مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا

يبدأ مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الاثنين مهمة صعبة تقضي بادارة محادثات بين وفدي النظام السوري والمعارضة تهدف الى وضع حد للنزاع المستمر منذ قرابة خمس سنوات.

وتنطلق المحادثات التي تأخرت اياما بسبب تردد المعارضة في المشاركة ومطالبتها بتنفيذ مطالب انسانية على الارض قبل بدء البحث في السياسة، غداة تفجيرات انتحارية دامية تسببت بمقتل 71 شخصا في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق وتبناها تنظيم الدولة الاسلامية.

وتعكس هذه التفجيرات مدى تعقيد النزاع السوري المتشعب الجبهات والاطراف، والضرورة الملحة للتوصل الى حل للنزاع.

ويرفض الجانبان اجراء مفاوضات مباشرة، وقد وافقا على ان يستقبل دي ميستورا كل من الوفدين بشكل رسمي ومنفصل في مقر الامم المتحدة في جنيف.

الا ان الامم المتحدة اعلنت ارجاء اجتماع مقرر بين الموفد الدولي والوفد الحكومي الاثنين "لافساح المجال للقاء وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية اولا".

واوضح مصدر قريب من الوفد السوري لوكالة فرانس برس ان الاجتماع ارجىء الى الاربعاء. وقال المصدر ان دي ميستورا ابلغ الوفد الحكومي الذي سبق له ان اجتمع به الجمعة، انه لا يستطيع لقاءه مرتين في حين لم يلتق بعد وفد المعارضة.

ومن المقرر ان يستقبل دي ميستورا وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارض الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش.

ويريد دي ميستورا اقامة حوار غير مباشر بين الجانبين عبر مندوبين يتنقلون بينهما. وكان اعلن لدى تحديد موعد المفاوضات ان العملية يمكن ان تستغرق حتى ستة اشهر.

وتتمسك المعارضة بتطبيق مطالب انسانية تتعلق بايصال المساعدات الى مناطق محاصرة ووقف القصف على المدنيين، قبل بدء التفاوض، وتصر على حصر التفاوض بالمرحلة الانتقالية التي يجب ان تنتهي برأيها بازاحة الرئيس بشار الاسد.

اما النظام فيتهم المعارضة باضاعة الوقت وب"عدم الجدية" وبالسعي الى "تقويض الحوار".

وكتبت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات الاثنين نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية ان "موسكو وواشنطن توصلتا إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تتفق في ما بينها على دستور جديد للبلاد وتنظم انتخابات برلمانية ورئاسية لا تستبعد أحدا إطلاقا".

وشارك وفدان من الحكومة والمعارضة السوريتين في مفاوضات على مرحلتين باشراف الامم المتحدة في جنيف في مطلع العام 2014 لم تؤد الى نتيجة.

وتعلق الدول الكبرى امالا على قرار الامم المتحدة الصادر في 18 كانون الاول/ديسمبر والذي نص على خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة، وعلى وقف لاطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا، لكن من دون ان يشير الى مصير الرئيس السوري.

وتريد القوى الكبرى التي طالتها تداعيات النزاع المتمثلة بالتهديد الجهادي وازمة الهجرة، ان يتمكن السوريون من الاتفاق على حل، ليكون في الامكان مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يحتل مساحات واسعة من سوريا والعراق.

- آمال متواضعة -

لكن حجم الهوة الفاصلة بين الطرفين وداعميهما الاقليميين والدوليين لا تبعث امالا بتحقيق تقدم على المدى القصير او المتوسط.

وابرز المفاوضين في الوفد السوري إلى جنيف هو سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الذي اتهم المعارضة بأنها تفتقر الى "المصداقية".

وقال مصدر قريب من السلطات السورية ان نائب وزير الخارجية فيصل المقداد يشرف على المفاوضات من دمشق.

اما كبير المفاوضين في وفد المعارضة فهو محمد علوش، ممثل "جيش الاسلام"، احد ابرز الفصائل المقاتلة المعارضة، الذي تصفه دمشق ب"الارهابي".

وقال علوش في اتصال مع فرانس برس الاحد "بشار الاسد اكبر ارهابي"، مشيرا الى انه سيصل الى جنيف بعد ظهر الاثنين.

وهددت الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة بعد وصول وفد كبير منها الى جنيف السبت، بانها ستنسحب من المفاوضات في حال واصل النظام ارتكاب "الجرائم".

الا ان دبلوماسيين غربيين ذكروا ان رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب سيصل الى جنيف الاثنين، في ما يمكن ان يدرج ضمن مؤشرات التفاؤل ولو المتواضع.

في واشنطن، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في رسالة موجهة الى وفدي المعارضة والنظام "نظرا الى ما تنطوي عليه هذه المحادثات من اهمية، اناشد الطرفين اغتنام هذه الفرصة على الوجه الافضل"، وطالب النظام السوري بالسماح بايصال المساعدات الانسانية الى البلدات المحاصرة مثل مضايا في ريف دمشق.

وبدا واضحا ان كيري يسعى الى اعطاء المعارضة اشارة الى ان الولايات المتحدة تدعمها في مطالبها، في محاولة لدفعها للمضي في المحادثات.

ورغم الاتهامات المتبادلة بين الطرفين السوريين وصعوبة العملية، أعرب دي ميستورا الأحد عن "تفاؤله وتصميمه" على مواصلة جهوده.

واوقع النزاع السوري اكثر من 260 الف قتيل منذ العام 2011 وادى الى تهجير اكثر من نصف السكان الى دول مجاورة او الى اوروبا التي يواجهون مخاطر جسيمة في بلوغها.

وقال مفوض الامم المتحدة لحقوق الانسان زيد رعد الحسين لصحافيين الاثنين في جنيف ان جرائم الحرب المرتكبة في سوريا يجب الا تنال اي عفو.

وقال "لدينا موقف مبدئي في الامم المتحدة بعدم منح اي عفو للمشتبه بارتكابهم جرائم ضد الانسانية او جرائم حرب"، مضيفا "نأمل بان يشدد الوسطاء خلال المفاوضات على هذه النقطة لدى اطراف النزاع".