مهنة الساعاتي

تواجه مهنة الساعاتي في قطاع غزة خطر الاندثار بعد تراجع الإقبال على شرائها لاسيما مع التطور التكنولوجي ولجوء الكثير من الناس للهواتف المتنقلة لمعرفة التوقيت.

وأصبح من النادر جدًا وجود محال بيع الساعات وصيانتها، وكثير من المحال التجارية المختصة ببيع الساعات أغلقت أبوابها، وتحولت إلى محال لبيع سلع أخرى مثل الإكسسوارات أو لوازم الهواتف الذكية والأغراض النسائية، تجاوبًا مع التغير المجتمعي الحاصل عن طريق تطور التقنيات التكنولوجية.

الساعاتي خالد الوحيدي (56) عامًا، يعمل في مهنة بيع وتصليح الساعات بالقرب من سوق الذهب في مدينة غزة منذ عشرين عامًا؛ كشف أنَّ تصليح وبيع الساعات أخذ يقل بشكل ملفت منذ سبع سنوات تقريبًا.

وأكد الوحيدي لـ"فلسطين اليوم" أنَّ مهنة الساعات شبه انقرضت، لقلة رغبة الناس في اقتناء ساعات اليد وانتشار الساعات التقليدية والتجارية التي لا تمكث مع الزبون إلا عدة أسابيع فقط بالإضافة لانتشار الهواتف الذكية.

وأوضح أنَّ هذه المهنة كانت جيدة جدًا، إذ أنَّ الناس كانت تقوم بتصليح ساعاتها بصورة مستمرة، وكان لا يتوقف عن العمل، منوهًا إلى أن وقته كان يحسب بالدقيقة.

وبيَّن الوحيدي أنَّه فكر كثيرًا في إغلاق محله لأن لم يعُد له مردود مادي ولكن بسبب تقدمه في السن وأنه لا يعرف مهنة أخرى اضطر إلى أن يبقى في محله.

وأكد صاحب أحد محال الساعات المغلقة منذ عام تقريبًا محمد أبو زبيدة (38) عامًا، أنَّه اضطر إلى تحويل محله الذي كان لبيع وتصليح الساعات، إلى محل إكسسوارات وشالات للنساء، بسبب قلة الزبائن والباحثين عن إصلاح ساعاتهم.

وتابع  "ورثت مهنة تصليح الساعات عن والدي، ومنذ نحو عشر سنوات بدأت المهنة تواجه طريقها للاندثار، وفي آخر خمس سنوات لم تعد تجدي نفعًا وباتت لا تعود لي بأي فائدة، لأن الناس انصرفوا عن تصليح الساعات وشراءها بسبب وجود الجوالات الحديثة لديهم".

وأشار أبو زبيدة إلى أنَّه بعض الأحيان لا يمر على المحل سوى مواطن أو اثنين في الأسبوع كله إما لتركيب عامود جديد للساعة أو لتغيير بطارية، لافتًا إلى أنَّ مهنة تصليح الساعات باتت أصبحت تعود عليه بالخسارة لاسيما أنَّه يدفع إيجار المحل.

وأوضح أنَّه اضطر لتحويل محل تصليح وبيع الساعات إلى محل لبيع الإكسسوارات وشالات وعطور بالإضافة لبعض أنواع الساعات التجارية الرخيصة حتى يستطيع تأمين لقمة عيشه ودفع إيجار محله.

ولفت أبو زبيدة لوجود بعض المحلات وهي قليلة جدًا لبيع وتصليح الساعات لا تزال تعمل، إذ استطاعت أن تواجه خطر التطور التكنولوجي من خلال استيراد ساعات قيمة من الخارج، وكسب الزبائن الذين يعتبرون الساعة زينة حائط أو يدوية أكثر منها لمعرفة الوقت.

واتفق الوحيدي وأبو زبيدة على أنَّهما لم يقوما بتعليم أبنائهم هذه المهنة لأنها لم تعد تنفع وليس لها مستقبل في غزة.

وأوضح الحاج جبريل ريان أنَّه يمتلك ساعة قديمة نوعها rolex يقتنيها منذ سنوات طويلة، وفي حالة عطلها يذهب إلى أحد محلات تصليح الساعات القديمة الموجودة في سوق الزاوية.

ولفت ريان إلى أنَّ محلات تصليح الساعات أصبحت قليلة بشكل كبير، منوهًا إلى أنَّ الناس في الماضي كانت تهتم باقتناء الساعات ولكن في الوقت الحالي الجوال ألغى عمل الساعة.

ومن جانبه؛ أكد الأخصائي الاجتماعي درداح الشاعر، أنَّ مهنة الساعاتي لم تنقرض بشكل كامل، ولكن الساعة من حيث الوظيفة يمكن أن نحصل عليها من خلال الهاتف المحمول والكمبيوتر, أو وسائل الاتصال الحديثة.

وأشار الشاعر إلى أنَّ التطور التكنولوجي أضر بمهنة الساعاتي كثيرًا في قطاع غزة، لافتًا لتضاءل وجود مصلحي الساعات على الرغم من كثرتهم سابقًا وباتوا يبحثون عن أعمال ومهن أخرى.

وأكد الشاعر أنَّ التطور التكنولوجي والمجتمعي جعل الساعة مجرد ديكور فقط، إذ أنَّ كثيرًا من الشباب يلبس الساعة أحيانًا وهي لا تعمل أصلًا، فهو يلبسها لمنظرها الجميل أو لونها الذي يناسب ملابسه.