طهران - مهدي موسوي
وقف الشاب علي البالغ من العمر 39 عامًا، متكئا على دراجته النارية القديمة في يوم صيفي شديد الحرارة على الجانب الأخر من حي "خاني آباد" بالقرب من البازار الكبير في إيران، وحانت الانتخابات الرئاسية لعام 2013 بعد إطلاق سراحه من السجن بعد أربعة أعوام بتهمة السرقة، واقترح الأخ الأكبر لعلي التصويت لصالح حسن روحاني باعتباره رجل قوي خصوصا في حالة الفوضى التي تعاني منها البلاد.
أوضح علي "خرجت من السجن منذ شهرين فقط، وقد أثّر السجن عليّ سلبا، ويقول أخي أن روحاني يمكنه توفير المزيد من فرص العمل، لذلك سأصوت لصالحه وأشجع أصدقائي على التصويت لصالحه"، ويصادف شهر آب/أغسطس نهاية العام الثاني لروحاني كرئيس للبلاد، لكن علي أوضح أن أحلامه لم تؤت ثمارها حتى الآن.
وأضاف "قبل عامين كنا نجلس هنا حول دراجتي النارية وندخن السجائر، وها نحن نفعل نفس الشيء حاليا، قبل أن ينتهي بي الحال إلى السرقة، كنت أعمل ميكانيكيًا للسيارات، وأقوم ببعض الأشياء الكهربائية الأساسية مثل إصلاح مكيفات الهواء والمراوح، ولكني الآن أتجول في جميع أنحاء المدينة أبحث عن العمل ولا أجد أي وظيفة، لم يعد الحرفيين يطلبون متدربين لأنهم غير قادرين على دفع أجور لهم، أخبرنا السيد روحاني بأنه سيعطينا فرص عمل لكنه تركنا بلا شيء".
وأصبح علي مدمنا على المواد المخدرة في السجن، ولكن في فصل الشتاء عام 2013 ترك هذه العادة، وأوضح "تخلصت من الإدمان لمدة عامين بالتزامن مع فترة رئاسة روحاني، وبالفعل حصلت على مجموعات للدعم، إلا أن الآخرين ممن أقلعوا عن الإدمان ما زالوا عاطلين عن العمل، وهذه أسرع طريقة للعودة إلى الإدمان مرة أخرى، في رأيي أن روحاني يشعر بالشعب لكن القادة لا يسمحون له بالقيام بأي شيء".
وبيّن علي "أعتقد أنه يجب إنشاء مصانع للنسيج في المناطق الفقيرة، هناك آلاف مثلى على استعداد للعمل من الفجر حتى العاشرة ليلا طالما أنهم يكسبون أموالًا جيدة"، ويعيش علي مع والدته في منزل مستأجر مساحته 60 قدمًا مربعًا.
وأفاد "شعرت والدتي بسعادة غامرة عندما خرجت من السجن وكانت تشعر بالوحدة دوني، وعندما أقلعت عن الإدمان وعدتها أن أستأجر لها منزلًا جيدًا، أو أشتري لها منزلا إذا استطعت الحصول على قرض، ولكن من يمنح القروض، وكيف يحصل الناس على المال".
وتابع "ارتفاع الأسعار مستمر خلال العامين، لا أستطيع شراء الفاكهة أو اللحم لأمي أو اصطحابها إلى السينما مرة واحدة على الأقل، كنت أعمل لمدة ستة أشهر في مصنع للعصير في طريق كرج، لكنهم لم يدفعون راتبي لمدة ثلاثة أشهر، وقالوا أنهم لديهم الكثير من العمال وطلبوا مني ترك العمل، لماذا لا تفعل وزارة العمل شيئا حيال هذا؟ ألم يأتي روحاني إلى السلطة لهذا السبب تحديدا؟ ألست مسلما؟ أي نوع من الحكم الإسلامي هذا".
وعلّق على المفاوضات النووية "حمدا لله أنهم توصلوا إلى اتفاق، لقد بذل روحاني جهدا كبيرا لتحقيق هذا، وعندما تفرض عليك العقوبات فالاقتصاد ببساطة لا يتحرك ولكن الآن بدأ الاقتصاد في التدفق مرة أخرى، ويجب عليه أن يترك جميع الناس تنتفع من هذا التدفق وألا يترك الثورة تذهب في جيوب الأغنياء فقط".
وكشف علي عن أمله في المستقبل، لكنه أيضا يخشى البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة ، مضيفا "سوء الوضع يجعلني أشتاق للسجن أحيانا، على الأقل هناك المزيد من الطعام، كل شيء أصبح محبطًا، وإذا لم يتحرك روحاني لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح ربما أعود إلى الجريمة "، وفي حين تقتصر شكوى علي من روحاني على توفير الوظائف كانت لدى السيدة مرجان (40 عامًا) التي تعيش في حي الأثرياء شمال طهران اهتمامات أخرى.
