القاهرة ـ محمود عبد الرحمن
أدان القيادي الجهادي السابق، ومؤسس تنظيم الجهاد في مصر، الشيخ نبيل نعيم، حادث سيناء المتطرِّف، الذي وقع الجمعة الماضية، وأسفر عن مقتل العشرات من القوات المُسلّحة.
وأشار نعيم إلى تورط أجهزة مخابرات إقليمية ودولية فيما يحدث في المنطقة العربية منذ أحداث الربيع العربي، الذى طلّ على المنطقة في مطلع العام 2011، من خلال دعم وتحريض جماعات وتنظيمات متطرِّفة في كلاً من العراق وسورية واليمن وليبيا، لتحقيق أهدافها ومطامعها باستهداف الجيوش وتفتيت البلدان العربية وتقسيمها، موضحًا أنَّ الجيش المصري يقف "عائقًا" أمام تلك المؤامرات والمُخططات.
وأكد نعيم، خلال مقابلة خاصة مع "فلسطين اليوم"، أنَّ جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"، وراء الأحداث الدموية التي شهدتها مصر منذ أحداث 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وصولاً إلى الوقت الراهن.
واتّهم نعيم الرئيس المعزول محمد مرسي وقياداتا الإخوان، الدكتور محمد بديع، والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور محمد البلتاجي، بالتحريض على استهداف القوات المُسلّحة والشرطة في سيناء، واستهداف المواطنين الأبرياء في محطات المترو والميادين العامة، مُطالبًا الحكومة المصرية بالحسم والحزم والتشديد على أعضاء الجماعة ومحاكمتهم عسكريًا.
وأشار الجهادي السابق إلى عناصر خارجية تابعة لجماعات والتنظيمات المتطرِّفة في العراق وسورية، وراء ارتكاب حادث سيناء، تقيم في قطاع غزة، تمولها وتدعمها حركة "حماس" الفلسطينية، دخلت مصر عبر الأنفاق وارتكبت الحادث الغادر من أجل تحقيق مصالح وأهداف خارجية لصالح التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، ولصالح عدد من الدول الإقليمية والدولية، تُكن عداءً شديدًا لمصر بعد ثورة 30 حزيران/ يونيو الماضي، وتهدف إلى ضرب الجيش المصري وتفتيته كما حدث في سورية والعراق واليمن وليبيا.
وتابع نعيم أنّ لديه معلومات مؤكدة تُشير إلى تورّط حركة "حماس" الفلسطينية، بتحريض العناصر المتطرفة بارتكاب حادث سيناء الإجرامي.
واستند في اتهامه لـ"حماس" إلى "التحذيرات" التي أصدرها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، لرعاياه الإسرائيلين بعدم السفر إلى الأراضي المصرية قبل وقوع الحادث بـ"ثلاثة أيام".
وأبرز نعيم قوة العلاقة التي تجمع عدد من أعضاء حركة "حماس" الفلسطينية الذين يعملون "كعملاء" لأجهزة مخابرات إقليمية ودولية، كالموساد الإسرائيلي، وجهاز المخابرات الإيراني والقطري، وأنَّ أرتكاب حادث سيناء الغادر يحتاج إلى خبرة واحترافية وإمكانات كبيرة فيمن يرتكبه، مدلاً أنَّ هذه الإمكانات والخبرة لا تتوافر إلا في الجماعات المتطرِّفة في العراق وسورية، التي يُشرف على تمويلها جهاز المخابرات القطرية ويدربها ضباط مخابرات سابقين في الجيش العراقي، انضموا حديثًا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والمعروف إعلاميًا بـ"داعش .
وتابع: "استبعد ارتكاب تنظيم "أنصار بيت المقدس" المتطرف الحادث، بعد الملاحقات الأمنية الشديدة التي أجرتها القوات المُسلّحة واستهدفت المئات من قياداته وعناصره، خلال الحملات العسكرية التي شنتّها في سيناء منذ وقوع حادث رفح 2012 في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي راح ضحيته 16 جنديًا من القوات المُسلّحة، مؤكدًا أنَّ تنظيم "بيت المقدس" المتطرف إمكانياته محدودة.
واستند نعيم أيضًا في اتّهامه إلى جهات خارجية بارتكاب حادث سيناء، إلى التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بعد انتهاء اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المُسلّحة، الذي تناولوا فيه ملابسات الحادث، وتوصلوا فيه إلى تورّط عناصر متطرفة خارجية في ارتكابه، وهو ما توصلت إليه التقارير التي أعدها جهاز المخابرات الحربية وجهاز المخابرات العامة، ورفعوها إلى السيسي، والتي تُشير إلى تورط عناصر خارجية دخلت البلاد من غزة عبر الحدود المصرية في ارتكاب الحادث.
وكشف نعيم أنَّ الهدف من ارتكاب الحادث سعى أجهزة مخابراتية إقليمية إلى إضعاف الروح المعنوية للجيش المصري وتوريطه في مشاكل وأزمات داخلية مع أبناء شعبه بإظهاره غير مكترث بالمحافظة على أمن البلاد القومي.
