الرباط ـ رضوان مبشور
تسببت لافتة وضعت على واجهة إحدى الدور السكنية في مدينة الدار البيضاء كتب عليها "ممنوع منعًا كليًا كراء(تأجير) الشقق للأشخاص والطلبة الأفارقة" في إثارة جدل عميق في المغرب، حول العنصرية التي يتعرض لها أصحاب البشرة السوداء في المغرب. وبرر أصحاب الدور السكنية الرافضين لتأجير شققهم للمواطنين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء لـ"العرب اليوم"، أن السبب هو إثارة المهاجرين الأفارقة الضجيج والصخب داخل الشقق التي يقطنونها، بالإضافة أنهم عادة ما يكونون عبارة عن جماعة من الأشخاص يصل عددهم في بعض الأحيان إلى 10 أشخاص في شقة واحدة، ناهيك عن كونهم يسكنون بشكل مختلط ذكورًا وإناثا لا تربطهم أية علاقة زوجية مما يزيد من تفاقم المشاكل التي يتسببون فيها داخل الدور السكنية التي يقطنونها. واستنكرت مجموعة من الجمعيات الحقوقية المغربية ما أسمته "تمييزًا عنصريًا صارخاً في حق المواطنين الأفارقة"، وأدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، هذا الإجراء من أصحاب الدور السكنية، واعتبرته غير عادل وغير قانوني، مؤكدةً أن "العنصرية بعيدة كل البعد عن قيم الشعب المغربي المبني على التآخي والتسامح وتقبل الآخر". كما أدانت "رابطة الشباب الديمقراطيين المغاربة للدار البيضاء" في تصريح إلي جريدة "الأخبار" قرار أصحاب الدور السكنية في الدار البيضاء، والقاضي بمنع تأجير الشقق في عمارات البيضاء لفائدة الأفارقة، ووجهت "نداء إلى الأطراف المدنية للعمل على محاربة الظاهرة، داعين في الوقت نفسه إلى تعزيز ثقافة التسامح والتعددية التي ينهجها المغرب. مؤكدةً أن "تعليق كتابات في واجهات الدور السكنية يمنع تأجير الشقق للأفارقة يحظر بشكل ضمني، التأجير للمغاربة لكونهم ينتمون أيضًا للقارة الأفريقية". وفي مقابل ذلك، أفضي بعض المواطنين المغاربة لـ"العرب اليوم" بشأن سبب عدم وجود أي مظهر من مظاهر العنصرية عند المغاربة في اتجاه المواطنين الأوروبيين أو العرب المقيمين في العرب، وهو ما يطرح تساؤلاً عميقًا لدى البعض، إذا كان بالفعل "المغربي يعاني من عقدة الأجنبي"، مؤكدين أن "العنصرية ليست من عادات المغاربة، كما أن قرار بعض أصحاب الدور السكنية في الدار البيضاء لا يعدو سوى استثناءًا لا يجب تعميمه ويجب تجاوزه". وقال إدريسا مامادو، مواطن سنغالي يقيم في العاصمة المغربية الرباط ويعمل كبائع متجول لـ"العرب اليوم" أن "المغاربة ليسوا عنصريين بالشكل الذي يصوره البعض"، مؤكدًا أن "الأمر يتعلق فقط بالدور السكنية الراقية التي ترفض تأجير شققها لمواطنين أجانب أغلبهم لا يحوزون بطاقات الإقامة في المغرب، وبالتالي لا يمكن أن تلومهم، لأن عملية التأجير مبنية على القانون و الثقة"، معترفاً في الوقت نفسه بأنه "من الصعب أن يجد المواطن الأفريقي المنحدر من دول جنوب الصحراء شقة بالأحياء الراقية، لكن ذلك غير موجود في الأحياء الهامشية للمدن". وعرفت أعداد المواطنين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء في الأعوام الأخيرة تضاعفًا، في ظل غياب أي إحصاءات رسمية تؤكد عددهم، ويتمركز أغلبهم في المدن المغربية الكبيرة مثل الدار البيضاء والرباط وأغادير وطنجة، كما أن أغلبهم اختار الاستقرار في المغرب بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا في الأعوام الأخيرة، ويشتغلون على وجه الخصوص في التجارة وأشغال البناء والزراعة.