باريس - فلسطين اليوم
يعتبر جورج بولونجيه واحدًا من أبرز الشخصيات الفرنسية خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، فعقب ترقيته لرتبة كولونيل بالجيش الفرنسي بفضل إنجازاته خلال الحرب الفرنسية البروسية سنة 1870 ، كسب جورج بولونجيه شعبية كبيرة.
ولعب دورًا مركزيًا في قمع ثورة الكومون بباريس "Paris Commune" والتي قيل إنَّه أعدم خلالها العديد من المتهمين دون محاكمة وحصل جورج بولونجيه مع حلول سنة 1880 على رتبة جنرال ليصبح أصغر جنرال بالجيش الفرنسي، في الثالثة والأربعين من عمره.
وإثر حصوله على مناصب مرموقة عديدة كمسؤول على فرق المشاة بالجيش الفرنسي سنة 1882 وترشيحه سنة 1884 لمنصب قائد الجيش الفرنسي بتونس، لم يتردد الوزير الفرنسي جورج كليمونصو "Georges Clemenceau" سنة 1886 في تعيين الجنرال بولونجيه وزيرًا للحرب ضمن الحكومة الفرنسية.
وأفتقر الوزير الجديد للخبرة السياسية، حيث كاد يتسبب في اندلاع حرب فرنسية ألمانية عقب إعلانه التعبئة وتوجهه نحو الحرب بسبب خلاف بسيط بين البلدين.
ولهذا السبب، لم تدم فترة توليه منصب وزير الحرب طويلًا، إذ أقيل يوم الثامن عشر من شهر أيار/ مايو سنة 1887 عقب أوامر صادرة عن الرئيس الفرنسي جول غريفي "Jules Grévy".
وتحول جورج بولونجيه أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر إلى أقوى رجل في فرنسا ، فإثر إحالته على التقاعد المبكر سنة 1889، أصبح الأخير مصدر قلق لقادة الجمهورية الثالثة حيث كسب بولونجيه خلال السنوات السابقة قاعدة شعبية هائلة ليتحول تدريجيًا إلى أهم شخصية على الساحة السياسية الفرنسية، لذلك تخوّف الجميع من إمكانية إقدام الجنرال المتقاعد على تزّعم حركة انقلابية ينصب من خلالها نفسه دكتاتورًا على البلاد، بالتزامن مع الذكرى المئوية للثورة الفرنسية.
وسط كل تلك الأحداث، عاش الجنرال جورج بولونجيه منذ سنة 1887 على وقع علاقة غرامية مع امرأة حملت اسم مارغريت دي بونمان (Marguerite de Bonnemains) كانت تصغره بحوالي 18 سنة.
أقوى رجل يفر مع عشيقته
وخلال تلك الفترة، اتجه الرجل الفرنسي صاحب النفوذ إلى طلب الطلاق من زوجته في سعي منه للزواج بعشيقته مارغريت.
وأمام فشل جميع محاولات الطلاق وتراكم المشاكل السياسية عليه، تخلى الجنرال الفرنسي عن فكرة الانقلاب مفضلا الهرب برفقة عشيقته من الأراضي الفرنسية.
وهكذا غادر جورج بولونجيه ومارغريت دي بونمان فرنسا لينتقلا بادئ الأمر نحو العاصمة البريطانية لندن، قبل أن يتحولا لاحقًا نحو العاصمة البلجيكية بروكسل عقب حصولهما على اللجوء السياسي.
وتعرض جورج بولونجيه يوم السادس عشر من شهر يوليو/ تموز سنة 1891، إلى صدمة حقيقية، بعد أن فارقت عشيقته مارغريت دي بونمان الحياة، بين ذراعيه عن عمر يناهز 35 سنة عقب إصابتها بمرض السل، ليدخل الجنرال الفرنسي المتقاعد عقب ذلك في حالة انهيار نفسي عجّلت بنهايته.
وفي مذكراته الشخصية دوّن جورج بولونجيه كلمات حزينة حيث نقل الأخير ما يلي " لقد أصبحت جسدًا بلا روح. مازلت أراها كل ليلة معافاة، سليمة وجميلة كعادتها حيث ترافقني روحها الرائعة والمليئة بالمشاعر النبيلة، فضلا عن ذلك أسمعها يوميا وهي تردد بصوت حزين في أذني كلمة أنتظرك...".
خلال الأسابيع القليلة التي تلت وفاة مارغريت دي بونمان، عرف الجنرال القوي نهاية تراجيدية.
وفي حدود يوم الثلاثين من شهر أيلول/ سبتمبر سنة 1891 ، توجه نحو قبر عشيقته بمقبرة إيكسل (Ixelles) بالعاصمة البلجيكية بروكسل، وأطلق النار على نفسه في مستوى الرأس، ليسقط جثة هامدة فوق قبرها.