أبوغا ـ عادل جابر
ازدادت تجارة رقيق الجنس في القرن الـ 21، بشكل ملحوظ، لا سيما بعد أن بدأت عصابات التهريب النيجيرية في استغلال قوى آلهة الرقيق القديمة "أيلالا"، التي استُخدمت منذ مئات السنين بواسطة كهنة الفودو لتحصيل الديون والنزاعات على الأراضي وحتى الخيانة الزوجية.
وبدأت عصابات التهريب بجلب آلاف الشباب النيجيري إلى أوروبا سنويًا مع استدراجهم بوعود للحصول على فرص عمل في المحلات التجارية وصالونات الحلاقة، ثم إجبارهم على ممارسة البغاء عند الوصول، ولضمان عدم هروبهم يتم إجبارهم على أداء اليمين للآلهة "أيلالا" قبل خروجهم من نيجريا، وغالبًا ما يجبرون على تقديم قصاصات من شعر "العانة" كقربان، ويجبر الخوف من كهنة الفودو الضحايا على تفضيل العبودية الجنسية بدلًا من العصيان.
وتتبعت جريدة "ديلي ميل"، تحالف "تجارة رقيق الجنس مع السحر الأسود" من خلال السفر إلى مدينة بنين الفقيرة جنوب نيجيريا والتي لا تزال موطنًا لتبجيل كهنة الفودو على نطاق واسع، وكان غرب أفريقيا يومًا ما سوقًا رئيسيًا للرقيق عبر الأطلسي وحتى اليوم، وامتدادًا لهذا الدور أصبحت مدينة بنين محور رئيسي لتهريب المومسات الأفريقيات إلى شوارع لندن وروما وباريس، وتعتقد الجمعيات الخيرية المحلية لمكافحة الإتجار بالبشر أنه سيتم التواصل مع النساء الشابات في مرحلة ما من قبل المهربين، وفي حين ينتهي الحال بمعظمهم في إيطاليا، نظرًا لقربها من طرق التهريب في البحر الأبيض المتوسط إلا أن المئات يجدون طريقهم سنويًا إلى بريطانيا التي تعدّ أكبر وطن في أوروبا للشتات النيجيري.
ورصد الكاهن الأعلى السيد "أوجدوما" في معبده في مدينة بنين الأسبوع الماضي، وهو يقيم طقوس الولاء على ربة منزل اشتبه زوجها في وقوعها في علاقة غرامية، وعلى الرغم من التهديدات المروعة التي أصدرها أوجدوما إلا أنه أصر على أن الإيمان بالآلهة "أيلالا" لا يستخدم أبدًا لأغراض شريرة، إلا أن السيدة أوساس أوماغومي "27 عامًا"، كشفت أنه تم استدراجها إلى إيطاليا من قبّل سيدة في مدينة بنين، والتي دفعت إلى أحد مهربي البشر 1000 يورو لاصطحابها عبر الصحراء والبحر الأبيض المتوسط، وقبل السفر أخذتها السيدة إلى ضريح مقدس لـ "شانغو" أحد كهنة الفودو.
وأضافت أوساس "أخذت قبل السفر إلى ضريح مع 3 نساء أخريات، وجعلنا المهرّب نقدم قصاصات من شعرنا وأظافرنا ووضعناها على قمة الضريح وركعنا أمامه، وجعلونا نشرب كأس من الكحول المُسّكر وتم فرك مسحوق أبيض في وجوهنا حتى لا يحدث شيء سيء لنا قبل الذهاب إلى إيطاليا، ثم أقسمنا أمام شانغو، وأخبرنا أنه إذا لم نعيد الأموال التي ندين بها إلى السيدة سيأتي شانغو ويقتلنا بواسطة المرض".
وسافرت أوساس عبر الصحراء إلى ليبيا ثم بالقوارب إلى صقلية حيث أمضت شهرًا في مخيم للاجئين قبل أن يقوم بتهريبها أتباع عصابة الإتجار، خارج البلاد وتم أخذها شمالًا إلى مدينة سان تورينو، ووعدتها السيد بوظيفة لها في متجر لكنها بدلًا من ذلك سلمتها ملابس شفافة لارتداها وأمرتها بالعمل في بيوت الدعارة، وأضافت أوساس "عندما وصلت إلى تورينو طلبوا مني شراء كريم ليصبح شكلي جيد وجعلوني أرتدي تنورة قصيرة، وأخذوني إلى ما يشبه الفندق ورأيت نساء أخريات يرتدون ملابس كاشفة حينها أدركت أنني هنا لممارسة الدعارة، واضطررت لممارسة الجنس مع رجل مرتين وشعرت بالسوء للغاية فهربت، كنت أخشى من عقاب الشانغو لكني التقيت قس محلي طمأنني وجلب لي منزلًا".
وكشفت جوان النيجيرية التي تم تهريبها في عمر 17 عامًا وتم ترحيلها من إيطاليا في عمر 22 عامًا، عن الطقوس التي حدثت لها على يد أحد كهنة الفودو، مضيفة "قطع شعري وشعرًا من الأجزاء الخاصة وأنفي ثم التقط لي صورة"، وذكرت امرأة أخرى مجهولة استغلتها عصابات التهريب "عندما وصلت إلى أوروبا أجبرتني السيدة على ممارسة الدعارة وكان علي أن أعمل حتى أرد لها أموالها"، وزعمت الوكالة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر (NAPTIP) استغلال اسم "أيلالا" للاتجار بالجنس في مدينة بنين، ويعدّ شانغو واحدًا من مئات الآلهة في مدينة بنين التي تعتبر موطن أضرحة الفودو التي توجد داخل معابد مؤقتة، واستخدمت هذه الأضريحة تقليديًا لأغراض حميدة مثلا الشفاء وحل النزاعات المحلية ولكن نظرًا لسمعتهم المعروفة تم استغلال أسمائهم من قبل المهربين للسيطرة على الناس.
