ميونيخ - فلسطين اليوم
تكمل اتفاقات "مينسك-2" ربيعها الأول فيما يبرز المراقبون أنها لم تفرز حتى الآن سوى سحب الأسلحة الثقيلة عن خطوط التماس وتوقف المعارك وتحسن أمني طفيف وبضع تبادلات للأسرى.
ويعود القصور في تطبيق التسوية في منطقة "دونباس" شرق أوكرانيا إلى عدم تنفيذ جميع البنود التي اتفقت عليها أطراف التسوية، ما يحمل المراقبين على ترجيح انتهاء الأزمة هناك وفقا لواحد من سيناريوهات ثلاثة، يتيح أكثرها تفاؤلا التطبيق التام للاتفاقات العام الجاري ووضع حد للنزاع، فيما يرجح أصحاب السيناريو الثاني احتدام الوضع واستئناف القتال، في حين يرجح أصحاب السيناريو الثالث تجميد الأزمة وإرساء حالة الوضع الراهن إلى أجل غير مسمى.
تضمنت اتفاقات "مينسك-2" للتسوية شرق أوكرانيا تنفيذ جميع بنودها في غضون عام على التوقيع، إلا أنه ونظرا لعجز الأطراف عن تطبيق جملة من البنود الرئيسية، تقرر التمديد لـ"مينسك-2" ليتدرج تطبيقها حتى نهاية العام 2016.
الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو، وفي هذا الصدد، عبر عن أمله في أن يتم تطبيق الاتفاقات في غضون النصف الأول من العام الجاري، فيما ربط التنفيذ بتبني برلمان بلاده "الرادا"، تعديلات دستورية تحد من سلطة المركز وتمنح صلاحيات حكم ذاتي موسعة لبعض مناطق "دونباس" الخارجة عن نطاق إمرة كييف.
ومنه، ففي ربط الرئيس الأوكراني تنفيذ البنود بتبني "الرادا" التعديلات الدستورية، يرى مراقبون مسوغا لتنصل كييف من "مينسك-2"، لا سيما وأن البرلمان الأوكراني لم يجمع بعد على هذه التعديلات ولا يلوح في الأفق أي قبول شامل لها تحت قبة "الرادا".
وفضلا عن إخفاق الطرفين في تسوية جملة من الخلافات السياسية وفي مقدمتها شروط إجراء الانتخابات في مناطق "دونباس" الخارجة عن حكم كييف، تتضارب مواقفهما كذلك حيال مراحل تطبيق "مينسك-2".
فكييف من جهتها، تطالب بوقف تام لإطلاق النار، وبسط سيطرتها على كامل حدود المقاطعتين الخارجية، إضافة إلى إتاحة مشاركة الأحزاب الأوكرانية في انتخابات "دونباس".
أما جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان المعلنتان من جانب واحد، فتطالبان وبصوت واحد بتبني "الرادا" الأوكراني التعديلات الدستورية ذات الشأن، بحيث تحصلان على صفة خاصة في إطار الدولة الأوكرانية، كما تطالبان بإعلان كييف العفو العام عن جميع المتهمين "بنشاطات انفصالية" في "دونباس"، على ألا يتم تسليم إدارة الحدود لكييف قبل إجراء الانتخابات.
بين المؤمنين بهذا السيناريو رسلان بورتنيك رئيس المعهد الأوكراني للتحليل والإدارة السياسية، والذي عبر في تعليق لـ"نوفوستي" عن ثقته التامة بدخول الاتفاقات حيز التنفيذ خلال عام أو اثنين.
فقال: "اتفاقات مينسك ستدخل التنفيذ لا محالة بشكل أو بآخر، وربما ستضاف عليها بعض التعديلات، لكنها لن تصبح واقعا قبل عامي 2017-2018، إذ لا تتوفر اليوم الشروط اللازمة لتطبيقها".
يرى نيقولاي سونغوروفسكي مدير قسم البرامج العسكرية لدى مركز رازومكوف الأوكراني أن تصعيد النزاع واحتدامه شرق أوكرانيا قد يحدث قبل الخريف المقبل، وفي حديث لـ"نوفوستي" قال: "أعتبر أن السيناريو الأقرب إلى الواقع، هو ذاك الذي يرجح التصعيد واندلاع القتال قبل حلول الخريف المقبل. أرجح أن يتم استخدام القوة، مع أسفي"، معللا طرحه هذا بالانتخابات المحلية التي يتم التحضير لها في المناطق الخارجة عن سيطرة كييف.
وفقا لهذا السيناريو، اعتبر رسلان بورتنيك أن أطراف النزاع في الوقت الراهن سوف تضطر للبحث عن أي حل وسط، نظرا لانعدام الظروف اللازمة لتطبيق "مينسك-2"، وأضاف: "أرى أن السبيل الراجح أكثر من سواه والذي ستسلكه التطورات هذا العام، سيأخذ منحى تجميد النزاع، إلا أن الجمود لن يكون تاما، حيث سيترافق بمفاوضات بلا نتائج ملموسة. هذا يعني أن ما نشهده على حلبة النزاع اليوم، ليس إلا مثالا صارخا على جمود النزاع المحتمل"