وفرنسا وكندا وأستراليا وألمانيا وبلجيكا".
وحُكم على أباعود بالسجن 20 عامًا من قبل محكمة بلجيكية في وقت سابق هذا العام غيابيا بسبب تجنيده لصالح "داعش" في سورية، وكان واحدا من بين 32 شخصًا متهمين بإدارة أكبر شبكات التجنيد الجهادية في بلجيكا، إلا أن أباعود والعديد من المتهمين حوكموا غيابيًا وما زالوا هاربين.
واتهم أباعود بخطف شقيقه الأصغر يونس (13 عامًا) إلى سورية في كانون الثاني/ يناير والذي لقب بأصغر جهادي في العالم، ولم يسمع والدهما "عمر أباعود" أي أخبار عن نجليه، حيث قدم الوالد شكوى لدى الشرطة ضد إبنه الأكبر حسبما أفادت وكالة "فرانس برس" في أيار/مايو.
وبيّنت الشقيقة الأكبر لأباعود ياسمينة لصحيفة "نيويورك تايمز" في كانون الثاني/يناير، أن شقيقيها لم يظهروا أي اهتمامًا أو تحمسًا للدين قبل أن يغادروا إلى سورية، مضيفًة "إنهم حتى لم يذهبا إلى المسجد"، حيث يمتلك والد أباعود متجر ويعيش مع زوجته وستة من أبنائه في شقة فى مولينبيك بالقرب من القناة التي تفصلها عن منطقة بروكسل العصرية التي تمتلئ بالحانات والمطاعم.
وذكرت ياسمينة أن العائلة تلقت اتصالات في خريف 2014 من سورية تخبرهم بأن نجلهم أصبح شهيدًا ما يعني أنه قتل في المعركة، وأوضحت أن الأسرة لم تسمع أي أخبار عن نجليها منذ ذلك الحين، فحين يعتقد المحققون أن القول بأنه مات شهيدا يعتبر حيلة لخداع أجهزة المخابرات الغربية.
ووصف أباعود بكونه طالبًا محظوظًا حيث ذهب إلى إحدى المدارس الثانوية المرموقة في بروكسل وهي مدرسة" Saint-Pierre d’Uccle"، وداهمت الشرطة المنزل المقيم فيه فى كانون الثاني/يناير بعد أن اعترضت الشرطة مكالمات هاتفية بينه وبين الجهاديين المشتبه فيهم منذ أسبوع بهدف تفكيك الخلية المتطرفة البلجيكية.
ويعتقد أن أباعود اتجه إلى اليونان بعد زيارته إلى سوريا في كانون الثاني/يناير عام 2014، حينما ذكر أباعود خلال فيديو نشر في 2014 "طوال حياتي وأنا أشاهد إراقة دماء المسلمين، وأدعوا الله أن ينكسر ظهر هؤلاء الذين يعارضونه ويعارضون جنوده ومحبيه، وسوف أقوم بإبادتهم".