وظهر تأثير الفودو في حالات إتجار بالبشر عدّة أُعلن عنها في بريطانيا بما في ذلك حالة فتاة من بنين انتهى بها الأمر في بيت دعارة في برمنغهام عام 2013، وقبل تهريبها كانت تستحم في دم الماعز، وتم تحذيرها أنها إذا تحدثت عن هذه الطقوس ستضربها الصاعقة أينما كانت، وفي قضية أخرى في كاردييف عام 2014 حكم على ليزي ايداهوسا بالسجن 8 أعوام بعد إدانتها بتشغيل عصابة دعارة حيث تأكل النساء النيجريات القواقع والثعابين في طقوس ما قبل الإتجار بهم، وفي حين لا يوجد إله واحد يسيطر على عمليات التهريب إلا أن سكان بنين المحليين والوكالة الوطنية لمكافحة الإتجار ذكروا "أيلالا" التي يخاف منها الأتباع بشكل خاص.
ويكتسي الجدار بصور لضحايا غضب الآلهة أيلالا فضلًا عن الاحتفاظ بالماعز والدجاج خارج المعبد للتضحية بها في غرفة الذبح في الجزء الخلفي من عرش الكاهن حيث تُمنع الحائض من الدخول، وفي ظل ذلك الخوف تكفي رؤية قبعة أيلالا أو عبائتها فقط لتخويف الناس، ويقول أحد سكان مدينة بنين "استلقت سيدة في منتصف الطريق وعليها قبعة أيلالا وكان من الطبيعي أن تدهسها السيارات إلا أن جميع السيارات اختارت الابتعاد عنها"، ومنذ 10 أعوام عندما تم نهب السوق المحلية بعد إشعال النيران فيها، أصدر أحد كهنة أيلالا مرسوم بأن من سرق البضائع عليه إعادتها وبين عشية وضحاها عادت العديد من العناصر المفقودة.
ويزعم السيد أوجدوما بأنه شفى امرأة نيجيرية جاءت من لندن مريضة، ومن الغريب أن من يتعهدون بالولاء أمامه يجب أن يحضرون زجاجة من الخمور القوية لتناولها، وعند سؤال السيد أوجدوما عن دور أيلالا في عمليات الاتجار بالبشر أجاب "بعض الناس تأتي وتطلب مني ذلك لكني أرفض، فهناك الكثيرون يضرون بسمعة "أيلالا" ولكن لا شيء بمقدوري فعله".
وتدير الشقيقة بيبيانيا أيميناها مكان كاثوليكي لرعاية النساء اللاتي تعرضن للمتاجرة وعادوا إلى مدينة بنين، مشيرة إلى أن الكثير من النساء اللاتي ذهبن إلى أوروبا يعرفون أنهم سيتورطون في الدعارة إلا أن طقوس الفودو لا تزال تستخدم للتأكد من أنهم سيسددون ديون الإتجار، فالمهرب الذي يدفع ألف يورو لتهريب سيدة إلى أوروبا يتوقع الحصول على 30 ألف يورو في السداد، مضيفة "والنساء تخاف على عائلتهم وأصدقائهم أيضا، ويعتقدون أنهم سيتعرضون للعقاب إذا عصوا ما أقسموا عليه، وهنا يخبرك المسنون أن الدعارة تعد رجس في ثقافتهم ولكن معظم العائلات فقيرة ولا يكسبون ما يكفي من المال ويناضلون من أجل إرسال فتياتهم للعمل في الخارج".
ودعت تريزا ماي رئيس الوزراء البريطانية في القمة السنوية للأمم المتحدة الشهر الماضي في نيويورك إلى بذل مزيد من الجهود لمحاربة العبودية الجنسية، وأعلنت عن 35 مليون أسترليني من ميزانية المساعدات البريطانية للإنفاق على التصدي لهذه التجارة مع تخصيص 5 مليون أسترليني لنيجيريا، وأشارت وكالة الجريمة الوطنية إلى أن 244 من أصل 2340 من ضحايا الاتجار في 2014 كانوا من نيجريا، بزيادة مقدارها 31% عن العام السابق، إلا أن كيفين هايلاند الرئيس السابق لوحدة الاتجار بالبشر في شرطة العاصمة أوضح أن الأرقام الواقعية ربما تكون أعلى بكثير، مضيفًا "للأسف هناك تقبل ثقافي في أماكن مثل مدينة بنين وولاية ايدو لتهريب الإبنة إلى أوروبا لكسب المال، ونعتقد أنه يتم تهريب الف امرأة للاتجار بهم إلى بريطانيا سنويا، وينتهي الحال بهم إما في الدعارة أو أعمال السخرة، وترجع هذه الزيادة إلى الافلات من العقاب، ويجب أن ندرك أن ما يحدث في نيجيريا له تأثير على بريطانيا".