رانغون - فلسطين اليوم
وسط الاغاني والاجواء المرحة، انتهت الجمعة الجلسة الاخيرة للبرلمان البورمي الذي يهيمن عليه ورثة المجلس العسكري على ان يسلموا انصار اونغ سان سو تشي زمام الامور الاثنين.
وبعد ثلاثة اشهر من انتخابات تشريعية اسفرت عن فوز كاسح "للرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية"، يودع المسرح السياسي اكبر اكثرية من النواب منذ خمس سنوات.
وفي اعقاب جلسة عمل صباحية، التقى النواب الجدد والقدامى ونظموا حفلا كبيرا تناوبوا فيه على الغناء في مطعم هذا البرلمان المبني وسط الحقول في العاصمة الادارية نيابيداو.
وقالت اونغ سان سو تشي قبل بدء حفل الغناء "اود ان اشكر النواب القدامى... الذين مهدوا الطريق للنواب الجدد".
واضافت سو تشي في كلمتها الموجهة الى رجال سياسة من كل الاتجاهات "اعتقد ان في امكاننا جميعا ان نتعاون من اجل بلادنا وشعبنا، سواء أكان ذلك في البرلمان ام في خارجه".
وعلى رغم الهزيمة الساحقة ل "حزب الاتحاد والتضامن والتطور" الحاكم الذي انشأه المجلس العسكري (حل نفسه في 2011) امضى النواب الخاسرون اوقاتهم في تكرار الكلمات المعسولة.
ولدى افتتاحه الجلسة، حمل مرح رئيس "حزب الاتحاد والتضامن والتطور" رئيس مجلس النواب، كين اونغ ميينت النواب على الضحك. وقال "كنت ارغب في ان اقول الى اللقاء لجميع النواب مع قصة طريفة حول كل منهم (...) لكن الوقت ضيق".
- قرية سياسية -
وكوفىء اونغ ميينت ايضا بتصفيق حاد لتأديته اغنية بورمية عنوانها "قرية سياسية" خلال حفل التباري بالاغاني.
وقد تناقضت هذه الاجواء مع اجواء الحياة السياسية البورمية التي ضبط وتيرتها العسكريون طوال عقود ودمروا البلاد وعزلوها على الصعيد الدولي.
لكن البلاد انفتحت تدريجيا منذ تشكيل حكومة شارك فيها المدنيون. فقد افرج عن مئات السجناء السياسيين وحصلت الصحافة على حرية التعبير وبدأ الانفتاح الاقتصادي...
ونظمت البلاد اخيرا انتخابات حرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 مهدت الطريق لوصول حزب اونغ سان سو تشي الى الحكم، بعد حوالى 30 عاما من النضال ضد المجلس العسكري وورثته، منها خمسة عشر عاما في الاقامة الجبرية.
واشاد الرئيس ثين سين الذي سيبقى في الحكم حتى نهاية اذار/مارس، امس الخميس ب"انتصار" الديموقراطية.
ويعتبر معظم نواب حزب اونغ سان سو تشي الذين يشكل الاطباء والشعراء والاساتذة القسم الاكبر منهم، مبتدئين في السياسة. لذلك اعاد الحزب نوابه الجدد الى مقاعد الدراسة للحصول على دروس مكثفة حول البرلمان والقانون البورميين.
والتحديات التي تنتظر البرلمان الجديد وسو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام، كبيرة في الواقع.
فبورما التي يبلغ عدد سكانها 51 مليون نسمة، ما زالت واحدة من افقر بلدان المنطقة. والتعليم والصحة هما من القطاعات المدمرة، ويصل التيار الكهربائي الى 30% من الناس فقط.
من جهة اخرى، لا يزال الجيش يشكل قوة سياسية لا يستهان بها في البرلمان، لان 25% من المقاعد مخصصة لنواب عسكريين غير منتخبين.
وتجري سو تشي منذ فوزها مفاوضات مكثفة مع السلطة المنتهية ولايتها. وقد عقدت لقاء جديدا مع قائد الجيش هذا الاسبوع.
ولا يمكنها ان تترشح في الوقت الراهن، بسبب مادة في الدستور تمنع الاشخاص الذين يحمل ابناؤهم جنسية اجنبية، من الوصول الى سدة الرئاسة. ويحمل ابناها الجنسية البريطانية.
واذا ما حصلت على دعم النواب العسكريين (الذين يحتفظون بالاقلية المعطلة من 25% من المقاعد) تستطيع تغيير الدستور.
واعتبر كين زوا وين المتخصص في الشؤون البورمية ان سو تشي "واجهت خلال مسيرتها عددا كبيرا من العقبات التي لم يبق منها سوى واحدة". وقال "لكنها تحتاج الى مساعدة العسكرييين" لتجاوزها.
وبعد ثلاثين عاما من النضال ضد المجلس العسكري، وصلت سو تشي الى درج السلطة للمرة الاولى