وأوضحت السيدة مرجان "كنت في حالة حرب مع الشرطة بسبب حجابي منذ أن كان عمري 16 عامًا، لقد صوتت لصالح السيد روحاني حتى يقوم بتحسين الاقتصاد وإبعاد الحمقى من الشوارع، ولكن فقط في هذا العام تم اختطافي في سيارة فان ثلاث مرات"، وتعني السيدة أن سيارات الفان التابعة للشرطة تقتاد النساء بشكل عنيف على طول الطرق الرئيسية في وسط وشمال طهران بسبب انتهاك قواعد الملبس إلى مراكز الشرطة، وعادة ما يتم تغريمهن ومعالجة الأمر.
وتابعت "ألم يقل روحاني أنه يرغب في إعادة سيادة القانون؟ عليه أن يفعل شيئا حيال هذا الأمر، أنا أحب روحاني لأنه استطاع تأمين الاتفاق النووي، ولكن الاقتصاد والأمن القومي ليس كل شيء، أنا امرأة متعلمة ولي حقوق ويفترض على الرئيس أن يدافع عن هذه الحقوق، يجب عليه منع الشرطة والباسيج من إلزام الناس بفعل كل ما يريدونه في الشارع، ليس فرضا عليه أن يدفعنا نحو السماء ولكنه أيضا يجب عليه آلا يتركنا في هذا الجحيم".
ويملك المواطن عباس (42 عامًا) الذي يدير منفذ بيع "سامسونغ" وجهة نظر أخرى، حيث يرى أن الأمور تتحسن بعد أن فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على إيران في عام 2012، وأضاف عباس "كنت على وشك الإفلاس، لقد كانت الفترة بين عامي 2012 إلى 2014 سيئة حقا، حيث وضعت البضائع في الجمارك ودفعت كافة الرشاوى للإفراج عنها، فضلا عن تغير قيمة الدولار صعودا وهبوطا يوميا، ولذلك توقع الناس تقلب العملة وبالتالي قل معدل شرائهم، لقد مر علي أشهرًا بعت فيها فقط ثلاثة تليفزيونات".
وزاد "حتى لو لم يفعل روحاني أي شيء أخر، فيمثل استقرار العملة نهضة اقتصادية للإيرانيين، والآن أصبح هناك بعض مظاهر النظام في السوق، والناس يعودون ببطء لحياتهم الطبيعية، أصبحت أتعامل مع الزبائن يوميا، لقد هدأ الناس في النهاية وأصبحوا قادرين على التنفس، روحاني هو الرئيس الذي التزم بكلمته، وبمجرد وصول التمويلات في أعقاب الاتفاق النووي سيبدأ سعر الدولار في الهبوط وستعود حركة السوق مرة أخرى، أنا متفائل بالعامين الماضيين في عهد روحاني، وعلى استعداد أن أمنحه صوتي لجولة ثانية".
ويجلس محمد رضا (79 عامًا) على المقعد مع اثنين من زملائه في "لاله بارك" وسط طهران، ويأتي محمد إلى "لاله بارك" منذ سبعة أعوام ليقضي أوقات تقاعده مع بعض الناس الجيدين، وعلق محمد على الشأن السياسي "رأيت الانقلاب الممثل في الإطاحة بمحمد مصدق كرئيسا للوزراء عام 1979 ، وشاهدت أيضا الثورة عام 1979، وعاصرت الحرب مع العراق في الفترة من 1980 حتى 1988، وتكمن نقطة الضعف الرئيسية في إيران في أننا نتوقع الكثير من قادتنا، وأنا لا أقصد أنه يجب علينا آلا نتوقع شيئا من الحكومة، ولكن لا ينبغي أن نتوقع منهم أكثر من اللازم، فالناس يحتاجون إلى تحمل المسؤولية أيضا".
وأضاف رضا "يخرج الإيرانيون للتصويت كل أربعة أعوام لمدة 35 عامًا، ثم يذهبون إلى منازلهم ويجلسون وينتظرون، هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور، وبدلا من الانتظار يجب عليهم مواصلة المناقشات والعمل وعقد الاجتماعات، كلنا نسأن عما فعله روحاني، ولكن هل فعلنا نحن شيء؟، وهنا يمكنني الاستشهاد بكلمة المخرج علي حاتمي عندما قال: أنا لا أعبر فقط عن أمنياتي ولكن يجب علي التحرك لجعلها حقيقة واقعة، يجب على الناس أن يكونوا هكذا في مجال السياسة".
وأكمل "يذهب الأجانب إلى مختلف الساحات ويقدمون مطالبهم للدولة ويحاربون من أجلها، إنهم لا يجلسون في المنزل ويقولون سيدي الرئيس عليك إصلاح كل شيء، إنهم يحتجون ويشاركون في الأمر بشكل مباشر، ويوفر لهم الرئيس الحماية القانونية، وفى رأيي إن سؤال ماذا فعل روحاني هو سؤال مريح للغاية، أما السؤال الأفضل هو ماذا فعلنا نحن؟"