لندن - فلسطين اليوم
قال وزير الخارجية البريطاني السابق وليم هيج، إن "اقتراب ميقات الاستفتاء على مصير المملكة في الاتحاد الأوروبي، والمزمع الخميس المقبل، يغري بالتفكير فيما يدور في أذهان خصوم بريطانيا الكثيرين للأسف سواء كانوا داخل سواحلها في صورة الحزب الوطني الاسكتلندي أو خارجها كـروسيا".
وأكد هيج –في مقال نشرته التلغراف- أن "خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي مقابل بقاء اسكتلندا فيه سيعتبر بمثابة هدية للحزب الوطني الاسكتلندي... وقد تجاهلت حملة البقاء إثارة هذه النقطة لأن الحزب الوطني الاسكتلندي هو جزء من الحملة، فيما تجاهلتها حملة الخروج لأنها حقيقة مزعجة للغاية".
ومضى هيج، قائلا "دعونا إذن نتجول لبرهة من الزمن في أذهان زعماء الحزب الوطني الاسكتلندي أمثال نيكولا ستورجيون وألكس سالموند، لرؤية كيف سيستغلون لحظة خروج المملكة من الاتحاد: أول شيء سيفعلونه هو التعبير عن الغضب من النتيجة قائلين "إن رأي الشعب الاسكتلندي تم تجاهله وها هو هذا الشعب يخرج من الاتحاد رغما عن إرادته في مهزلة ديمقراطية".
وتابع هيج "لكن مهارة قادة الحزب الوطني الاسكتلندي ستتضح بعد ذلك في وضع برنامج مدروس بعناية لإيجاد حالة من المرارة والاستياء لدى كل خطوة من خطوات التفاوض الطويل على انسحاب المملكة المتحدة .. سيبدأ ذلك البرنامج بالمطالبة بأن يكون وزراء اسكتلنديون طرفا في تلك المفاوضات على أن يعمل هؤلاء الوزراء على عرقلة تلك المفاوضات حال الموافقة على طلب انضمامهم لها أو يعملون على التنديد بأي موقف يتم اتخاذه في تلك المفاوضات حال استبعادهم".
ورجح هيج، أن تكون "الحكومة الاسكتلندية طرفا ثالثا (مع المملكة والاتحاد الأوروبي) في كل بند من بنود وثيقة الطلاق هذه التي هي الأكثر فوضوية على الإطلاق، وأن تطالب هذه الحكومة بمطالب تبدو معقولة إلا أن معظمها لن يلقى قبولا... وفيما يتعلق بعمليات صيد الأسماك، فسيكون هنالك إصرار على أن تسيطر اسكتلندا على مياهها... وفيما يتعلق بالزراعة، ستصر الحكومة الاسكتلندية على حصول مزارعيها على ضمان من لندن بالحصول على نصف مدفوعات الاتحاد الأوروبي إلى الأبد .. وفيما يتعلق بتمويلات الإقليم الأوروبي، ستصر الحكومة الاسكتلندية على ألا يتم خصم (بنس) واحد من نصيبها سواء الآن أو في المستقبل".
وتابع هيج، "ولما كانت خسارة وظائف في الخدمات المالية كفيلة بالتأثير على اسكتلندا أكثر من المناطق الإنجليزية، فإن المطلب التالي سيتمثل في تعويضات خاصة من وزارة الخزانة البريطانية مقابل الخسائر الإضافية للوظائف في اسكتلندا .. وما أن يبدأ الحديث عن التجارة حتى ينفتح منجم حقيقي من المشاكل سيستغلها الحزب الوطني الاسكتلندي الذي سيطالب بصفقات خاصة لصالح بلاده على أن يدين هذا الحزب حكومة ويستمنستر إذا ما هي رفضت مطالبه".
ورجح الكاتب أن "الوزراء الاسكتلنديين سيسعون إلى إجراء محادثات مع دول أخرى حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الانضمام إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية دون بقية المملكة المتحدة، على أن يستنكر هؤلاء الوزراء بشدة إذا ما تدخلت الحكومة البريطانية لمنعهم من القيام بخطوات من هذا القبيل".
واستطرد هيج قائلا "وشهرا بعد شهر على طول الطريق إلى انتخابات 2020، ستكون الرسالة التي لا تنقطع هي: (إن اسكتلندا لم يتم إجبارها على الخروج من الاتحاد الأوروبي رغما عن إرادتها فقط، وإنما هي الآن تداس تحت الأقدام في مفاوضات الخروج) .. وعندئذ سيكون المشهد مهيئا لاستفتاء جديد، بعد خمس أو ست سنوات من الآن، في فرصة لم يحلم بها القوميون لتفتيت المملكة المتحدة... لا أحد يستطيع الجزم عما إذا كانت هذه الاستراتيجية قد تنجح، لكن ليس هناك ما يمنع توقع حدوثها على نحو كفيل بإلقاء بذور المرارة في تربة الجزر البريطانية".
وعلى صعيد آخر، قال هيج إن "خصوم بريطانيا ليسوا في الداخل فقط ، كما أن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي كفيل بأن يرسم ابتسامة على وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
ورجح هيج أن تسعى "روسيا حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى المهادنة لمدة ستة أشهر حتى يتم رفع العقوبات عن كاهلها، ثم بعد ذلك تشعر روسيا بالحرية في وضع الغرب تحت ضغوط سواء في أوكرانيا أو مولدوفا أو جورجيا أو أي مكان – إن مجرد اختفاء صوت بريطانيا من بروكسل كفيل بأن يغري الكرملين على الإقدام على مغامرته المقبلة".
واختتم هيج، قائلا: "وعليه، فإننا لسنا في حاجة إلى إحصائيات وتنبؤات وخبراء للوقوف على تبعات التصويت يوم الخميس المقبل لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي... إن الحقيقة بشأن مغادرة الاتحاد الأوروبي ليس فقط أنها تحمل في طياتها مجازفة، وإنما أننا لسنا مضطرين للتعرض لتلك المجازفات... لقد انتصرنا في معظم معاركنا التي خضناها لتكون بريطانيا عضوا مميزا في الاتحاد، وربما كان علينا نحن البريطانيين أن نخوض المزيد من المعارك في هذا الصدد فهي (هذه المعارك) أسهل من تلك التي يستعد لها خصومنا - ولهذا فإنني سأصوت بدون تردد لصالح بقاء المملكة في الاتحاد الأوروبي".