دمشق - جورج الشامي
غداة تنفيذ اتفاق حمص بين المعارضة السورية والقوات الحكومية وخروج المقاتلين السوريين والاسلاميين من الاحياء الداخلية وتسليمها الى الجيش النظام، شرع أهالي المدينة بالعودة الى منازلهم التي كانوا هجروها منذ سنتين تقريباً ليجدوا معظمها مدمرا ومخرَّبا من القصف والمعارك العنيفة التي شهدتها "مدينة الثورة" كما يطلق عليها.
ومع بدء عودة الاهالي، واكب الاعلام العربي والاجنبي المسوح له فقط، مسيرة هذه العودة ومشاهدات العائدين وتعليقاتهم.
إحدى هؤلاء المواطنة السورية وفاء الطرشي كانت غادرت منزلها في أحياء حمص القديمة العام 2012 بعد اندلاع معارك بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، معتقدة ان ابتعادها عنه لن يطول. وبعد مرور عامين، ها هي تأمل في العودة اليه مع مغادرة المقاتلين لهذه الاحياء.
والطرشي واحدة من آلاف النازحين من حمص القديمة، الذين باتوا يقيمون في بلدة الفيروزة المسيحية المحاطة باراض زراعية والواقعة على مسافة ثمانية كلم الى الجنوب الشرقي من حمص.
تقول الطرشي (40 سنة) وهي محاطة ببناتها الثلاث وابنها "كنت اقيم في منزل اعده قصرا، لكنني الآن اقيم في غرفة واحدة مع عائلتي".
وكانت الطرشي تقطن في حي الحميدية ذات الغالبية المسيحية.
تضيف هذه السيدة التي ترتدي الاسود "لا اتوقع ان اجد المنزل سالما. نحن نتابع الاخبار ونرى ان لا منزل صالحا للسكن، ولكن نأمل ان نعود ونعيد اعماره".
ونزحت الطرشي مع عائلتها من حمص القديمة بعد بدء المعارك فيها مطلع العام 2012. وتقول "عند دخول المسلحين توقعنا ان الامر سيستمر يومين... مرت شهور، وها نحن على هذه الحال منذ سنتين ونصف".
وتشرح "لم نأخذ معنا شيئا، واضطررنا الى الخروج تحت الرصاص... الآن يتم الحديث عن اتفاقية، ونأمل منها في العودة الى منازلنا".
وفي الفيروزة ذات المنازل الصغيرة التي غالبا ما لا تتجاوز الطبقة الواحدة، سعى النازحون الى تأسيس حياة جديدة، وان بصعوبة بالغة.
ويقول عهد الشامي (50 سنة)، زوج وفاء، انه ورث في حي الحميدية، متجرا ذائع الصيت.
اما في الفيروزة، فقد استأجر "مخزنا (محل سمانة) لاتمكن من اعالة عائلتي" المؤلفة من اربعة اطفال، اضافة الى والدته وشقيقه المعوق.
ويبيع الشامي في متجره الصغير، مواد تموينية وغذائية ومشروبات كحولية.
ويقول هذا الرجل الذي بدت عليه معالم الانهاك وهو يشيح بنظره نحو البعيد "نتمنى الخير لنا ولغيرنا".
اما سميح (50 سنة) الذي عمل في مجال المقاولات قبل اندلاع النزاع السوري، فبات حاليا صاحب متجر للالبسة والاحذية في الفيروزة، بعدما بقي سبعة اشهر بلا عمل.
ويبدي هذا الرجل، وهو اب لاربعة اولاد، سعادته بالاتفاق في حمص، وان كان واثقا ان منزله في المدينة القديمة تعرض للدمار.
ويقول "من الحكمة انجاز هذه المصالحة. نتاجها ستنعكس ليس على حمص فقط، بل على كل البلاد".
اما بشرى (تسعة اعوام)، فلا تخفي فرحتها باحتمال العودة الى منزلها في حي باب السباع.
وتقول وهي تلعب مع شقيقاتها "تركنا منازلنا وتركنا فيها كل شيء... ملابسنا، صورنا، كتبنا".
تضيف بأمل "يتحدثون عن اتفاقية... وسنعود الى منازلنا ورؤية اغراضنا... سأعود للقفز واللعب مع صديقاتي".
ويبدو أمل العودة واضحا على محيا ابو سالم (50 عاما) الذي يعمل حاليا سائق اجرة. ويقول "نحن متفائلون، والجميع يتحدث عن الموضوع".
يضيف "الامور تحتاج الى بعض الوقت حتى يعود الناس الى منازلهم واصلاح ما يجب اصلاحه، لكن هذه بداية جميلة جدا".