اغاديز ـ فلسطين اليوم
يفترش اكثر من مئة رجل ممدين على حصر مصنوعة من القصب ارض محطة اغاديز للنقل البري كلهم منقبون عن الذهب عائدون او منتقلون الى اقصى شمال النيجر في ظل حمى الذهب التي تهيمن على البلاد منذ سنتين.
وبدأت القصة بشكل عرضي. فيروي الحاج محمد ساليه وهو دليل سابق يعرف صحراء النيجر خير معرفة "علق ناس بسيارتهم في رمال الصحراء. عندما اخرجوا سيارتهم اكتشفوا نثر ذهب. كان ذلك في العام 2013 قرب دجادو".
ويوضح "كان المكان مثل حفرة ازالت عنها الريح الرمل. ولم يبق سوى الذهب. وقاموا بثلاث رحلات وعند عودتهم الثالثة انطلق كل شيء".
لا يعرف ان كانت هذه القصة صحيحة بالكامل ام اضيفت اليها عناصر تشويق، الا ان اسطورة دجادو وهي منطقة واسعة واقعة عند حدود سلسلة جبال صغيرة في منطقة قاحلة ووعرة، انتشرت بسرعة كبيرة في النيحر والدول المجاورة حتى.
وينشط راهنا عشرات الاف المنقبين من النيحر وتشاد والسودان في دجادو على بعد اكثر من الف كيلومتر شمال شرق اغاديز في ظروف صعبة جدا. فهم يحصلون على المياه وهي سلعة نادرة جدا في مقابل فتات الذهب احيانا وبالفرنك الافريقي احيانا اخرى.
الا ان هذه التضحيات تؤتي ثمارها احيانا. ويقول ابراهيم ابوبكر مبتسما "اعيش حياة جيدة بفضل الذهب الذي عثرت عليه".
وهو متحدث لبق، فهو كان تلميذا في المرحلة الثانوية التي غادرها قبل حصوله على الشهادة الثانوية ليصبح منقبا عن الذهب.
ويقول مبررا ذلك "لدي الكثير من الاصدقاء من حملة الشهادات لا بل الدكتوراه. وهم في نيامي لكن لا عمل لهم. في دجادو، ثمة اشخاص يحققون مليونا (1500 يورو) واو مليونين (ثلاثة الاف يورو).. لم يتصوروا يوما ان بامكانهم تحقيق ذلك في شهر واحد".
ابراهيم ابوبكر الذي يطلق عليه لقب "الصديق" يرفض الكشف عن كمية الذهب التي عثر عليها خلال رحلتين في دجادو. لكنه يؤكد ان "ثمة الكثير" في المكان. ويقول "للعثور على الذهب يكفي الحفر على عمق متر او مترين".
ويقول حميدو اسماعيلة وهو مشتر في الثلاثين يتعامل معه صديق "في البداية كان الناس يعودون الى اغاديز مع ثلاثة كيلوغرامات او اربعة او حتى خمسة. الامر بات اصعب الان. وهم يجدون 300 او 400 غرام او كيلوغرام واحد كحد اقصى".
وردا على اسئلة وكالة فرانس برس، قالت وزارة المناجم في نيامي ان "لا فكرة لديها" حول الكميات التي تستخرج. لكن يبدو ان هذه الكميات كبيرة نظرا الى الفورة المنجمية التي تحول وجه اغاديز بشكل كبير.
فالمنازل الجديدة تنتشر في محيط "بوابة الصحراء" التي اصبحت ايضا مركزا للمهاجرين الافارقة الساعين الى الوصول الى اوروبا.
وتكثر ايضا المتاجر التي تبيع مجسات الكشف عن المعادان وتصليحها فضلا عن العربات الصغيرة والرفوش. وهي حلت مكان الدكاكين التي كانت موجهة للسياح الذين هجروا اغاديز قبل سنوات اي منذ بدأت مجموعات الجهاديين تسيطر على المنطقة.
دجادو الواقعة على بعد 200 كيلومتر من ليبيا والجزائر وتشاد ليست بعيدة عن هذا الخطر. الا ان الناس الذين ينقبون عن الذهب فيها يؤكدون ان الاسلاميين لا يزعجونهم.
وترى الكثير من الاطراف ان وصول الذهب والمنقبين نبأ سار لاغاديز والنيحر البلد الفقير الذي تعصف به ازمات غذائية.
ويقول ريسا فيلتو رئيس بلدية اغاديز "حمى الذهب وصلت في الوقت المناسب. وقد سمحت للكثير من المواطنين بتجربة حظهم".
ويقول احمد هنجر وهو احد المسؤولين في السوق الحرفية حيث ينكب نحو عشرة عمال على تفتيت الصخور الصغيرة وغربلتها في حوض قبل ان يخلطوا بايديهم نثر الذهب بالزئبق "نشكر الله لانه على نعمة هذا الذهب".
لكن مع التنقيب عن الذهب يحضر ايضا التلوث وانعدام الامن. في دجادو يهاجم لصوص مسلحون المنقبين والتجار على ما يروي صديق موضحا ان احد اصدقائه تعرض لاطلاق نار وسرقت منه حوالى عشرة اجهزة لكشف المعادن.
وظهر نوع جديد من الجرائم قرب اغاديز. ويقول ابرام مانزو ديالو وهو صاحب صحيفة محلية "الناس هنا كسولون. البعض يفضل قطع الطرقات بالاسلحة والسيارات الرباعية الدفع عند حدود الصحراء لسرقة منقبي الذهب الذين عانوا الامرين خلال اشهر طويلة في الصحراء...".