وربّط نعيم بين حادث سيناء الأخير وحادث مذبحة رفح الذي وقع في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي في العام 2012، وراح بسببه 16 جنديًا من القوات المُسلّحة، مؤكدًا أنَّ الفاعل في الجريمتين واحد، وهو تورّط عناصر خارجية في ارتكابهما، لهدف واحد يقع بالأساس لصالح تنظيم الإخوان الدولي، وإظهار القوات المُسلّحة المصرية في موقف ضعف وتخاذل، وهو ما استغلّته جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" بإقالة عدد من قيادات القوات المُسلّحة وعلى رأسهم وزير الدفاع الأسبق، المشير حسين طنطاوي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان.
وكشف نعيم أنَّ في بداية عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، أعد له المهندس خيرت الشاطر، قائمة تتضمن مجموعة من أسماء الجماعات المتطرِّفة، التي حبسها الرئيس الأسبق مبارك في السجون المصرية لشدة خطورتها على الأمن القومي المصري، ولاتهامها بتنفيذ عمليات ضد القوات المُسلّحة والشُرطة أثناء عهد الرئيس الراحل أنور السادات، أفرج عنها الرئيس المعزول على الرغم من التحذيرات الوراردة من قطاع مصلحة الأمن العام في وزارة الداخلية، بخطورة خروج تلك العناصر المتطرِّفة خارج السجون، ولم يُنصِت الرئيس المعزول مرسي لتعليمات الأجهزة الأمنية ولم يستجيب لتوصياتها، وأخرجهم ووطّنهم في سيناء.
وأثنى نعيم على الجهود التي تبذلها القوات المُسلّحة والشرطة في حربها ضد الجماعات المتطرِّفة، مؤكدًا أنَّ حادث سيناء الغادر لن يُثنِ مصر وشعبها في حربها ضد التطرُّف.
وأكد أنَّ استمرار حكم جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" للبلاد، كان بلا شك سيجعل "سيناء" وطنًا بديلاً للفلسطينين، وسيسيطر عليها قيادات حركة "حماس" مؤكدًا أنَّ الرئيس المعزول مرسي سعى إلى تنفيذ ذلك منذ يومه الأول في رئاسة الجمهورية، عندما أفرج عن المتطرِّفين وأعطى "الجنسية المصرية" لمئات من الفلسطينين، محذرًا من خطورة حمل عدد من المواطنين الفلسطينيين التابعين لـ"حماس" جنسية الدولة المصرية لما له تأثير كبير على الأمن القومي المصري في المستقبل، مُطالبًا الحكومة المصرية بإسقاط الجنسية المصرية عن كل فلسطيني حصل عليها في عهد المعزول.
وأشار نعيم إلى أنَّ الرئيس المعزول سعى خلال فترة حكمه إلى تحقيق مصالح الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل ومن بعدهما مصالح جماعته، ولم يحرز شيئًا لصالح القضية الفلسطينية كما ادعوا من قبل أنهم يسعون إلى تحرير القدس من الإسرائيلين، مشيرًا أنَّ جماعة الإخوان اتّخذت من الدين الإسلامي وسيلة لتحقيق مصالحها.
واتّهم نعيم حركة "حماس" الفلسطينية بالسعى والتحريض على استهداف الأمن القومي المصري للإضرار به تحقيقًا لمصالح حليفتها جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"، موضحًا أنَّ عناصر حركة "حماس" هي من استهدفت السجون ومراكز وأقسام الشرطة المصرية واستهدفت المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، مُستندًا في اتّهامه إلى التقرير الذي أعده جهاز المخابرات المصرية العامة برئاسة اللواء الراحل عمر سليمان، في شهادته أمام محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، التي جاء فيها اقتحام عناصر "حماس" الحدود المصرية وإطلاقهم النار على قوات الأمن المكلفة بتأمين الحدود، واستيلائهم على عربات الأمن التابعة لوزارة الداخلية.
كما أكد نعيم أنَّ المشهد السياسي في مصر خلال الفترة الراهنة، واضحة تمامًا؛ فالدولة في طريقها إلى تنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق، وأجهزتها من القوات المُسلّحة والشرطة والقضاء مُستعدة تمامًا للإشراف على الانتخابات البرلمانية، مهما حاول البعض أنَّ يضفي على المشهد الراهن قدر من الغموض واللبس لتحقيق أهداف ومصالح جماعة الإخوان "المحظورة "، فمصر منذ ثورة 30 حزيران مرّت بعدد من العقبات والأزمات، لكنها لم تقف حائلاً أمام إرادة الدولة وشعبها، ونجحنا في تنفيذ أهم مرحلتين من خارطة الطريق، التي أعلنت عنها القوات المُسلّحة في 3/7 /2014، وهما الإشراف على عملية الاستفتاء على الدستور المصري، وثانيًا إجراء الانتخابات الرئاسية.
