الطفل باراك كوسماس المصاب بمرض البهاق

يذهب الطفل باراك كوسماس روسامبو البالغ من العمر 6 أعوام، والذي بترت يده بواسطة والده، إلى المدرسة للمرة الأولى بفضل الجمعيات الخيرية الأميركية والكندية، علمًا أنَّه ضمن مجموعة من خمسة أطفال من تنزانيا جلبوا إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج من مرض "البهاق" منذ بداية يونيو/ حزيران.

وأعربت ولية أمر الطفل عن سعادته البالغة في أول يوم دراسي، موضحة أنه متحمس ويخطط للدراسة حتى يصبح طبيبا يوما ما، ويعتبر "باراك" واحدًا من مئات الأطفال التنزانيين الذين يولدون كل عام بـمرض البهاق حيث تكاد تنعدم صبغة الميلانين الموجودة في الجسم.

ولدى الطفل شقيقتان تعانيان من نفس الحالة، ويعيش المرضى في البلاد الأفريقية في حالة خوف دائم من الهجوم، حيث تؤخذ أجزاء من جسد مرضى البهاق في إطار علاج الدجالين لمجموعة من الأمراض، ونتيجة لذلك يقتل أعداد كبيرة من المرضى سنويا ويشوه آخرون في إطار الهجمات المروعة التي تتركهم دون يدين أو ذراعين.

ويتعرض البعض الآخر من هؤلاء المرضى إلى الخطف ويستخدموا كمتبرعين أحياء، من قبل خاطفيهم والذين يأخذون أجزاء من أجسادهم لاستخدامها عند الطلب.

وأوضح تقرير الأمم المتحدة أن الخوف من التعرض للمطاردة فرض على العديد من المصابين بالبهاق العيش في مناطق محمية، ويتعين على الكثير منهم التعامل مع العزلة التي فرضتها عليهم أسرهم.

وذكرت ولية أمر الطالب Mulungi، أنها "مشكلة كبيرة في تنزانيا حيث يعتقد الكثير من الناس أن استخدام أجزاء من جسم شخص مصاب بالبهاق سوف تجلب لهم الحظ، ويقول السحرة إنها يمكن أن تجلب لك الثروة أو وظيفة راقية في الحكومة أو النجاح في الأعمال التجارية وأكثر من ذلك بكثير".

وتعرض الطفل "باراك" إلى قطع يده بالساطور بواسطة عصابة من 17 فردًا بقيادة والده كوسماس روسامبو وعمه بعد محاصرته، وأصيب الجزء السفلي من ساقه أيضا بسبب الهجوم عليه إلا أن الأطباء نجحوا في إنقاذها، ويباع الجزء المقطوع من هؤلاء المرضى في السوق المفتوح بحوالي 5 آلاف دولار في بلد يبلغ متوسط الأجور الهزلية حوالي 10 دولارات فقط في الأسبوع.

وعلى الرغم من إصابته المروعة يبدو الطفل "باراك" دائما مبتسما، وأوضحت السيدة Mulungi التي تعمل في مؤسسة خيرية كندية أن الطفل يسعى دائما للحب والحنان من الآخرين، وحضر "باراك" الذي يخضع منزله في مدينة دار السلام في تنزانيا إلى حراسة مشددة ضمن مجموعة من خمسة آخرين إلى الولايات المتحدة لتزويده بأطراف صناعية في يونيو/ حزيران.

وخضع الطفل للعلاج في مستشفى Shriners Childrens Hospital في فيلادلفيا مجانا قبل إحضاره إلى منزل النقاهة الذي يديره صندوق الإغاثة الطبية العالمية في جزيرة "ستاتن"، وحظي "باراك" برحلة إلى "تايمز سكوير" أثناء وجوده في الولايات المتحدة لمدة أربعة أشهر مع مشاهدة معالم نيويورك المختلفة.

واستمتع "باراك" برفقة أفضل أصدقائه Mwigulu Matonange (11عامًا) الذي يتلقى العلاج أيضا على الشاطئ، ولم يكن باراك يحظى بهذه النزهة في تنزانيا خوفا من الهجوم، وأشار إلى أن أفضل شيء حدث منذ أن جاء إلى الولايات المتحدة كان الرقص مع أصدقائه.

وأضاف: "الشيء الأكثر متعة الذي فعلته منذ وصولي إلى نيويورك هو الرقص، أنا أحب الرقص وتحسن أدائي كثيرا منذ جئت إلى هنا"، ولفت إلى أن أغنيته المفضلة تدعى "Nana" بواسطة المغنية التنزانية الشهيرة Diamond Platnumz، مشيرا إلى أنه يحب الموسيقى المرتبطة بوطنه والتي تسمى Bongo Flavas.

وأضافت السيدة Mulungi: "تعاطف الأميركيون العاديون معي ومع باراك، لقد تلقينا دعوات كثيرة منهم لحضور حفلات شواء والسباحة وقضاء وقت لطيف في منازلهم، وحضر الناس لزيارتنا في منزلنا في جزيرة ستاتن وأحضروا لنا الهدايا، واصطحبونا إلى الشاطئ للعشاء".

وتمكن باراك وصديقه Mwigulu من حضور بعض الدروس وهو الشيء الذي لم يتمكن من فعله من قبل، ولا يزال أمام باراك العديد لتعلمه إلا أنه يعمل بجد واجتهاد معربا عن أمله في أن يصبح طبيبا.

ويعاني Mwigulu أيضا من فقد ذراعه بواسطة اثنين من الرجال الذين هاجموه عند التلال القريبة من قريته، وعلق Mwigulu على الواقعة " لقد شاهدتهم وهو يلفون ذراعي بملابس متسخة واختفوا في الأدغال"، وعندما سمع والده صرخاته توجه به إلى الطبيب للمساعدة، إلا أن العديد من هؤلاء المرضى ليسوا محظوظين.

وينبغي على أولئك الذين يبقون على قيد الحياة خوض صراع طويل مع الأطراف الصناعية التي يصعب الحصول عليها في تنزانيا ولذلك يتم جلب الأطفال لتلقي العلاج في الولايات المتحدة، وأعرب الطفل "باراك" عن سعادته الغامرة بعد حصوله على يد صناعية وشعوره بالحرية.

وأضافت السيدة Mulungi " لقد تغيرت حياته كثيرا، ويمكنه الآن استعمال المراحيض الأميركية وترك المكان نظيفا، كما أصبح يستخدم فرشاة الأسنان بنفسه ويريد أن يستحم بنفسه أيضا ولكنى لم أسمح له حتى الآن، وما زلت أقوم بذلك بنفسي".

ومن المقرر أن يعود باراك بيده الجديدة الشهر المقبل إلى تنزانيا حيث أوضح أنه يفتقد والدته، إلا أن الطفل أعرب عن غضبه ممن هاجموه وكشف عن رغبته في ألا يعود إلى قريته حيث هوجم سابقا، وأشارت السيدة Mulungi أن باراك حريص على رؤية والدته وأخوته كما أنه لديه الكثير ليتطلع إليه في المستقبل، مضيفة " إنه سعيد للغاية ويبتسم دائما بعد حصوله على اليد الجديدة".