المسؤولة عن تجنيد الانتحاريات في العاصمة العراقية بغداد سميرة أحمد

تعتبر "الداعشية" المتعصبة حسناء آيت لحسن التي فجرت نفسها في الحاجز الأمني للشرطة في باريس أول أنثى تفجر نفسها في أوروبا، ولكنها ليست الأولى في العالم.

وخالف تنظيم "داعش" العرف بأن يكون الانتحاريون رجالًا واستخدموا النساء لتنفيذ مثل هذه الهجمات، وأحيانًا تكون هذه العمليات رغمًا عن منفذاتها.

وقبل صعود التطرف بفترة طويلة استخدمت الانتحاريات النساء من قبل جماعات انفصالية في العالم العربي وخارجه، فمن نيجيريا وتركيا إلى أفغانستان وروسيا، لعبت الجماعات المتطرفة المختلفة دورها في تجنيد النساء على مر الأعوام.

وأرسل زعيم "القاعدة" في العراق أبو مصعب الزرقاوي منذ عقد مضى، أربعة من أعضاء جماعته لتنفيذ التفجيرات في بلدته الأردن، والذين تحولوا لاحقًا للانضمام إلى "داعش".

ودخلت ساجدة الريشاوي وعريسها علي الشمري في 9 تشرين الثاني / نوفمبر من ذلك العام 2009 دخلت، إلى قاعة الدور الأرضي من فندق "راديسون ساس" في عمان أثناء تواجد المئات من المواطنين للاحتفال بحفل زفاف، وفجر الشمري حزامه الناسف وسط الجموع، بينما هربت الريشاوي.

وأعلن الزرقاوي بعدها مسؤوليته عن الهجوم وذكر المرأة المتورطة، مما دعا المسؤولين الأردنيين إلى اعتقال الريشاوي، وبعدها بعدة أيام ظهرت على التلفزيون الرسمي للأردن وفتحت معطفها الطويل ليظهر منه حزامين ناسفين بدائيين.

وأعدمت ساجدة الريشاوي مطلع هذا العام بعدما أحرق "داعش" الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي كان يقصفهم بطائرته الحربية في سورية في كانون الأول / ديسمبر.

ونفذت النساء الكرديات العديد من الهجمات الانتحارية في تركيا منذ 1980، مثلما فعلت العديد من النساء الأعضاء في الجماعات اليسارية في تصفياتهن ضد الحكومة.

ووقع آخر انفجار في 6 كانون الثاني / يناير، عندما أعلنت جماعة يسارية تركية مسؤوليتها عن تفجير انتحاري في مركز شرطة في اسطنبول والذي قتل فيه ضابط وأصيب آخر.

وأعلنت السلطات أن امرأة نفذت هذا الهجوم، حيث دخلت إلى المبنى الموجود في منطقة السلطان أحمد السياحية وفجرت نفسها.

وفي بيان نشره على الإنترنت، أكد الحزب اليساري الثوري التحرري مسؤوليته عن التفجير، واصفًا الحادثة بأنها "عمل من أعمال التضحية".

وكانت الانتحاريات النساء من الشيشان وشمال القوقاز أمرًا شائعًا حتى أنهن أصبحن يعرفن باسم "الأرامل السوداء" في روسيا، والعديد منهن كن زوجات للمقاتلين الإسلاميين أو ذوات صلة بالمقاتلين ممن قتلتهم القوات الحكومية أثناء جهودها الرامية إلى قمع الحركات الانفصالية، وكانت اثنين من هؤلاء الانتحاريات مسؤولات عن تفجير مترو موسكو في  2010، والتي قتل فيها 40 مواطنًا.

وفي نيجيريا تصاعدت سلسلة من العمليات الانتحارية التي تقع مسؤوليتها على مقاتلي جماعة "بوكو حرام" ونفذتها نساء وفتيات، وبعضهن كبيرات السن، وبعضهن لم يتجاوزن سن العاشرة.

وعلى عكس منفذات التفجيرات الانتحارية لصالح "داعش" في سورية والعراق، فهناك مخاوف من أن تكون العمليات الانتحارية في نيجيريا تتم بإجبار منفذاتها على ذلك أو ضد إرادتهن.

وصرّح خبير مفرقعات عسكرية لـ"الأسوشيتيد بريس"، بأن العديد من التفجيرات في هذه العمليات التفجيرية تكون تفجيرات عن بعد، مرجحًا بأن يكون المتمردون يحزمون هذه المتفجرات الضخمة للفتيات اللاتي يمسكوهن أسرى ليرسلوهن لموتهن.

واستخدم متمردو "نمور التاميل" في سريلانكا، العديد من الفتيات الانتحاريات كجزء من عملياتهم التي امتدت لأكثر من عقدين، وكانت تصفياتهم التفجيرية ضد أهداف عسكرية وسياسية واقتصادية تهدف إلى الحصول على دولة مستقلة للأقلية العرقية من التاميل، وفي 1991 فجرت امراة من تاميلية نفسها في جنوب الهند، وقتلت رئيس وزراء الهند راجيف غاندي.

وتعتبر النساء الانتحاريات أمرًا نادرًا في أفغانستان، وبالرغم من ذلك فإن مثل هذه الهجمات نفذتها امرأة كبيرة في مقاطعة كونار عام 2010.

ونشر "داعش" بفخر فيديوهات وصور للمقاتلين الذين نفذوا هجمات انتحارية، ولكنهم لم ينشروا أي صور للنساء صاحبات الهجمات الانتحارية، وتنشط المقاتلات النساء في التنظيم، ولهن لواء يعرف باسم "الخنساء".

وأوضح عمر البغدادي الذي كان زعيم "داعش" في العراق في 2010، بعد اجتماع لمجلس الشورى، أنه لا يجب أن تنفذ النساء الهجمات الانتحارية، وما زال الزعيم الحالي أبو بكر البغدادي ملتزمًا بالقواعد.

وذكرت بروفسور الاتصالات في جامعة جورجيا ومؤلفة "قنبلة" ميا بلووم: "النساء والتطرف يؤكد أنه بعد مناقشة لاهوتية، أخبر داعش النساء في أكتوبر أنه بإمكانهن تفجير أنفسهن إذا تمت مداهمة منازلهن، وأنه بإمكانهن فعل ذلك دون إذن من أحد".