واستبعد نعيم مطالب البعض ومساعي عدد من القوى والأحزاب السياسية بتأجيل الانتخابات البرلمانية، مبررة ذلك بضعف الحالة الأمنية للبلاد وما تشهده سيناء من حوادث مؤسفة من جانب العناصر المتطرِّفة، مؤكدًا أنَّ ذلك يصُب في المقام الأول لصالح جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"، فلا طلاب الجماعة ولا أعضائها نجحوا في عرقلة تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من خارطة الطريق ولن تنجح أيضًا مساعيهم في عرقلة تنفيذ المرحلة الأخيرة.
وطالب الأحزاب والقوى السياسية بالاستعداد جيدًا للانتخابات البرلمانية، وترك المصالح والخلافات الشخصية جانبًا، وإعلاء مصلحة البلاد خلال الفترة الحرجة التي تمر بها، وناشدهم بالنزول إلى المواطنين البسطاء في المحافظات والمراكز والقرى ومناقشتهم في المشاكل والأزمات التي يُعانون منها، والعمل على حلها ومعرفة أمالهم وتطلعاتهم بدلاً من تركهم فريسةً لصالح أحزاب الإسلام السياسي كحزب النور السلفي.
واعتبر نعيم الانتخابات البرلمانية القادمة من أهم الانتخابات البرلمانية؛ فهي التي ستحكم على مستقبل الرئيس السيسي خلال السنوات المُقبلة إما بالنجاح أو الفشل.
وكشف نعيم أنَّ هناك تحالفات ولقاءات سرية يعقدها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مع قيادي حزب النور وحزب مصر القوية وحزب التيار المصري، من أجل تدشين "تحالف انتخابي" سري للمنافسة على الانتخابات البرلمانية، موضحًا أنَّ الاحزاب الإسلامية يأتي لها تمويل ضخم من الخارج.
وأكد انّ التغيُّر الذي شهدته أخيرًا العلاقات "المصرية- الأميركية" تغيُّر تدريجي لكنه مؤقت، موضحًا أنَّ إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تتعامل مع مصر بترقب وحذر شديد، فهي بانتظار أيّة فرصة سانحة لها للضغط على القيادة المصرية من أجل عودة الإخوان المسلمين "المحظورة" مرة أخرى.
وأثنى نعيم على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة إلى أميركا، مُطالبًا الرئيس السيسي بعدم الاعتماد على أميركا كليًا والاتجاه إلى تأسيس علاقات مع الدول الكبرى الأخرى، مبررًا ذلك بأنَّ أميركا هدفها الرئيسي إسقاط الرئيس السيسي والبحث عن بديل آخر يحقق لها أهدافها التي قضى عليها الرئيس السيسي عندما انحاز للإرادة الشعبية المطالبة بإسقاط حكم الإخوان.
وتابع: "العلاقة بين أميركا والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان قائمة ومستمرة حتى بعد لقائها الرئيس عبدالفتاح السيسي"، موضحًا أنَّ العلاقة بين الإخوان وأميركا قائمة قبل قدوم الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما وتعود إلى العام 1990، عندما كانت السفارة الأميركية لدى القاهرة تفتح أبوابها من وقت لآخر لأعضاء جماعة الإخوان، الأمر الذي انتبه إليه الرئيس الأسبق حسني مبارك، عندما أوردت إليه الأجهزة الأمنية آنذاك تقارير تفيد تورط أعضاء الإخوان في أعمال مشروعة تهدف إلى قلب نظام الحكم لصالح أميركا، فحاكم عدد منهم العام 1993 لاتّهامها بالتخابر، وعلى إثرها تم صدور أحكام قضائية بحبس عدد كبير من قيادات جماعة الإخوان.
واتّهم نعيم الدعوة السلفية في مصر وحزب النور، بأنهما البديل والوجه الآخر لجماعة الإخوان، ويسعون إلى الوصول لحكم البلاد عبر دعم من الولايات المتحدة الأميركية، وطالب الحكومة المصرية بتشديد القيود والإجراءات على منظمات وجمعيات المجتمع المدني لتلقيها UL يصل إلى مليارات الدولارات من أجل إسقاط الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وطالب أيضًا مؤسسة الأزهر الشريف بالتصدي لمخاطر الجماعات والتنظيمات المتطرفة التي تُسيء إلى الدين الإسلامي وضرورة العمل على توضيح الصورة الحقيقية لدين الإسلام أما دول العالم، لكي يعرفوا أنَّ الدين الإسلامي يبرأ من الافعال والتصرفات التي يفعلها "داعش" في العراق وسورية.
وناشد الشيخ نبيل نعيم الرئيس عبدالفتاح السيسي بعدم الاتفات إلى مُخطّطات جماعة الإخوان، طالما أنَّ الشعب المصري يؤيده ويقف خلفه ويدعم قراراته وسياساته على الصعيد الأمني والسياسي والخارجي، مُحذرًا الرئيس من عدم الوفاء بوعده بالقصاص لأهالي الضحايا والمُصابين الذين قضوا إثر حادث سيناء المتطرف.