غزة- حنان شبات
بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر أكثر من 51 يومًا، انتهك فيها الاحتلال كل القوانين الدوليّة والتي ضربها بعرض الحائط، سواء باستهداف المدنيين وتدمير المنازل فوق ساكنيها أو استهداف البنية التحتية في القطاع.
وتعمّدت قوات الاحتلال، خلال الحرب، تدمير كل شئ بالقطاع حتى مضخّات صرف المياه الصحي، والمتوقّفة من الأساس بسبب عدم وجود الوقود الكافي لتشغيلها، فبدأت معاناة أخرى تظهر لسُكّان القطاع؛ وهي أنَّ البعوض بدأ يغزو منازل السكان ويؤجج مضاجعهم، حيث أنَّ بِرك الصرف الصحي المنتشرة في القطاع أصبحت ملاذ دافئ لها وتشنّ غاراتها المؤذية من حين لآخر.
وتُعدّ قرية المغراقة الواقعة في المحافظة الوسطى، وسط القطاع، من المناطق التي يعاني سكان القرية من انتشار أعداد كبيرة من حشرات البعوض؛ لقربها من وادي غزة الذي يُعد موطن ومسكن لهذه الحشرات اللاسعة، كما يُعد مصدر من مصادر انتشار الروائح الكريهة في أرجاء القرية كافةً.
وأكد المواطن نادر حسان (39 عامًا) احد سُكّان القرية، أنَّ وادي غزة يعتبر مسكن وبيئة ملائمة لتكاثر حشرة البعوض التي تغزو القرية مع بداية فصل الصيف من كل عام، بالإضافة إلى المعاناة التي يعانيها سكان القرية نتيجة الروائح الكريهة الناجمة من وادي غزة.
وأضاف حسان: "أطفال وأبناء القرية لا ينامون الليل بسبب قرصات البعوض لهم, وتعرض أبناؤه لأمراض عديدة كالسخونة والصداع الحاد نتيجة لما يحمله البعوض من أمراض خطيرة نقلها لهم عبر وادي غزة المليء بالأوبئة والأمراض".
وأشار حسان إلى أنَّ أهالي القرية رفعوا في وقت سابق شعارات مطالبة برفع الحصار، الذي زاد من معاناتهم فيه نتيجة فقدان الإمكانيات اللازمة للبنية التحتية ولاسيما فيما يتعلق بشبكات الصرف الصحي، والتي أدت لتبرك مياه الصرف الصحي الراكدة والمتجمعة في قاع الوادي في المنطقة، والتي نتج عنها انتشار البعوض بشكل كبير إضافة إلى الروائح الكريهة التي عرّضت أهالي المنطقة للأمراض المُعدية والخطيرة.
وبدوره أكد رئيس بلدية المغراقة، يوسف أبو هويشل، أنَّ أكثر من خمسين ألف نسمة بالمنطقة الوسطى يتعرضون لما يخلّفه التلوث البيئي في وادي غزة من أمراض نتيجة انتشار البعوض والروائح الكريهة, مصرّحًا بأنَّ البلديات المحيطة حاولت مرارًا وتكرارًا حلّ هذه القضية إلا أنها لم تفلح نتيجة الافتقار للمُعدات الضرورية اللازمة لشبكات الصرف الصحي.
وأشار أبو هويشل إلى أنَّ بلدية النصيرات تشارك بلديته في رش وادي غزة بمادة PTI المستخدمة في قتل البعوض، إلا أنَّ كلا البلديتين تفتقران إلى المواد اللازمة لعملية الرش.
أما منطقة بيت حانون، أقصى شمال القطاع، فهي ليست أفضل حال من سابقتها، حيث كانت تقتصر المشكلة في السنوات الماضية على معسكرات البعوض المنتشرة في برك القرية البدوية، لكن بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة واستهداف مضخة معالجة الصرف الصحي الرئيسية والتي كانت تعالج 70%من مجاري بيت حانون، تفاقمت المشكلة بشكل كبير جدًا.
أما المواطن أحمد أبو كميل، أحد سُكّان المدينة، فيُغلق نوافذ منزله قبل حلول الظلام ويحرق أقراص طرد البعوض في أغلب أرجاء منزله قبل الذهاب للنوم، إلا أنَّ البعوض ما زال يستعمر منزله بصورة كبيرة، مشيرًا إلى أنَّ البعوض لم يعد يتقيد بالليل فقط، إذ أنَّ أعداد منه تهاجم البيوت نهارًا.
وأضاف: "أشتري جميع أنواع مبيدات الحشرات قبل الصيف، وأبدأ برش الشجر المحيط بالمنزل خاصة شجرة الجوافة التي تقترب فروعها من شبابيك مطبخي، ورغم أنَّ البعوض لا يختفي نهائيًا إلا أنَّ خطره يقل إلى حد ما، كما تُدلّك زوجتي وجه أطفالنا بدواء مسكّن من قرصات البعوض كل ليلة".
يُذكر أنَّ حشرة البعوض تعيش على امتصاص الدم، عن طريق أنبوب حاد يثقب الجلد بسهولة وبمضختين صغيرتين تمصان الدم، وحتى لا يتخثّر الدم في البعوضة ترشُ عليه بعض لعابها ليسهل مصه، كما ويحمل لعاب البعوضة بالمناسبة طفيل الملاريا القاتل، فكل لدغة بعوضة بقطر مليمترات يحمل ما يقارب خمسين ألف طفيل ملاريا.