نيويورك ـ فلسطين اليوم
أعلنت الأمم المتحدة أمس الإثنين انطلاق محادثات السلام من أجل سوريا داعية قوى العالم للضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الرغم من شن القوات الحكومية مدعومة بغطاء جوي روسي أكبر عملية عسكرية لها خلال عام على مقربة من مدينة حلب.
وسيطرت القوات الحكومية والمقاتلون المتحالفون معها على الريف الجبلي على تخوم مدينة حلب يوم الإثنين مما يضع خط إمدادات رئيسيا تستخدمه الفصائل المسلحة المعارضة للنظام ضمن مرمى النيران وفقا لما أورده المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مقاتلو المعارضة إن العملية العسكرية تجري وسط قصف جوي روسي مكثف على الرغم من تعهدات حكومة دمشق باتخاذ خطوات حسن نية لتحفيز محادثات السلام.
وكانت المعارضة السورية قد أعلنت في السابق أنها لن تشارك في مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة إذا لم يتوقف القصف وترفع الحصارات المفروضة على عدد من المدن والبلدات ويطلق سراح المعتقلين.
لكن على الرغم من عدم حدوث ذلك التقى ممثلو المعارضة في جنيف مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا على مدى ساعتين اعتبرهما المسؤول الدولي بداية رسمية للمحادثات.
وشدد دي ديستورا على أن الشعب السوري يستحق أن يشهد تحسنا في الوضع على الأرض مشيرا إلى أن المعارضة لديها "وجهة نظر قوية" في مطالبتها بخطوات حسن نية.
ودعا دي ميستورا القوى الدولية إلى بدء محادثات على الفور بشأن كيفية فرض وقف لإطلاق النار.
وطغت العملية العسكرية للقوات السورية على محاولات دي ميستورا لإطلاق أول محادثات سلام بشأن سوريا منذ عامين يفترض بها أن تتم بشكل غير مباشر ويتواجد فيها وفدا الحكومة والمعارضة في قاعتين منفصلتين.
وفي هذه الأثناء زار مسؤول أمريكي رفيع مناطق في شمال سوريا يسيطر عليها المقاتلون الأكراد الذين حققوا مكاسب ميدانية ضد تنظيم الدولة الإسلامية بمساندة غارات أمريكية.
وتمثل محادثات السلام في جنيف المحاولة الأولى منذ عامين لعقد مفاوضات بشأن النزاع السوري، الذي تدخلت فيه قوى عالمية وإقليمية وأسفر حتى الآن عن مقتل 250 ألف شخص على الأقل وأجبر نحو عشرة ملايين على النزوح من منازلهم.
ومن جهة أخرى أشار المرصد إلى أن عدد القتلى في تفجير انتحاري نفذه تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة تسيطر عليها الحكومة قرب دمشق وتضم مقام السيدة زينب الشيعي الأقدس ارتفع إلى أكثر من 70 شخصا.
الهجوم
ووافقت الهيئة العليا للتفاوض التي تمثل معظم أطياف المعارضة السورية في وقت متأخر من يوم الجمعة على السفر إلى جنيف بعد قولهم إنهم تلقوا ضمانات لتحسين الوضع الداخلي في البلاد بما يشمل إطلاق سراح معتقلين ووقف الهجمات على المناطق المدنية.
غير أن المعارضة تقول إنه منذ ذلك الحين لم تتراجع العمليات العسكرية مع استمرار هجمات القوات الحكومية السورية وحلفائها من الجماعات الشيعية المسلحة على مناطق مهمة في غرب سوريا شملت في الآونة الأخيرة شمال حلب.
وقال قائد إحدى الفصائل المنضوية تحت إمرة الجيش السوري الحر التي تقاتل في المنطقة "بدأ الهجوم الساعة الثانية فجرا بالغارات والصواريخ". وتسيطر المعارضة على أجزاء من مدينة حلب وتسيطر الحكومة على أجزاء أخرى.
وأضاف أحمد السعود لـ"رويترز" أن جماعته أرسلت تعزيزات إلى المنطقة القريبة من قرية باشكوي.
وأضاف من محافظة إدلب المجاورة "أخذنا ضمانات من أمريكا والسعودية لندخل المفاوضات.. لكن النظام ليس لديه حسن نية ولم يظهر لنا أي حسن نية."
