استعادة السيطرة على المدينة التي استولى عليها تنظيم "داعش".

قمت بمرافقة القوة العراقية الخاصة بمكافحة الارهاب وغيرها من وحدات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية في الفلوجة في نهاية حزيران/يونيو خلال الأيام الأخيرة من معركة طويلة من أجل استعادة السيطرة على المدينة التي استولى عليها تنظيم "داعش".

كانت الفلوجة أول مدينة عراقية تقع تحت سيطرة التنظيم، منذ أكثر من عامين، وكان للجماعة المسلحة كل هذا الوقت لمعرفة كل شيء عن المدينة ونصب الافخاخ في كل مكان. إلا أنه بعد حصار طويل انتقلت القوات العراقية إلى اتخاذ مراكزها في المدينة.

في المراحل الأخيرة من المعركة، كان أفراد قوة مكافحة الإرهاب، وذلك بالتنسيق مع وحدات عراقية أخرى، قد شقوا طريقهم إلى حي الجولان في الفلوجة، حيث مقاتلي تنظيم "داعش" يحاربون معركتهم الاخيرة. اثناء انتقالنا الى شوارع مقصوفة، اندلعت اشتباكات مسلحة وانفجرت قذائف الهاون بين الأزقة الضيقة في محاولة أخيرة لوقف تقدم قوات الامن العراقية.

كانت المدينة محاصرة لعدة أشهر. تقريبا تركها جميع المدنيين، إما بسبب وحشية حكامها في الأيام الأولى أو بسبب القتال خصوصاً مع تقدم القوات العراقية.

الجيش العراقي والقوات الخاصة والشرطة الاتحادية يعتمدون على المدفعية الثقيلة والدعم الجوي من الطائرات الأمريكية.

تم ترك جثة متفحمة لمقاتل في تنظيم "داعش" على جانب الطريق الذي تقدمت منه القوات العراقية لجنوب المدينة حين بدأ الهجوم. عاقب قائد للشرطة اثنين من رجال الميليشيات الشيعية بسبب التقاطهم صوراً باستخدام هواتف محمولة وهم يدوسون على الجثة.

الكثير من القتال العنيف في الفلوجة تم بواسطة قوات مكافحة الإرهاب المُدربة من الولايات المتحدة. وتم تصميم الوحدات من أجل المداهمات الليلية عالية السرعة، كما انه تم تجهيزها للقيام بمهام قوات المشاة.

اما بالنسبة لوحدات مكافحة الإرهاب، كانت الفلوجة هى الاحدث في سلسلة طويلة من الاعتداءات. تم إرسال وحدات مكافحة الارهاب أينما كان القتال أثقل وأكثر أهمية، في ظل سعي الحكومة في إعادة بناء الجيش الاعتيادي.

ان مقاتلي تنظيم "داعش" قاموا ببناء مخابئ في المنازل التي كانوا قد استولوا عليها في المدينة. عندما تحركت قوات مكافحة الإرهاب العراقية الى تلك المنازل، اكتشفوا أبواباً حديدية تغطي ثقوب في رخام وبلاط المنازل. 

في منازل اخرى، كانت المخابئ مخازن للأسلحة. خلال واحدة من أيامي الأخيرة في الفلوجة، اطلق مقاتلي تنظيم "داعش" المختبئون في المدينة اعداد كبيرة من قذائف الهاون.

وفي بيت واحد، كانت الذخائر بما في ذلك المتفجرات موجودة بكثرة في مطبخ المنزل، كما كان يوجد مكونات مميتة أخرى مثل أكياس من محمل كريات، مسامير وغيرها من الشظايا.

عدد من المنازل الاخرى في الفلوجة قد تم تحويلها الى غرف للتعذيب، ووفقا لبعض من قوات الأمن، كان يستعملها التنظيم في الاستعباد الجنسي.

قال أحد الضباط، الذين تحدثوا علناً ​​بشرط عدم الكشف عن هويته، أن تنظيم "داعش" مختلفاً عن المتمردين الذين اعتاد قتالهم. قال الضابط ان المتمردين يمكنك التفاوض معهم، ولكن مقاتلي "داعش" ليس لديهم مرونة.

الملازم في قوات الطوارىء العراقية، حسن الموساوي أخذني لزيارة سجن للتنظيم اكتشفته وحدته في حي كان يوماً ما أحد ارقى أحياء الفلوجة. وفي مكان قريب، اكتشفنا منزل محترق من طابقين حيث نفذ التنظيم الارهابي عملية تعذيب.

وفي مدرسة سابقة، كان هناك العديد من الجثث المتحللة في قبر تم حفره على عجل، ثم تُركت الجثث لتتعفن في حرارة تصل الى 120 درجة.

كان الضحايا معصوبي العينين ويبدو أنه قد تم قتلهم بواسطة مقاتلي تنظيم "داعش" اثناء فرارهم من المدينة. ما يقرب من 60،000 عراقي تمكنوا من الفرار من الفلوجة يعيشون الآن في صحراء محافظة الانبار. 

وعلى الرغم من أن الفلوجة تقع على بعد 40 ميلاً فقط من بغداد، كانت السلطات تخشى التقدم اليها خوفا من تراجع المسلحين الذين قد يحاولون التسلل الى المدينة.

معظم قوات تأمين الفلوجة والمناطق المحيطة بها هم من الشيعة، ولكن الأسر والمعتقلين هم من السنة. وبالرغم من وجود بعض التقارير المؤكدة عن جرائم قتل وإيذاء، فإن استياء الناس وخوفهم يُسمع همساً.

النصر لم يكن أبداً نهاية القصة هنا.