وقال المرصد السوري إن القوات الحكومية تحقق مكاسب ميدانية في المنطقة وقد سيطرت على معظم قرية دوير الزيتون قرب باشكوي، وأشار المرصد إلى أن عشرات الغارات شنت على المنطقة صباح اليوم في حين أكد التلفزيون السوري الرسمي أن القوات الحكومية تتقدم هناك.
وأدى القتال إلى موجة نزوح جديدة، وأعلنت وكالة إدارة الكوارث التركية إن أكثر من 3600 شخص من التركمان والعرب فروا أثناء تقدم القوات الموالية للحكومة في شمال محافظة اللاذقية وعبروا إلى تركيا في الأيام الأربعة الماضية.
مفاوضات "في ظل التصعيد"
وأشارت الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة إلى أنها ستغادر جنيف ما لم يتم تنفيذ خطوات نص عليها قرار لمجلس الأمن في 18 من ديسمبر تدعم عملية السلام وتشمل رفع الحصار المفروض على مناطق.
وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة يوم الأحد إن دمشق تدرس خيارات منها وقف إطلاق النار وإنشاء ممرات إنسانية والإفراج عن سجناء. لكنه أشار إلى أن ذلك قد يحدث نتيجة للمحادثات وليس قبلها.
وأضافت الأمم المتحدة يوم الاثنين إن الحكومة السورية وافقت "من حيث المبدأ" على طلب من المنظمة الدولية لتسليم مساعدات إلى بلدات مضايا والفوعة وكفريا المحاصرة.
وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "بناء على هذا.. ستقدم الأمم المتحدة قائمة مفصلة بالإمدادات وتفاصيل أخرى .. وسوف تضم وتؤكد مجددا على طلب تقديم مساعدات غذائية والسماح بدخول فرق لتقييم الأوضاع الغذائية والصحية."
ولم يتم تحديد موعد لإرسال المساعدات.
وقالت العضو بوفد المعارضة فرح الأتاسي إن القوات الحكومية تصعد حملتها العسكرية وهو ما يجعل من الصعب تبرير وجود المعارضة في جنيف. وأشار مسؤول آخر في المعارضة إلى القصف الروسي العنيف على منطقة شمال حمص يوم الأحد باعتباره علامة على عدم حدوث أي تغير.
وقالت فرح الأتاسي "سنذهب اليوم إلى السيد دي ميستورا للمطالبة مجددا وللمرة الألف.. "وللقول" إن المعارضة السورية حريصة على إنهاء معاناة الشعب السوري."
وأضافت قولها "لكن لا يمكننا أن نطلب من المعارضة السورية الدخول في أي مفاوضات مع النظام في ظل هذا التصعيد."
وقال بريت مكجورك المبعوث الأمريكي لدى التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية إن زيارته التي جرت في مطلع الأسبوع تهدف لمراجعة القتال ضد التنظيم.
وأثبت المقاتلون الأكراد أنهم الحلفاء الأكثر فعالية على الأرض للقوات التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا وتمكنوا من إحراز مكاسب ميدانية على تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن علاقتهم مع واشنطن قد تغضب تركيا المجاورة التي تشعر بالقلق إزاء تزايد نفوذ أكراد سوريا خشية أن يثير ذلك مشاعر انفصالية بين الأكراد الأتراك.
واستبعد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري الرئيسي من محادثات السلام السورية.
وقال مكجورك إنه "بحث الخطوات التالية في الحملة السورية" مع "مقاتلين متمرسين ومتعددي الأعراق مناهضين للتنظيم"، مشيرا إلى أن واشنطن تدعم نهجا شاملا حيال مسألة المفاوضات.
وقال دبلوماسي غربي كبير إن المعارضة حضرت حتى لا تعطي "ميزة مباشرة للنظام".
وأضاف "يريدون أشياء ملموسة وواضحة بشكل فوري.. لكن هناك أمورا ليس من المعقول فعلها حاليا مثل إنهاء القصف، من الواضح أنه صعب للغاية أسهل التسويات هي الإفراج عن المدنيين والأطفال."
نقلا عن أ. ش .أ